23 ديسمبر، 2024 1:04 ص

نحن الان في منتصف الطريق .. وامام نهايات سائبة ومقلقة ، بسبب سياسات حكومية فاشلة لاحتواء الازمة ، واجراءات ووعود كاذبة ، لا فائدة منها .
نحتاج اليوم الى خطاب سياسي جديد ، وخطاب أمني جديد / خطاب صادق ينبع من ضمير وطني ، ضميرعراقي ، يضع امامه صورة هؤلاء الشباب المنتفض الذين شكلوا لوحة عراقية رائعة من التحدي والصمود والثبات على المباديء ، بعد ان
صنعوا لنا ( حالة وطنية ) لم نعهدها من قبل ، ومنذ تاسيس الدولة العراقية سنة ١٩٢١.

انه واقع جديد ، واقع جيل نهض من اليأس ، ومن وعي تراكمي ظهر جليا وتجسد في ساحة التحرير ، من خلال الصوت والصورة والفعل .. جيل أعاد الاعتبار للشخصية العراقية ، جيل غير مسيس ، شهم غيور يقابل الرصاص بصدور عارية ، وأجساد نحيلة ولا يبالي ، لانه يشعر بان قضيته حق ، وتظاهره حق ، ومطلبه حق .

لقد خرج الشباب المنتفض بعد قهر وحرمان ، باحثا عن وطن الكرامة والآمان ، انه يريد وطنا حرا ، حاملا قضية عادلة عاضا عليها بالنواجذ ، ولن يتنازل عنها ابدا، قضية صارت هويته ومستقبله .
اكتب هذا .. لاني عشت معهم ساعات طويلة / فجرا، و ظهرا ، وليلا .
ويكفي لهؤلاء الفتية الذين آمنوا بالوطن .. انهم وطنيون عراقيون حد النخاع ، فلا يحق لاحد ان يزايد عليهم ، ولا يحق لاحد نعتهم بأوصاف ظالمة ، ومستهجنة خدمة لدولة تريد توظيف العراق توظيفا سياسيا لأهدافها العقائدية الشريرة .

يكفي لهؤلاء الفتية .. أنهم اسقطوا اوهام المقدس ، واسقطوا تيجان المدنس ، واجتازوا الخطوط الحمر للحاكم المجنس .
يكفي لهؤلاء الفتية .. انهم وحدوا العراقيين واسقطوا الطائفية شعارا ومنهجا ، وجعلوا العراقيين وبجميع طوائفهم ، ومذاهبهم ، ومشاربهم .. يتسابقون الى ساحة التحرير ، ساحة العز وساحة الشرف ، وساحة الارادة الوطنية الواعية .
اليوم .. تحاول حكومة عادل عبد المهدي اللعب على حبال الوقت ، وتفلسف الامور ، وتقسم المتظاهرين الى أخيار وأشرار ، والتلويح بعقوبات واجراءات قضائية ضدهم ، على اساس من تعريض اقتصاد البلاد للخطر ، وخسارة مليارات الدولارات يوميا .. ونسي دولة الرئيس ان الذي جعل العراق دولة فاشلة ، وخزينة خاسرة .. مجموعة من اللصوص والقتلة حكموا العراق منذ سنة ٢٠٠٣ وليومنا هذا .

اشرت في البداية الى خطر المنزلق والشرك الذي ستقع فيه حكومة عبد المهدي ، وهي للاسف حكومة محكومة وليست حاكمة ، وليس لها قرار سيادي مستقل ، وتجهل قواعد وفنون ادارة الازمة ، ولا تعرف سوى سلاح البطش و القوة ، والتلويح بانهاء وتصفية المظاهرات السلمية التي مر عليها اكثر من أسبوعين .

ان العنف المستمر وإطلاق الرصاص الحي واستخدام انواعا من القنابل السامة ، والإيغال بالسياسة الامنية التعسفية ، ستكون سببا في تغيير قواعد الاشتباك ، ويكون بعدها من العسير العودة الى مبدا التظاهر السلمي الذي كان هوية المتظاهرين ولحد هذه اللحظة ، فالسلاح يا سيادة الرئيس منتشر في البيوت وفي كل مكان ، واخشى ان يلجأ الشباب الى تشكيل خلايا سرية مسلحة ، وقتها ستقع البلاد في منزلق ومتاهات لا يستطيع احد التكهن بنهاياتها .. ويكون الانموذج السوري ماثلا امامنا لا سامح الله .
على العقلاء في البلاد ان يتداركوا هذا الخطر القادم .. لان قيادة المظاهرات ربما تفقد السيطرة عليها ، وستحاول دولا بعينها جرها الى نهايات لا احد يريدها .. الا من كان في قلبه مرض .

تمر الان .. بلدان عربية في مشاكل عصيبة بين الحكومات وشعوبها .. واظن ان الأنموذج السوداني الذي وجد حلولا سريعة لانقاذ السودان ، دون الانزلاق في صراع سياسي وعسكري طويل .. هو الأنموذج الذي يفيدنا .. / فهل نتعلم من تجارب الخيرين الرائعة .. ام نجعل الاخرين يملون علينا تجاربهم الفاشلة ..؟