21 أبريل، 2024 1:42 م
Search
Close this search box.
Facebook
Twitter
LinkedIn
كان الشعار المركزي الذي رفعه الحسين عند خروجه للعراق سنة ٦٨٠ م هو ( انما خرجت لطلب الاصلاح لامة جدي ) . ولم يكن شعاره ( انما خرجت لطلب المواكب واللطم والبكاء والتمن والقيمة لامة جدي ) . ان الحسين لايريد من هذه الملايين المذلولة بالشرق الاوسط ان تلطم وتبكي عليه فهو يعيش بالجنة ولاحاجة له بهذه المظاهر انما هو بحاجة ان يرى الانسان المسلم يعيش بكرامة . فعندما خرج الحسين للعراق كان مظهر الاسلام بخير فالشام كانت اكثر الولايات الاسلامية تعبدا والتزاما بالشعائر من صوم وصلاة وحج وزكاة ، فمثلا عندما قتل علي بالمحراب ،تساءل اهل الشام ( أعلي يصلي !؟) لانهم كانوا يعتقدون ان علي الكافر كان يحارب معاوية الخليفة المؤمن المسلم الملتزم بشعائر الدين ( مظاهر الدين ) .. وهذا يدل على قيمة الاسلام المظهري او الشعائري عندهم . ولكن الحسين وابيه كانوا سابقين بالوعي زمانهم بقرون ولاتنطلي عليهم هذه الاعيب ولا هذه المظاهر ( ان الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم ، بحوطونة مادرت معايشهم ) .
ان الحسين الانسان هو تربية ابية ( علي الانسان ) . فعلي كان حساسا جدا لكل مايخدش الكرامة الانسانية ولحسين ورث هذه الحساسية من ابيه ودفع الثمن مثلما دفع ابيه الثمن . (علي الانسان) عندما راى الانسان الشريف يذل على يد اخيه الانسان الفاسد الذي يتظاهر بالاسلام لم يقف يتفرج لان اركان الاسلام الاربعة بخير وانما صرخ بوجوه الفاسدين الذين يتغطون بالدين قائلا لهم ( الا يقولن رجال منكم غدا قد امتلكوا العقار وفجروا الانهار وركبوا الخيول الفارهة وتزوجوا الوصائف الرقيقية اما مامنعتم غدا ان يقولو ا ان ابن ابي طالب قد منعنا من هذا ) . الحسين تربى في هذه المدرسة التي تسخر الدين لخدمة الانسان وترفض ان يكون الدين قناع يلبسه الفاسدين لاذلال الانسان . ففي مثل هذه الايام من عام ٦٨٠ ميلادية حدث الصراع الكبير بين المدرسة( الارستقراطية الانسانية ) التي يمثلها الحسين وابيه التي تنادي ان الانسان اغلى من الوجود وبين المدرسة( الارستقراطية المادية ) التي يمثلها الفاسد يزيد وابيه التي تنادي ان الانسان مجرد اداة تافهة تخدم الوجود. فالصراع كان بين ( مظهر الدين – الطقوس ) وبين ( جوهر الدين – كرامة الانسان ) . فالحسين وقبله ابيه عندما حاربا الفاسدين ( يزيد ، معاوية) بالنصف الاول من القرن الاول الهجري بعثا رسالة للاجيال القادمة ، بانه لايمكن ان يكون الدين غطاء لشرعنه الفساد وهدر الكرامة الانسانية . فالدين وجد لبناء الانسان و ليس لهدم الانسان بمعول الفساد. ولو كان الحسين حاضرا اليوم بالشرق الاوسط وخرج على الفاسدين المتغطين بالاسلام الظاهري الذين يذرفون عليه بهذه الايام دموع التماسيح لقتلوة باعمدة الخيم التي يوزعون فيها التمن والقيمة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب