7 أبريل، 2024 3:07 ص
Search
Close this search box.

الطوفان !

Facebook
Twitter
LinkedIn
اضاع ثوار كومونة باريس( 18اذار/مارس وحتى 28 أيار/مايو 1871)منجزات الانتفاضة التي هزت فرنسا على مدى شهرين؛ حين افتقدوا قيادة مركزية موحدة، وانشغلوا بما يعرف في الادبيات الماركسية الكلاسيكية بالجملة الثورية.
اليوم لم تعد آليات الثورة ماركسية خالصة؛ كما ان الجمل الثورية الرنانة؛ تحولت الى اغان وأهازيج وحسجات تفتقت عنها عقول وخواطر وحناجر وقلوب؛ الشابات والشبان المولودين من رحم القهر، والفاقة، والأهم من ذلك؛ في اجواء عالم افتراضي مفتوح؛ لا يهاب القمع ويعيش كل لحظة، مسلسل الفساد والمهانة وغياب السيادة؛ وهيمنة اللصوص والمجرمين على ممتلكات الدولة وثروات البلاد.
تحتاج كومونات العراقيين في بغداد،وفِي مدن الانتفاضة؛ الى قيادات بالتعيين؛ لان الانتخابات بحاجة الى إليات تفتقدها الشوارع والساحات المفتوحة.
ليس صعبا على الفتية البواسل، اختيار من يمثلهم في ادارة الانتفاضة،وصولا الى السيطرة السلمية؛ على الاحياء والمناطق، وتنظيم ادارتها كما ادار العراقيون شؤونهم في غياب مطلق لمؤسسات الدولة، وانهيار السلطة بعد الرابع من نيسان عام 2003؛ الذي أرخ للاحتلال وتوالت تداعياته الى اليوم.
لا يمكن لمراقب من الخارج؛ فرض وصفة للانتفاضة وإرشاد المنتفضين؛ بيد ان الوقائع تشير الى مخاوف جدية من احتمال ضياع الثورة ومنجزها الرئيس، دفن الطائفية، والقبول بحلول ترقيعية، تلجا اليها الزمرة الحاكمة لامتصاص النقمة، والعودة مجددا الى سياسات النهب، وشرعنة الفساد.
يتعين الثبات على مطلب إلغاء العملية السياسية الكسيحة برمتها وبكل أزلامها؛ بمن فيهم من يركب سفينة الانتفاضة.
قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ”
ولا يعني ذلك اللجؤ الى الاجتثاث، والحكم خارج القضاء على الطبقة الفاسدة المسؤولة عن خراب البلاد، وسبي العباد؛ بل ينبغي عزلها بقوة الضغط الشعبي الهائل، ضغط لم يسبق له مثيل في كل تاريخ العراق الحديث.
كما لم يحصل في كل تاريخ المواجهات بين الشعب العراقي وانظمة الحكم المتعاقبة منذ قيام الدولة العراقية الحديثة؛ان سقطت مثل هذه الإعداد من القتلى والجرحى في بضعة ايام من التظاهرات السلمية.
وإلى الان يتغنى الشيوعيون وأنصارهم بشهداء انتفاضة الجسر عام 1948 وكان عددهم بضع عشرات وتغير اسم الجسر بعد عام 1958 من ” الملكة عالية” الى
” الشهداء” وأصبح معلما في مقاومة الاحتلال،والمعاهدات الجائرة مع بريطانيا الاستعمارية التي يحمل جنسيتها اليوم معظم ممثلي الزمرة الحاكمة والمتحكمة بالمنطقة الخضراء في بغداد!
ان افتقار الانتفاضة للقيادة؛ يفسح المجال امام تسرب التيار الانتهازي لركوب موجتها والتفاوض نيابة عن مئات ألوف المحتجين، خاصة وان ” الخط الساخن” بينه وبين ايران مفتوح ، ولا بد ان فتوى الحائري خال مقتدى الصادرة في قم والمناوئة لانتفاضة العراقيين؛ تاتي في سياق مشترك مع الموقف الإيراني المعادي للانتفاضة؛والدور العسكري والسياسي للمؤسسة الايرانية بتجلياتها كافة في قمع الانتفاضة، وبتنسيق كامل مع الزمرة الحاكمة وأحزابها الفاشية.
ومع دخول انتفاضة تشرين الثانية يومها العاشر؛ يتحتم صياغة مشروع حكومة إنقاذ مؤقتة، تتولى التفاوض مع الهيئات الدولية ، استعدادا لإجراء انتخابات مبكرة برعاية اممية والبدء باليات تخليص السلطة من براثن حكومة اللصوص، وفقا لأحكام قانون الجنايات العراقي ، وليس اقدر من نقابة المحامين ونقيبها النزيه ضياء السعدي على هذا الدور التاريخي المًبرز.
لن ترسو سفينة انتفاضة تشرين على بر الأمان،الا بانبثاق قيادة، متحركة، مبادرة، تمثل البديل الشعبي السلمي لسلطة النهب والمليشيات وأحزابها الفاشية.
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب