26 نوفمبر، 2024 12:32 م
Search
Close this search box.

250 مليار دولار خسائر فضائح صفقات الفساد في العراق..!!

250 مليار دولار خسائر فضائح صفقات الفساد في العراق..!!

أكدت مراكز بحثية متخصصة ومسؤولين غربيين وعراقيين رفيعي المستوى ان موضوع الفساد في العراق يعد واحدا من أهم المواضيع التي تهدد بنية الدولة العراقية وتعرض شعبها الى مخاطر جمة ، كبلت البلد ديونا باهضة ، بسبب تفاقم فضائح الفساد في هذا البلد، والذي بلغ بحدود الـ 250 مليار دولار فقدها في غضون عشرة أعوام، وأن الفساد يستشري في المقام الأول في رئاسة الوزراء في المقام الأول.
وتشير دراسات ومراكز ابحاث الى ان صفقات الاسلحة هي من بين اكثر مجالات الفساد ضراوة ، وبخاصة في مفاوضات الحكومة العراقية سرا حول عقد للتسلح مع صربيا التي بلغت أقيامها  833 مليون دولار، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد أشارت الى ان وفدا عراقيا يضم 22 مسؤولا كبيرا قد ابرم هذا العقد بين العراق وصربيا في أيلول/ سبتمبر 2007 من دون علم المسؤولين العسكريين الاميركيين في العراق والاتفاق الذي تفاوض وزير الدفاع العراقي الاسبق عبد القادر جاسم العبيدي ووزير التخطيط الاسبق علي بابان حول القسم الاكبر منه يتناول عددا كبيرا من قطع الغيار للمروحيات والطائرات وقطع غيار لمدافع الهاون والرشاشات إضافة الى تجهيزات اخرى.وقالت “نيويورك تايمز” ان هذا الاتفاق اثار انتقادات من جانب مسؤولين عراقيين الى حد ان قيمته الاصلية حددت اخيرا بـ 236 مليون دولار.
من جهة اخرى قال مسؤولون عسكريون اميركيون انه تبين ان التجهيزات المباعة ذات نوعية سيئة او انها لا تتناسب مع مهمات الجيش العراقي، وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” ان هذا الاتفاق الذي وقع مع صربيا شدد على مشاكل التجهيز لدى الجيش العراقي الذي تميز بالفساد وعدم الفعالية لمدة طويلة.
وقد الغت الحكومة العراقية قبل أكثر من خمسة أعوام اللجنة الوطنية للعقود وهي هيئة مكلفة دراسة كل مشتريات الحكومة التي تفوق قيمتها 50 مليون دولار ، ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” فقد صرف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي النظر عن ذلك بعد ان عبرت اللجنة الاقتصادية العليا عن مخاوفها حيال نقص الضمانات في العقد الصربي ، ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤول غربي لم تكشف هويته قوله ان توقيع هذا العقد “يمكن تفسيره بطريقتين فقط هما الرغبة في تفادي المراقبة والرغبة في تشجيع الرشاوى والفساد.
خسائر العراق كارثية
من جهتها أكدت هيئة النزاهة في العراق، قبل اكثر من عام أن خسائر العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة التي أعقبت سقوط النظام السابق، نتيجة الفساد الإداري والمالي بلغت 250 مليار دولار، ووصفت هذه النتيجة بـ الكارثية بين بلدان العالم.
واعتبرت الهيئة الأمانة العامة لمجلس الوزراء البؤرة الأخطر للفساد، فيما احتلت وزارة الدفاع مرتبة متقدمة بين الوزارات في هذا المجال، بحسب جريدة الشرق الوسط وتعتبر مشكلة الفساد المالي والاداري الذي تعاني منه مؤسسات عديدة في الدولة العراقية الجديدة عائقا كبيرا وتحديا صعبا يقف امام ازدهار وتقدم البلاد، بعد خمس سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا في مارس (آذار) عام 2003.
ومما يعزز هذا الاعتقاد تواتر التقارير والأبحاث الدولية مؤخرا التي تضع العراق في مرتبة دنيا في سلم الدول المبتلية بهذه الآفة الخطيرة، ففي جداول الفساد في العالم التي تصدرها منظمة الشفافية العالمية يظهر العراق في المرتبة ما قبل الأخيرة للدول، كما أنه يقف في المرتبة الثانية في سلم الدول الفاشلة، بعد السودان،والمتضمن تقييم الأوضاع في 177 دولة وفق معايير ومؤشرات اقتصادية واجتماعية وأمنية وغيرها.
 من جانبه يقول القاضي موسى فرج نائب رئيس هيئة النزاهة الأسبق ، إن خسارة العراق خلال السنوات التي أعقبت سقوط النظام بـ 250 مليار دولار. وأوضح فرج أنه يتم تهريب النفط في العراق بمعدل 300 الى 500 الف برميل يوميا، محتسبا سعر البرميل الواحد بالحد الادنى لتبلغ خسائر العراق بالحد الادنى 7.2 بليون دولار سنويا، وقال لقد خسر العراق خلال الخمس سنوات الماضية 45 بليون دولار من تهريب النفط الخام كحد أدنى، و45 بليون دولار أخرى من المشتقات النفطية، بالاضافة الى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من دون الاستفادة منها، واستغلال 441 بئراً نفطية من أصل 1041 بئراً منتجة، وطاقة تصديرية تقدر بـ4.2 مليون برميل لم يستغل منها أقل من النصف.
 وكشف فرج أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحولت الى أخطر بؤرة للفساد في العراق، بعد إلغاء لجنة الشؤون الاقتصادية التي كان يرأسها نائب رئيس الوزراء، وتم تحويل صلاحياتها الى الأمانة العامة، فمعظم العقود الضخمة تبرم من خلالها، مثل شراء طائرات ببلايين الدولارات، او التعاقد لمشاريع اخرى، وعدم السماح لهيئة النزاهة، بالاطلاع او التحقيق»، معتبراً تشكيل مجلس لمكافحة الفساد سرقة لمهمات هيئة النزاهة وصلاحياتها.
واشار فرج الى ان الكونغرس الاميركي تحدث عن هدر 50 مليار دولار سنويا في العراق، واذا ما عرفنا ان الميزانية هي 48 فنقول لكل من يسأل ان ايرادات العراق ليست كلها في الموازنة المعلنة لأن باقي ايرادات العراق تسرق من دون رقيب.
وقال فرج إن وزارة الدفاع احتلت المرتبة المتقدمة في الفساد المالي والإداري، خصوصاً في عقود التسليح بما فيها شراء طائرات عمودية قديمة غير صالحة للعمل وبنادق قديمة مصبوغة رفضتها اللجنة العراقية وفرضتها الشركة الاميركية المصنعة، واستيراد آليات من دول أوروبا الشرقية بنوعيات رديئة. وأضاف أن المشكلة الاكبر هي سعي الوزارة الى الاحتماء وفرض السرية على ملفاتها والامتناع عن تسليمها الى هيئة النزاهة، وقد تم منع محققي الهيئة من الحصول على نسخ الملفات ذات العلاقة بالفساد او تصوير اي وثائق تخص الوزارة رغم وجود أوامر قضائية بالاطلاع عليها وأكد فرج ان قطاع الكهرباء يشهد فسادا خاصا، ايضا حيث كان انتاج العراق من الكهرباء 4 آلاف ميغاواط، وقدرت الحاجة الاضافية بـ2800 ميغاواط أخرى، وأضاف أنه تم انفاق 17 بليون دولار على هذا القطاع خلال السنوات الخمس الماضية، منها 10 بلايين من موازنات السنوات الاربع الماضية و4 بلايين من أموال العراق المجمدة في الخارج و3 بلايين منحة أميركية. واضاف فرج ان في وزارة الداخلية تم اكتشاف 50 ألف راتب وهمي كلفت الحكومة 5 بلايين دولار سنوياً، اضافة الى عمليات فساد اخرى عدا الأسلحة والأعتدة. كما فقدت الوزارة 19 ألف قطعة سلاح.
من جهته،أكد رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي السابق الشيخ صباح الساعدي، ان الفساد المالي والاداري يتغذى عن طريق الفساد السياسي الذي يعتبر من اخطر انواع الفساد وهو القائم في العراق حاليا ويتم التستر عليه من قبل جهات سياسية عدة وقال الساعدي إن هناك ممارسات تقوم بها بعض القوى السياسية تساهم بدرجة كبيرة بتفشي الفساد في مفاصل عدة، كالدفاع عن المفسدين الموجودين في وزارات ومنع محاسبتهم ومساءلتهم وتقديم الاشخاص غير الاكفاء لتسلم مناصب في الدولة مما يؤدي الى افساد المؤسسة الحكومية، وهذا كله نابع من السياسة التي انتهجها الاحتلال في بداية الامر غير ان عددا من المسؤولين العراقيين المختصين اجمعوا على أن سياسة الاحتلال كانت وراء تفشي تلك الظاهرة بما هي عليه الان، لاسيما وان بعض رموز هذا الاحتلال متورط بعمليات الفساد تلك مثل قادة عسكريين في الجيش الاميركي وبعض المستشارين الاجانب الذين عملوا في الوزارات العراقية.
وأكد عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية السابق ، على ان احتلال العراق وتخريب بناه التحتية ساعد على تفشي مشكلة الفساد بصورة اكبر مما كان عليه الوضع في مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق الذي أدى الى ظهور بواكير الفساد المالي والاداري في البلاد وقال تركي إن هناك تبديد أموال بنسبة 8.8 مليار دولار خلال فترة سلطة الائتلاف التي ترأسها الحاكم المدني للعراق بول بريمر الذي عطل الدور التحقيقي للديوان بسبب ما فرضه من إجراءات، وهو ما شجع وفتح الباب واسعا امام المفسدين سواء كانوا عراقيين أم أجانب متعاقدين مع الولايات المتحدة الاميركية، مؤكدا ان سلطة الائتلاف مسؤولة عن جزء كبير من الفساد المالي والاداري الذي حصل في البلاد خلال الخمس سنوات الماضية، واضاف ان بريمر عمد الى تعطيل عمل ديوان الرقابة المالية لكي يجعل الاحتلال الغطاء المباشر لتدمير مؤسسات الدولة وقواعد العمل فيها، كما انه استولى على الاموال العراقية المخصصة لإعادة الاعمار والبناء وقام بصرفها من دون اي استراتيجية واضحة ولفت المسؤول العراقي الى ان بلاده تحتاج الى كشف دقيق للاموال التي تم صرفها بمختلف القطاعات خلال الخمس سنوات الماضية، ومحاسبة المفسدين الذين تجاوزوا على المال العام بغض النظر عن الجهات والدول التي ينتمون اليها.
على صعيد ذي صلة أكد مهدي الحافظ، وزير التخطيط السابق ورئيس المعهد العراقي للتنمية، ان اكبر دليل على تورط بعض رموز الاحتلال بقضايا فساد ما تكشف من قضايا في إطار المناقشة الساخنة بالكونغرس الأميركي بشأن سوء الإدارة المالية للموارد العراقية، وذلك في أعقاب التقرير الذي قدمه مكتب المحاسبة الأميركي والذي أشار فيه إلى تنامي الفائض في موازنة الدولة العراقية وتخلفها عن الاستخدام الفعال والرشيد لمواردها وقال الحافظ وفقا للتقرير الثالث للهيئة الدولية للرقابة والمشورة(آ أي أم بي)حول العراق، فان إدارة العقود مع الوكالات الأميركية تشوبها بعض الاشكالات بعد ان اورد التقرير انتقادات من شركة(ايرنست & يونج) المكلفة بالتدقيق المالي بشأن إدارة العقود مع الوكالات الأميركية، مما دعاها للطلب بضرورة مراجعة تلك العقود من قبل ديوان الرقابة المالية.
ورجح الحافظ أن يكون الصراع السياسي على السلطة في العراق سببا آخر لتفشي الفساد في مفاصل ومؤسسات الدولة، قائلا ان احتدام الصراع السياسي على صعيد السلطة ترتب عليه ظهور مراكز حكومية عديدة ومتناقضة المصالح ومدعومة بفصائل مسلحة، لا تتورع عن حماية بعض المتورطين بالفساد العام. وأضاف ان هذا الصراع أوجد المناخ الملائم لاتساع ظاهرة الفساد في ظروف عدم الاستقرار السياسي والاحتراب الطائفي وتدهور الحالة الأمنية وغياب الحماية المطلوبة للأجهزة والهيئات والمسؤولين المكلفين بمكافحة الفساد، مؤكدا أن مكافحة الفساد لا يمكن بلوغها ما لم يجر العمل جديا باحترام وفرض آليات فعالة ومدعومة من الدولة والرأي العام.
وأوضح الحافظ ان الأجواء في العراق حاليا ساخنة وزاخرة بالتحذيرات من تفاقم ظاهرة الفساد بجميع أشكاله (المالي والإداري والسياسي)، حتى بات القول مقبولا بأن الحرب على الفساد لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب في البلاد.
 
العراق في المرتبة الثالثة بقائمة الدول الأكثر فسادا!
