الحمد لله الذي مسخ ترامب ودفعه للاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل , والحمد لله على عدم تراجع هذا المسخ عن قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس فورا , والحمد لله أنّ مواقف العرب والمسلمين لم تخرج من دائرة الشجب والرفض والاستنكار والتحذير , والحمد لله على بيان الحكومة العراقية الذي تقوّق على بيانات العرب والمسلمين بالتحذير من التداعيات الخطيرة للقرار , والحمد لله الذي كشف عورة السعوديين والإماراتيين والخليجيين والعرب والمسلمين عامة عدا جبهة المقاومة والممانعة , والحمد لله الذي لم يجعلنا نحن العراقيين سعوديين أو إماراتيين أو خليجيين , فمسخ أمريكا ترامب لم يكن ليجرؤ بالمضي في هذا القرار لولا موافقة كل الحكام العرب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس .
بصراحة لست معنيا بمواقف الدول العربية والإسلامية لأنّي متيّقن أنّ هذه المواقف وسخة كوساخة الحكام العرب ودنيئة كدنائتهم , فالذي يعنيني هو موقف الحكومة العراقية باعتباري عراقيا , لكنّ المفاجئة أنّ بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي جاء بذات السياقات التي طبعت بيانات العرب والمسلمين ولم يختلف عنها في رفضه للقرار الأمريكي , لكنّ البيان العراقي امتاز وتفوّق على البيانات العربية والإسلامية بميزتين , الميزة الأولى أنّه حذّر الحكومة الأمريكية من التداعيات الخطيرة لهذا القرار على استقرار المنطقة والعالم ( واو على هذا التحذير ) , وهذه ميزة نسبية لبيان مكتب رئيس الوزراء الإعلامي على باقي البيانات العربية والإسلامية التي رفضت وشجبت واستنكرت القرار , والميزة الثانية أنّ البيان قد دعا الإدارة الأمريكية إلى التراجع عن هذا القرار المجحف ( واو أيضا على هذه الدعوة ) .
أقسم بدجلة والفرات والهور والجبل .. أنّي كمواطن عراقي خجل جدا من بيان حكومتي , لأني أعلم أنّ الرّد الوحيد المناسب على قرار مسخ أمريكا ترامب بنقل سفارة إسرائيل من تل أبيب إلى إسرائيل هو الطلب من القوّات الأمريكية المتواجدة في العراق بمغادرة الأراضي العراقية فورا وطرد السفير الأمريكي من بغداد وتقليص عدد موظفي السفارة الأمريكية إلى أقل ما يمكن , لكن هل يستطيع السيد العبادي الذي جائت به أمريكا رئيسا للوزراء على اتخاذ مثل هذه القرارات ؟ الحمد لله أنّ السيد العبادي لم يتّخذ مثل هذه القرارات بل ولم يفكر بها أصلا , لكان قد تحوّل إلى بطل ستذكره صفحات التأريخ كما ذكرت القائد سيف الدين قطز الذي هزم هولاكو المغول في معركة عين جالوت .