23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

ليست مجرد معادلة رياضية بسيطة إنها معادلة إقالة هوشيار زيباري وزير المالية العراقي يوم 21/9/2016 من قبل مجلس النواب العراقي على أثر استجوابه المثير للجدل.
زيباري وزير الخارجية العتيد وأقدم الوزراء العراقيين، الكردي الذي أكمل-بحسب تصريحه لجريدة الحياة-البكالوريوس في العلوم السياسية في الجامعة الأردنية بعنوان إنه عربي من الأهواز!
خال رئيس إقليم كردستان صاحب الجدل في الانفصال مسعود البرزاني وأحد الوجود البارزة للأكراد في الحكومة.صاحب العلاقات الدولية الواسعة التي صورت للبعض إنه سيتكئ ويضحك على مستجوبيه.
كل هذه المواصفات وكل التحالفات والتفاهمات لم تمنع من استجوابه والتصويت بعدم القناعة ثم الإقالة.
منذ بدأ الموضوع والجدل كبير في مجلس النواب فمن محاولات التفاهم والضغط من كتل حتى داخل التحالف الوطني كالمجلس الأعلى والتيار الذين كان موقفهم داعم لزيباري ولا نعلم موقفهم النهائي من التصويت على إقالته بالدقة وموقفهم كان سلبياً من الموضوع كما في حادثة الكافتيريا بحسب تصريح النائب سروة عبد الواحد.
تلى ذلك محاولات إعادة التصويت التي لو كانت تمت لقصمت ظهر المؤسسة التشريعية كلياً ولكانت سابقة خطيرة تؤسس لما بعدها.زيباري يقول إن الأمر تم بضغط من المالكي والمالكي يقول إن كتلتي لا تتجاوز الـ 50 ومن صوت هم 158، والواقع إن التذرع بالمالكي لا صحة له رغم إنه قد يكون مارس ضغوط باتجاه ذلك، ولكن جملة من الأمور قادت لهذه النتيجة الطيبة منها: حالة الغضب الشعبي من الموضوع المالي والذي أحس به عدد من صوت بلا شك، ومنها شخصية زيباري المتعالية وتعويله على ضغط الخارج، ومنها إن الأمر يمثل تحدي أحس به البعض وإقالة زيباري رسالة قوية للآخرين، ومنها إن الأمر رسالة واضحة لمسعود البرزاني ولمحاولاته للملمة الموضوع وتوجهاته الانفصالية، ومنها التخوف من تجيير موارد وزارة المالية أو شيء منها لصالح الاكراد في هذا الظرف المالي الصعب وليس القرض الياباني عنكم ببعيد.
هذه المعالة أراها تبشر بخير فوجود 158 نائب يستشعرون شيء من ذلك أو يتخوفون منه هو أمر جيد، ولكن في المقابل ينبغي دراسة مواقف الكتل بدقة وتذبذب بعضها ومحاولات البعض للضغط وأسبابه.
ولكن 77 نائب مصوت بالضد ليس رقماً هيناً، وكذلك 14 شخص غير مصوت، فـ91 نائب لا يتفهمون شيء من مما ذكرنا مشكلة كبيرة، لنقل إن نصفهم من الأكراد من مؤيدي زيباري أصلاً وهذا مستبعد يبقى النصف الآخر ليس رقماً هيناً، وكشف الاسماء ولو تسريباً أمر مهم لأن سيكشف مواقف الكتل ويضع حداً للمتاجرة الإعلامية بمثل هكذا مواضيع.
بقي أمر مهم ينبغي الإشارة له وهو إن ما يمكن تسميته جبهة الإصلاح كان لها الريادة في الموضوع وهذا ينسجم مع دعواتها للإصلاح إلى حدٍ ما وهو موقف يشكرون عليه، ولكن هناك كتل وشخصيات دعت وكان صوتها عالياً في المطالبة بالإصلاح ولكنها وقفت موقفاً سلبياً من الموضوع على الأقل في بداياته مما يعكس واقعاً متناقضاً لهذه الكتل والشخصيات ينبغي الالتفات له في التقييم، ويعد مؤشراً على ما تلعبه المصالح والتفاهمات الشخصية والجهوية  من دور في السياسة في البلد.
إقالة زيباري رغم كل ما ذكرنا هي مؤشر عافية جيد على مستوى عمل المؤسسة التشريعية الرقابية أي مجلس النواب، وعلى مستوى العلاقة مع البرزاني وعلى مستوى العلاقة مع الخارج، ولكن هل سيكون لذلك أثر إيجابي على مستوى عمل وزارة المالية والوضع المالي في العراق بصورة عامة أم لا؟
بحسب تصوري إن زيباري-بغض النظر عن تفاصيل أسئلة الاستجواب- فيه ثلاث سلبيات زادت من الوضع المالي المتأزم تأزماً وهي: الأولى: هو يضع الأكراد والمصلحة الكردية أو بالدقة المصلحة البرزانية في المقدمة،  الثانية: هو لا يتعاطى بجدية مع الأزمة المالية وهذا واضح في تصرفاته وتصريحاته، الثالثة: رسائله الإعلامية للمواطنين بخصوص الموضوع سيئة وتزيد الأزمة تفاقماً ومنها تصريحه الضاحك عن سرقة ستة مليارات ونصف دولار. وبالتالي فإن إقالته خطوة بالاتجاه الصحيح حتى مالياً ولكنها بالتأكيد ليست كافية لحل الأزمة أو التوجه باتجاه الحل فالأزمة أعقد من أن يحلها تغيير وزير مالية بل هي تتطلب تغيير سياسات وإدارة ذكية للموارد وهذا ما لم نلمس له آثار فعلية لحد الآن.