كما قالت مفوضية النزاهة في العراق انها تحقق في اختفاء اكثر من سبعة مليارات دولار من اموال الدولة يشار الى أن مكتب مراجعة حسابات إعادة البناء في العراق بدأ عمله في مارس 2004 وأحال منذ تلك الفترة 25 قضية جنائية الى وزارة العدل الامريكية، منهن أربع تم توجيه اتهامات فيها ومن ضمن ما وجده المكتب فقدان 14 ألف قطعة سلاح كانت مخصصة لاستعمال الجيش العراقي ويعتقد أن هذه القطع قد وجدت طريقها الى أياد الجماعات المسلحة في العراق بعد أن فقد البنتاجون قدرته على تعقبهم الفساد “يعرقل جهود إعمار العراق كما قال أعلى مسؤول في الوكالة الأمريكية، التي تشرف على جهود إعادة الإعمار في العراق، في تصريح لبي بي سي إن سوء الإدارة الاقتصادية والفساد في العراق هما بمثابة تمرد ثان في هذا البلد.
وقال رئيس المدققين المعين من قبل الكونغرس الأمريكي، ستيوارت بووين، إن الحكومة العراقية فشلت في تحمل مسؤولية إنجاز مشروعات بقيمة مليارات الدولارات، مضيفا إن الوكالة بصدد التحقيق في أكثر من 50 قضية احتيال.
على صعيد آخر، قال تقرير نشرته منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية ومنظمة غير حكومية عراقية إن نحو ثلث سكان العراق يحتاجون إلى مساعدات عاجلة ويضيف التقرير أن الحكومة العراقية فشلت في تقديم الخدمات الأساسية مثل الماء والطعام والصرف الصحي والسكن لثمانية ملايين عراقي وحذر التقرير من أن استمرار العنف في العراق يغطي على أزمة إنسانية تفاقمت منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.
النزاهة تعلن عن صفقة كبيرة مشبوهة للمالكي
أفصحت لجنة النزاهة النيابية الحالية عن صفقة كبيرة مشبوهة في عهد الحكومة السابقة، بخصوص عقود شراء طائرات صربية.
وقال عضو اللجنة، النائب عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني عادل نوري، الأحد، “بعد متابعتنا الدقيقة رصدنا فساد كبير في عقود صفقة شراء الطائرات الصربية في عهد الحكومة السابقة”.
وأوضح نوري، “توصلنا خلال المتابعة الدقيقة الى ان الشركة التي تم ابرام العقود معها انها صفيت منذ عقد، ولم يبق لها اي اثر، بالاضافة الى تخصيص اسعار مضاعفة بعشرات المرات على الاسعار الحقيقية للطائرات، فضلاً عن قدم الطائرات”. وأكد عضو لجنة النزاهة، عادل نوري، ان اللجنة ستتخذ الاجراءات القانونية حال انتهاء التحقيقات في هذا الشأن، لتقديم المتهمين في هذه الصفقة الى المحاكم.
وكان المتحدث بإسم مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، قد كشف يوم 15 ايلول 2015 عن قرب تطبيق برنامج مراقبة وتقويم متكامل لإخضاع “مافيات الفساد” إلى المحاسبة الشديدة، فيما أشار إلى أن هناك قرارات وخطوات ستتخذ لإكمال حزمة الإصلاحات الأولى التي أطلقها العبادي مؤخرا. وقال سعد الحديثي إن “هناك برنامجا متكاملا سيتم تطبيقه خلال الفترة المقبلة لإخضاع الجميع للمراقبة والتقويم وبالتالي فان مافيات الفساد ستخضع للمحاسبة الشديدة من خلال أداء المؤسسات الرقابية والقضائية”.، مضيفا أن “هناك قرارات وخطوات ستتخذ فيما يتعلق بإكمال الحزمة الأولى من الإصلاحات التي أعلنت في آب الماضي”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “الإصلاحات لا تستهدف جهة محددة”.
من هذا العرض يتبين مدى الخسارات الفادحة التي تكبدها العراق نتيجة صفقات الفساد المذهلة والتي كانت حكومة المالكي تتحمل القسط الأكبر منها، ففي عهده وصلت مديات الفساد الى حدود مرعبة، ما يعد كارثة بحق حلت على هذا البلد وعرضت أجياله الى مهالك محدقة تهدد وجودهم وكيان بلدهم، وتحيله الى أكثر دول العالم المحملة بعبء الديون، بسبب السياسات الخاطئة والتي أوصلت البلد الى نتائج كارثية لاحصر لها ويتعذر إيجاد حلول منطقية لتلك الازمات، بعد ان إستفحلت ، ولم يعد بمقدور أية حكومة عراقية في وقت قريب ايجاد مخارج لتلك الأزمات، وسيبقى العراق مكبلا بقيودها المرة لسنوات طوال.

