حثني التصريح الناري للنائب السابق فائق الشيخ علي الذي اطلقه يوم الثلاثاء الماضي (5 تموز) مع الإعلامية سحر عباس جميل على مراجعة قرارات الكونجرس المتعلقة بالعراق خلال العشرة اعوام الماضية، وبعد مراجعة استغرقت مني يومين بين قراءة وبحث وترجمه وجمع مقالات وتصريحات لرسميين امريكان، اكتشفت ان أجرأ ما بدر عن الامريكان من تحركات سياسية – استراتيجية اتجاه سياستهم ومصالحهم في العراق هو ما يعرف بـ مشروع قانون منع زعزعة استقرار العراق “Preventing Destabilization of Iraq” و اعتقد ان السيد فائق بنى تصوراته على احتمالية إقرار هذا التشريع و تنفيذه في عام 2024 بناءً على قراءته الخاصة للمشهد الأمريكي خلال الأعوام القادمة. وهنا سأحدثكم عن حقيقة هذا المشروع لأضع القارئ في الصورة:
في عام 2007 هنالك نائب عن الحزب الجمهوري اسمه ادم كينزنجر Adam Kinzinger هذا النائب قدم مشروع قانون عنوانه “منع زعزعة استقرار العراق”، رقم القانون كانH.R.4591 مشروع القانون هذا كان عنوانه في البداية هو “منع الزعزعة الايرانية لاستقرار العراق “Preventing Iranian Destabilization of Iraq” لكن بعد قراءات ومناقشات طرأت على مشروع القانون تم رفع صفة الايرانية من العنوان ليصبح أكثر شمولية. لكن حتى بعد تعديل العنوان بقي مضمون مشروع القانون موجه ومخصص للتعامل مع الشخصيات والمجاميع التي تربطها علاقة مباشرة بالحرس الثوري الايراني على وجه الخصوص.
مشروع القانون هذا يمنح الرئيس الامريكي و وزير خارجيته الرتخيص بفرض عقوبات وتصنيف شخصيات ومجاميع على قائمة الاهاب فضلا عن ان المشروع شخص بعض المجموعات والشخصيات مسبقا وادرجها ضمن بنوده، إضافة الى ذلك يلزم الخارجية الامريكية بعمل مراجعة دورية للشخصيات و التيارات التي يثبت تعاملها مع الحرس الثوري الإيراني. لكن هذا المشروع لم يكتب له ان يكمل سلسلة السياقات القانونية ليتم اعتماده كقانون، ونظراً لانتهاء السنة التشريعية 2017-2018 من دون تمريره في مجلس الشيوخ الى البيت الابيض اعتبر هذا المشروع ملغي لكونه قرأ في مجلس النواب فقط.
في السنة التشريعية 2019-2020 عاد نفس النائب ادم كينزنجر Adam Kinzinger ليقدم مشروع قانون اخر يحمل الرقم H.R.571، هذا المشروع من حيث التفاصيل هو نسخة مطابقة للمشروع السابق ذو الرقم H.R.4591 لكن هذه المرة لم يكتب لهذا المشروع ان يقرأ حتى في مجلس النواب فضلاً عن الشيوخ وبقي ملعق في ادراج المجلس.
بناءً على ذلك يعتقد كثير من المراقبين ان مشروع القانون هذا سيمرر في يومٍ ما وذلك لإصرار الجمهوريين على تكرار محاولات امراره، وانا أيضا اعتقد إذا لم يتمكن الساسة الشيعة من ترتيب أوضاعهم بالشكل الذي ينعكس على تحسين العلاقة مع واشنطن فان الجمهوريون ماضين في اقراره وتنفيذه متى ما سنحت لهم الفرصة وبالطبع هنالك من يضع الاتفاقية الاطارية بين بغداد و واشنطن كقاعدة مشتركة لتبرير وتمرير هذا المشروع..
لكن الغاية من إقرار هذا المشروع لم تكن (كما يشيع البعض) تغيير النظام او اسقاط النظام على طريقة نيسان 2003 و لا حتى كما يصور بعض السياسيين للشارع ان في كذا تأريخ هذه الطبقة السياسية ستنتهي و تحارب و تلاحق و تحاسب على يد قوى عظمى جبارة مدمرة … و الخ ، بل على العكس تماما ، هذا القانون جاء لتثبيت النظام الحالي في العراق و دعم الدمقراطية (بحسب الوصف المذكور في مسودة المشروع) ، و من خلال محاضر المناقشات التي أجريت على المشروع في مجلس النواب الأمريكي يتضح ان هدف المشرع الأمريكي-الجمهوري هو دعم الاستقرار في العراق و تثبت النظام الحالي و دعم التجربة الديمقراطية في العراق لكن وفق وجهة نظر أمريكية لمصلحة العراق. فلا يوجد في هذا القانون او غير ما يعد المواطن العراقي بتغيير النظام في العراق، بعبارة أخرى ان استهداف شخصيات بعينها او حتى مجاميع مدعومة من الحرس الثوري لا يعني تغيير النظام الحالي الذي أسس بمشاركة و اشراف من الولايات المتحدة الامريكية.