تاريخ ترسخ في ذاكرة جميع العراقيين، والايرانيين، فهذا اليوم لا يكاد شخص عاصر تلك الحقبة الزمنية، او تلاها معاصرا الايام، الى يوم 9/4/2003 “يوم سقوط صدام” ان ينساه، او تمر ذكرى ذلك اليوم دون الانتباه اليه، فمن لم يعاصره من العراقيين فقد ملئت اسماعه الخطابات الرنانة، وكيل الشتائم في الصحف والمجلات، وتعدى اكثر من ذلك، ان يصبح منهجا دراسيا بعنوان خميني يكره العلم والمدارس! وغيرها، خطا كفيلا بأن يرسم صور الكره بين البلدين.
الحرب العراقية- الايرانية، والتي اندلعت في سبتمبر/ايلول1980 والتي كان الطرف البادئ فيها هو العراق, معلنا الحرب على ايران، وخصوصا انها في حالة فوضى بعد ثورة الاطاحة بالشاه، وحملة اعتقالات لقيادات جيش الشاه، مما شكل صورة لدى صدام حسين “رئيس جمهورية العراق آن ذاك” بأنه يستطيع الاجتياح العسكري والسيطرة، وإرضاء رغباته في التسيد والسيطرة والقتل.
الحرب التي اندلعت، والتي كانت بحجج واهية، والتي كانت اولها الغاء اتفاقية الجزائر بين العراق وايران، حول الحدود والخليج العربي او الفارسي، والتوتر الذي اصاب العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبعض المناوشات بين الثكنات من هنا وهناك، اتخذت حجج لاعلان الحرب من الجانب العراقي، والتي كانت من جواهرها، هي اسقاط الثورة الاسلامية في ايران، والقضاء على المد الشيعي، والحد من تحركات الاحزاب الاسلامية في الداخل.
التقدم العسكري للجيش العراقي السريع، والذي توغل الى (الف ومائة كيلو متر تقريبا) داخل الاراضي الايرانية، محتلا مدن سوسان كرد، ومهران وغيرها، دفع صدام ان يطيل آماله الخاوية معلنا في 27/كانون الاول 1980 بأن الحدود مع ايران هو اماكن تواجد قواته، مستندا في كلامه الى الدعم المادي والمعنوي، الذي استطاع الحصول عليه من دول الخليج، بعد عزفه على وتر القومية تارة، والطائفية تارة اخرى، خصوصا وان الحرب التي يقودها ضد الشيعة.
حرب ضروس اعتبرت اطول حروب القرن العشرين، والتي كان طرفي النزاع فيها هم الشيعة، فالجانب الايراني يقاتل بعقيدته الشيعية بالدفاع عن بلده، والجانب العراقي والذي كان اصحاب الافواه العوجاء يجلسون خلف المقاعد، فيما يدفعون بأبن الجنوب الى جبهات القتال، ونهر جاسم كفيل بأعلان الحداد مدى الدهور، على شباب راحوا ضحية المأرب السياسية اللعينة، فهو شاهد على وقائعها، ودول الخليج ترمي النار بالزيت، كي لا يطال حكامها المستبدين الثورات، للمطالبة بالحرية، ما هي الا تصفية حساب.
شكل السيد روح الل.. الخميني، جيشا شعبيا، ليعيد بذلك ثورة الاطاحة بالشاه، من اجل الدفاع عن بلده، فهبت جموع الشعب ملبية النداء، لتدفع بالجيش العراقي الى الوراء، وكانت بوادر التوازن قد لاحت لها في 16/11/1981 في معركة خرمشهر، بل واستمرت حتى دفعته خارج الحدود.
“على الشعب ان يملئ الجبهات” خطاب حوى هذه الكلمات فقط في 20/تموز/1988 كانت كلمات، بنكهة الفتوى كفيلة بأن تعبئ الشعب نحو الجهاد، ليعيد صدام حساباته، ويقبل بأمر التفاوض وايقاف النار.
حرب راح ضحياتها ما يقارب مليون شخص، واكثر من ذلك في الجرحى والمفقودين، وخسائر مادية واقتصادية تراجعت بالبلدين مسيرة 100 عام، كانت نتاج هوس في السلطة، وقيادة عمياء لا تعرف الرحمة، وتعصب طائفي وحقد دفين.
سيبقى التساؤل مطروحا، هل ما يحصل اليوم في السلطة هو نفسه هوس الامس؟.