250 مليار دولار خسائر فضائح صفقات الفساد في العراق..!!
أكدت مراكز بحثية متخصصة ومسؤولين غربيين وعراقيين رفيعي المستوى ان موضوع الفساد في العراق يعد واحدا من أهم المواضيع التي تهدد بنية الدولة العراقية وتعرض شعبها الى مخاطر جمة ، كبلت البلد ديونا باهضة ، بسبب تفاقم فضائح الفساد في هذا البلد، والذي بلغ بحدود الـ 250 مليار دولار فقدها في غضون عشرة أعوام، وأن الفساد يستشري في المقام الأول في رئاسة الوزراء في المقام الأول.
وتشير دراسات ومراكز ابحاث الى ان صفقات الاسلحة هي من بين اكثر مجالات الفساد ضراوة ، وبخاصة في مفاوضات الحكومة العراقية سرا حول عقد للتسلح مع صربيا التي بلغت أقيامها  833 مليون دولار، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد أشارت الى ان وفدا عراقيا يضم 22 مسؤولا كبيرا قد ابرم هذا العقد بين العراق وصربيا في أيلول/ سبتمبر 2007 من دون علم المسؤولين العسكريين الاميركيين في العراق والاتفاق الذي تفاوض وزير الدفاع العراقي الاسبق عبد القادر جاسم العبيدي ووزير التخطيط الاسبق علي بابان حول القسم الاكبر منه يتناول عددا كبيرا من قطع الغيار للمروحيات والطائرات وقطع غيار لمدافع الهاون والرشاشات إضافة الى تجهيزات اخرى.وقالت “نيويورك تايمز” ان هذا الاتفاق اثار انتقادات من جانب مسؤولين عراقيين الى حد ان قيمته الاصلية حددت اخيرا بـ 236 مليون دولار.
من جهة اخرى قال مسؤولون عسكريون اميركيون انه تبين ان التجهيزات المباعة ذات نوعية سيئة او انها لا تتناسب مع مهمات الجيش العراقي، وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” ان هذا الاتفاق الذي وقع مع صربيا شدد على مشاكل التجهيز لدى الجيش العراقي الذي تميز بالفساد وعدم الفعالية لمدة طويلة.
وقد الغت الحكومة العراقية قبل أكثر من خمسة أعوام اللجنة الوطنية للعقود وهي هيئة مكلفة دراسة كل مشتريات الحكومة التي تفوق قيمتها 50 مليون دولار ، ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” فقد صرف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي النظر عن ذلك بعد ان عبرت اللجنة الاقتصادية العليا عن مخاوفها حيال نقص الضمانات في العقد الصربي ، ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤول غربي لم تكشف هويته قوله ان توقيع هذا العقد “يمكن تفسيره بطريقتين فقط هما الرغبة في تفادي المراقبة والرغبة في تشجيع الرشاوى والفساد.
خسائر العراق كارثية
من جهتها أكدت هيئة النزاهة في العراق، قبل اكثر من عام أن خسائر العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة التي أعقبت سقوط النظام السابق، نتيجة الفساد الإداري والمالي بلغت 250 مليار دولار، ووصفت هذه النتيجة بـ الكارثية بين بلدان العالم.
واعتبرت الهيئة الأمانة العامة لمجلس الوزراء البؤرة الأخطر للفساد، فيما احتلت وزارة الدفاع مرتبة متقدمة بين الوزارات في هذا المجال، بحسب جريدة الشرق الوسط وتعتبر مشكلة الفساد المالي والاداري الذي تعاني منه مؤسسات عديدة في الدولة العراقية الجديدة عائقا كبيرا وتحديا صعبا يقف امام ازدهار وتقدم البلاد، بعد خمس سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا في مارس (آذار) عام 2003.
ومما يعزز هذا الاعتقاد تواتر التقارير والأبحاث الدولية مؤخرا التي تضع العراق في مرتبة دنيا في سلم الدول المبتلية بهذه الآفة الخطيرة، ففي جداول الفساد في العالم التي تصدرها منظمة الشفافية العالمية يظهر العراق في المرتبة ما قبل الأخيرة للدول، كما أنه يقف في المرتبة الثانية في سلم الدول الفاشلة، بعد السودان،والمتضمن تقييم الأوضاع في 177 دولة وفق معايير ومؤشرات اقتصادية واجتماعية وأمنية وغيرها.
