تعرّض ظهيرة يوم أمس الثلاثاء مجموعة من مجاهدي لواء الطفوف في الحشد الشعبي إلى اعتداء إرهابي غادر وجبان , أدّى إلى استشهاد ثلاثة منهم وإصابة ثلاثة عشر آخرين , وذلك أثناء عودتهم عزّلا لقضاء أجازتهم الاعتيادية في بيوتهم , حدث هذا الاعتداء الغادر أثناء مرورهم في قرية تل الجحش المحررّة منذ ستة أشهر , الاعتداء تمّ من قبل بعض الإرهابيين الذين تسللّوا مع العوائل النازحة , وتشير التقارير إلى أنّ الباص الذي كان يقلّ المجاهدين وأثناء مروره في القرية قد تعرّض إلى اطلاق نار من بيوت القرية التي عاد أهلها قبل فترة , وحادثة قرية تل الجحش ستتكرر بكل تأكيد في كل المدن والقصبات المحررّة , والذي يعنينا في هذا المقال هو كيفية منع تكرار هذه الحوادث الغادرة مستقبلا , فلا بدّ من القيام بإجراء سريع يكون عبرّة لهذه القرية وأي قرية أو مدينة تسللّ إليها الإرهابيون مع عوائل النازحين , فدماء أبنائنا ومجاهدينا الذين لبوّا نداء الواجب بقتال داعش وضّحوا بعوائلهم وزوجاتهم وأبنائهم وأهليهم , ليست رخيصة أو فائضة عن الحاجة , وأرواحهم التي زهقت في الاعتداء الغادر عزيزة علينا , وفراقهم يعزّ علينا ويئن في نفوسنا , وذويهم ينتظرون عودتهم سالمين , وبما أنّ المهمة التي ينهض بها حشدنا الشعبي المقدّس مرشّح أن تستمر لسنوات قادمة حتى يتحقق الاستقرار التام ويستتب الأمن , فهذا يتطلّب أن نقف وقفة جدّية لمنع تكرار هذه الحوادث مستقبلا في كل المناطق المحررّة , والدعوّة لمنع تكرار هذه الحوادث ليس كلاما عابرا نقوله في ساعة ألم وغضب , بل يجب أن يترجم إلى فعل يقف فيه الأهالي في المدن المحررّة وقفة حقيقية مع أنفسهم ويختاروا أمرا بين أمرين , أمّا الإرهاب أو اللا إرهاب , والحقيقة أنّ هذه الدعوّة تنطلق من حرصنا وواجبنا في الحفاظ على أرواح وممتلكات الأبرياء من أبناء هذه المناطق , فلا مجال بعد اليوم للتساهل في مثل هذه الحوادث , وحتى لا يذهب الأبرياء بجريرة أفعال الإرهابيين الذين تسللّوا مع النازحين , على الأهالي أن يسارعوا فورا بتسليم كل الإرهابيين الذين تسللّوا معهم والذين يعرفونهم واحدا واحدا هم وعوائلهم .
وحين نقول أنّ حادثة قرية تل الجحش ستتكرر في كل المناطق المحررّة , فهذا ليس استنتاجا بل هي معلومات مؤكدة وموثوقة أنّ المئات بل الآلاف الإرهابيين قد تسللّوا مع العوائل النازحة , وهذه حقيقة ذكرها لي أكثر من واحد من أبناء السنّة أنفسهم , فقبل أيام طلبت مني نائبة من الموصل أن أكتب عن هذه القضية التي أصبحت خطرا يتهدد حياة النازحين , وذكرت لي أن المئات من الإرهابيين الدواعش موجودين في معسكرات النازحين مع العوائل النازحة , وتؤكد هذه النائبة أنّ السلطات الأمنية والقضائية تعرف بهذا الأمر جيدا , ولهذا نجزم أنّ هذه الحوادث ستتكرر مستقبلا , فإذا كان الأمر كذلك ما العمل لوقف هذا الإرهاب ووقف نزيف الدم ؟ وهل المطلوب منّا أن نبقى نزف شبابنا إلى المقابر ؟ أنا أرى أنّ وقف واجتثاث الإرهاب في المناطق المحررّة يحتاج إلى نوعين من الإجراءات , إجراءات بعيدة المدى تشمل البرامج الدينية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية , لكنّ هذه الإجراءات لن تكون رادعا يمنع ويوقف الإرهاب الحالي , ولابدّ من إجراءات سريعة وعاجلة توقف الإرهاب وتمنع الإرهابيين من القيام بمثل هذه العمليات الغادرة وإلى الأبد , ونحن نعتقد أنّ الضرورات تبيح المحظورات وتقدّر بقدرها , ولابدّ من استخدام القوّة والقسوة ثم القسوة ثم القسوة مع هذه القرية لتكون عبرة لغيرها من القرى والمدن والقصبات التي تسللّ إليها الإرهابيين مع العوائل النازحة , وأي تساهل أو ميوعة في الرّد مع هؤلاء الإرهابيين أو مع عوائلهم سينتج عنه المزيد من الدماء وزهق الأرواح البريئة من خيرة شبابنا , فالتضحية بالعضو من الجسد من أجل سلامة الجسد بأكمله أمرا مؤلما بكل تأكيد , لكنّه ضروري من أجل الحفاظ على سلامة الجسد , ولابدّ أن تكون قرية تل الجحش عبرة ودرسا بليغا لن يتكّرر في المستقبل .