 من جانبه يقول القاضي موسى فرج نائب رئيس هيئة النزاهة الأسبق ، إن خسارة العراق خلال السنوات التي أعقبت سقوط النظام بـ 250 مليار دولار. وأوضح فرج أنه يتم تهريب النفط في العراق بمعدل 300 الى 500 الف برميل يوميا، محتسبا سعر البرميل الواحد بالحد الادنى لتبلغ خسائر العراق بالحد الادنى 7.2 بليون دولار سنويا، وقال لقد خسر العراق خلال الخمس سنوات الماضية 45 بليون دولار من تهريب النفط الخام كحد أدنى، و45 بليون دولار أخرى من المشتقات النفطية، بالاضافة الى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من دون الاستفادة منها، واستغلال 441 بئراً نفطية من أصل 1041 بئراً منتجة، وطاقة تصديرية تقدر بـ4.2 مليون برميل لم يستغل منها أقل من النصف.
 وكشف فرج أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحولت الى أخطر بؤرة للفساد في العراق، بعد إلغاء لجنة الشؤون الاقتصادية التي كان يرأسها نائب رئيس الوزراء، وتم تحويل صلاحياتها الى الأمانة العامة، فمعظم العقود الضخمة تبرم من خلالها، مثل شراء طائرات ببلايين الدولارات، او التعاقد لمشاريع اخرى، وعدم السماح لهيئة النزاهة، بالاطلاع او التحقيق»، معتبراً تشكيل مجلس لمكافحة الفساد سرقة لمهمات هيئة النزاهة وصلاحياتها.
واشار فرج الى ان الكونغرس الاميركي تحدث عن هدر 50 مليار دولار سنويا في العراق، واذا ما عرفنا ان الميزانية هي 48 فنقول لكل من يسأل ان ايرادات العراق ليست كلها في الموازنة المعلنة لأن باقي ايرادات العراق تسرق من دون رقيب.
وقال فرج إن وزارة الدفاع احتلت المرتبة المتقدمة في الفساد المالي والإداري، خصوصاً في عقود التسليح بما فيها شراء طائرات عمودية قديمة غير صالحة للعمل وبنادق قديمة مصبوغة رفضتها اللجنة العراقية وفرضتها الشركة الاميركية المصنعة، واستيراد آليات من دول أوروبا الشرقية بنوعيات رديئة. وأضاف أن المشكلة الاكبر هي سعي الوزارة الى الاحتماء وفرض السرية على ملفاتها والامتناع عن تسليمها الى هيئة النزاهة، وقد تم منع محققي الهيئة من الحصول على نسخ الملفات ذات العلاقة بالفساد او تصوير اي وثائق تخص الوزارة رغم وجود أوامر قضائية بالاطلاع عليها وأكد فرج ان قطاع الكهرباء يشهد فسادا خاصا، ايضا حيث كان انتاج العراق من الكهرباء 4 آلاف ميغاواط، وقدرت الحاجة الاضافية بـ2800 ميغاواط أخرى، وأضاف أنه تم انفاق 17 بليون دولار على هذا القطاع خلال السنوات الخمس الماضية، منها 10 بلايين من موازنات السنوات الاربع الماضية و4 بلايين من أموال العراق المجمدة في الخارج و3 بلايين منحة أميركية. واضاف فرج ان في وزارة الداخلية تم اكتشاف 50 ألف راتب وهمي كلفت الحكومة 5 بلايين دولار سنوياً، اضافة الى عمليات فساد اخرى عدا الأسلحة والأعتدة. كما فقدت الوزارة 19 ألف قطعة سلاح.
من جهته،أكد رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي السابق الشيخ صباح الساعدي، ان الفساد المالي والاداري يتغذى عن طريق الفساد السياسي الذي يعتبر من اخطر انواع الفساد وهو القائم في العراق حاليا ويتم التستر عليه من قبل جهات سياسية عدة وقال الساعدي إن هناك ممارسات تقوم بها بعض القوى السياسية تساهم بدرجة كبيرة بتفشي الفساد في مفاصل عدة، كالدفاع عن المفسدين الموجودين في وزارات ومنع محاسبتهم ومساءلتهم وتقديم الاشخاص غير الاكفاء لتسلم مناصب في الدولة مما يؤدي الى افساد المؤسسة الحكومية، وهذا كله نابع من السياسة التي انتهجها الاحتلال في بداية الامر غير ان عددا من المسؤولين العراقيين المختصين اجمعوا على أن سياسة الاحتلال كانت وراء تفشي تلك الظاهرة بما هي عليه الان، لاسيما وان بعض رموز هذا الاحتلال متورط بعمليات الفساد تلك مثل قادة عسكريين في الجيش الاميركي وبعض المستشارين الاجانب الذين عملوا في الوزارات العراقية.
وأكد عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية السابق ، على ان احتلال العراق وتخريب بناه التحتية ساعد على تفشي مشكلة الفساد بصورة اكبر مما كان عليه الوضع في مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق الذي أدى الى ظهور بواكير الفساد المالي والاداري في البلاد وقال تركي إن هناك تبديد أموال بنسبة 8.8 مليار دولار خلال فترة سلطة الائتلاف التي ترأسها الحاكم المدني للعراق بول بريمر الذي عطل الدور التحقيقي للديوان بسبب ما فرضه من إجراءات، وهو ما شجع وفتح الباب واسعا امام المفسدين سواء كانوا عراقيين أم أجانب متعاقدين مع الولايات المتحدة الاميركية، مؤكدا ان سلطة الائتلاف مسؤولة عن جزء كبير من الفساد المالي والاداري الذي حصل في البلاد خلال الخمس سنوات الماضية، واضاف ان بريمر عمد الى تعطيل عمل ديوان الرقابة المالية لكي يجعل الاحتلال الغطاء المباشر لتدمير مؤسسات الدولة وقواعد العمل فيها، كما انه استولى على الاموال العراقية المخصصة لإعادة الاعمار والبناء وقام بصرفها من دون اي استراتيجية واضحة ولفت المسؤول العراقي الى ان بلاده تحتاج الى كشف دقيق للاموال التي تم صرفها بمختلف القطاعات خلال الخمس سنوات الماضية، ومحاسبة المفسدين الذين تجاوزوا على المال العام بغض النظر عن الجهات والدول التي ينتمون اليها.
على صعيد ذي صلة أكد مهدي الحافظ، وزير التخطيط السابق ورئيس المعهد العراقي للتنمية، ان اكبر دليل على تورط بعض رموز الاحتلال بقضايا فساد ما تكشف من قضايا في إطار المناقشة الساخنة بالكونغرس الأميركي بشأن سوء الإدارة المالية للموارد العراقية، وذلك في أعقاب التقرير الذي قدمه مكتب المحاسبة الأميركي والذي أشار فيه إلى تنامي الفائض في موازنة الدولة العراقية وتخلفها عن الاستخدام الفعال والرشيد لمواردها وقال الحافظ وفقا للتقرير الثالث للهيئة الدولية للرقابة والمشورة(آ أي أم بي)حول العراق، فان إدارة العقود مع الوكالات الأميركية تشوبها بعض الاشكالات بعد ان اورد التقرير انتقادات من شركة(ايرنست & يونج) المكلفة بالتدقيق المالي بشأن إدارة العقود مع الوكالات الأميركية، مما دعاها للطلب بضرورة مراجعة تلك العقود من قبل ديوان الرقابة المالية.
ورجح الحافظ أن يكون الصراع السياسي على السلطة في العراق سببا آخر لتفشي الفساد في مفاصل ومؤسسات الدولة، قائلا ان احتدام الصراع السياسي على صعيد السلطة ترتب عليه ظهور مراكز حكومية عديدة ومتناقضة المصالح ومدعومة بفصائل مسلحة، لا تتورع عن حماية بعض المتورطين بالفساد العام. وأضاف ان هذا الصراع أوجد المناخ الملائم لاتساع ظاهرة الفساد في ظروف عدم الاستقرار السياسي والاحتراب الطائفي وتدهور الحالة الأمنية وغياب الحماية المطلوبة للأجهزة والهيئات والمسؤولين المكلفين بمكافحة الفساد، مؤكدا أن مكافحة الفساد لا يمكن بلوغها ما لم يجر العمل جديا باحترام وفرض آليات فعالة ومدعومة من الدولة والرأي العام.
وأوضح الحافظ ان الأجواء في العراق حاليا ساخنة وزاخرة بالتحذيرات من تفاقم ظاهرة الفساد بجميع أشكاله (المالي والإداري والسياسي)، حتى بات القول مقبولا بأن الحرب على الفساد لا تقل أهمية عن الحرب على الإرهاب في البلاد.
 
العراق في المرتبة الثالثة بقائمة الدول الأكثر فسادا!
كما قالت مفوضية النزاهة في العراق انها تحقق في اختفاء اكثر من سبعة مليارات دولار من اموال الدولة يشار الى أن مكتب مراجعة حسابات إعادة البناء في العراق بدأ عمله في مارس 2004 وأحال منذ تلك الفترة 25 قضية جنائية الى وزارة العدل الامريكية، منهن أربع تم توجيه اتهامات فيها ومن ضمن ما وجده المكتب فقدان 14 ألف قطعة سلاح كانت مخصصة لاستعمال الجيش العراقي ويعتقد أن هذه القطع قد وجدت طريقها الى أياد الجماعات المسلحة في العراق بعد أن فقد البنتاجون قدرته على تعقبهم الفساد “يعرقل جهود إعمار العراق كما قال أعلى مسؤول في الوكالة الأمريكية، التي تشرف على جهود إعادة الإعمار في العراق، في تصريح لبي بي سي إن سوء الإدارة الاقتصادية والفساد في العراق هما بمثابة تمرد ثان في هذا البلد.
وقال رئيس المدققين المعين من قبل الكونغرس الأمريكي، ستيوارت بووين، إن الحكومة العراقية فشلت في تحمل مسؤولية إنجاز مشروعات بقيمة مليارات الدولارات، مضيفا إن الوكالة بصدد التحقيق في أكثر من 50 قضية احتيال.
على صعيد آخر، قال تقرير نشرته منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية ومنظمة غير حكومية عراقية إن نحو ثلث سكان العراق يحتاجون إلى مساعدات عاجلة ويضيف التقرير أن الحكومة العراقية فشلت في تقديم الخدمات الأساسية مثل الماء والطعام والصرف الصحي والسكن لثمانية ملايين عراقي وحذر التقرير من أن استمرار العنف في العراق يغطي على أزمة إنسانية تفاقمت منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.
النزاهة تعلن عن صفقة كبيرة مشبوهة للمالكي
أفصحت لجنة النزاهة النيابية الحالية عن صفقة كبيرة مشبوهة في عهد الحكومة السابقة، بخصوص عقود شراء طائرات صربية.
وقال عضو اللجنة، النائب عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني عادل نوري، الأحد، “بعد متابعتنا الدقيقة رصدنا فساد كبير في عقود صفقة شراء الطائرات الصربية في عهد الحكومة السابقة”.
وأوضح نوري، “توصلنا خلال المتابعة الدقيقة الى ان الشركة التي تم ابرام العقود معها انها صفيت منذ عقد، ولم يبق لها اي اثر، بالاضافة الى تخصيص اسعار مضاعفة بعشرات المرات على الاسعار الحقيقية للطائرات، فضلاً عن قدم الطائرات”. وأكد عضو لجنة النزاهة، عادل نوري، ان اللجنة ستتخذ الاجراءات القانونية حال انتهاء التحقيقات في هذا الشأن، لتقديم المتهمين في هذه الصفقة الى المحاكم.
وكان المتحدث بإسم مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، قد كشف يوم 15 ايلول 2015 عن قرب تطبيق برنامج مراقبة وتقويم متكامل لإخضاع “مافيات الفساد” إلى المحاسبة الشديدة، فيما أشار إلى أن هناك قرارات وخطوات ستتخذ لإكمال حزمة الإصلاحات الأولى التي أطلقها العبادي مؤخرا. وقال سعد الحديثي إن “هناك برنامجا متكاملا سيتم تطبيقه خلال الفترة المقبلة لإخضاع الجميع للمراقبة والتقويم وبالتالي فان مافيات الفساد ستخضع للمحاسبة الشديدة من خلال أداء المؤسسات الرقابية والقضائية”.، مضيفا أن “هناك قرارات وخطوات ستتخذ فيما يتعلق بإكمال الحزمة الأولى من الإصلاحات التي أعلنت في آب الماضي”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “الإصلاحات لا تستهدف جهة محددة”.
من هذا العرض يتبين مدى الخسارات الفادحة التي تكبدها العراق نتيجة صفقات الفساد المذهلة والتي كانت حكومة المالكي تتحمل القسط الأكبر منها، ففي عهده وصلت مديات الفساد الى حدود مرعبة، ما يعد كارثة بحق حلت على هذا البلد وعرضت أجياله الى مهالك محدقة تهدد وجودهم وكيان بلدهم، وتحيله الى أكثر دول العالم المحملة بعبء الديون، بسبب السياسات الخاطئة والتي أوصلت البلد الى نتائج كارثية لاحصر لها ويتعذر إيجاد حلول منطقية لتلك الازمات، بعد ان إستفحلت ، ولم يعد بمقدور أية حكومة عراقية في وقت قريب ايجاد مخارج لتلك الأزمات، وسيبقى العراق مكبلا بقيودها المرة لسنوات طوال.

أحدث المقالات