مرت قبل أيام انتخابات العراق دون تسجيل خروقات أمنية خطيرة والحمد لله ولكنها أشارت وبشكل ملفت للنظر عزوف الغالبية من سكان العراق عن الذهاب الى صناديق الاقتراع لقناعتهم بعدم جدوى هذه اﻻنتخابات في إحداث تغيرات جوهرية في مجمل العملية السياسية التي بنيت قواعدها واسسها وفق للرؤيا اﻻمريكية ووفق لبنود الدستور العراقي الذي شرع بعد عام اﻻحتﻻل ووفقا للمصالح الحزبية التي جاءت بها أحزاب السلطة ..
قانون اﻻنتخابات العراقي الحالي يشير الى امكانية تشكيل الحكومة الجديدة من قبل الكتلة الفائزة باﻻنتخابات أو الكتلة اﻻكبر بعد تحالفها مع كتل نيابية اخرى لتجمع 165+1 مقعدا وهنا يقع المأزق السياسي الكبير… حيث أن نتائج اﻻنتخابات لم تفرز كتلة سياسية بعينها حصدت مقاعد بهذا العدد وعليه ﻻبد من أن تتحالف مع غيرها من الكتل …وهنا مكمن الخطر إذ ﻻبد للكتلة الفائزة أو اﻻكبر التي ستناط بها تشكيل الحكومة أن تقدم تنازﻻت وتعهدات للكتل أﻻخرى وبصورة خاصة الكتل الكردية كي تكسبها إلى جانبها …ناهيك عن قيام تلك الكتلة اﻻكبر باستحصال موافقة ومباركة امريكا وايران ودول الجوار..وبالنتيجة سيحدث انحراف بالمبادئ التي نادت بها قبل اﻻنتخابات. ..هنا بانت الفجوة الكبيرة في مقارعة الفساد والمحاصصة الطائفية المقيتة ومابين الواقع السياسي الحقيقي الذي افرزته اﻻنتخابات والذي يفرض على جميع الكتل أن تؤمن بمبدأ المحاصصة الدينية والعرقية شائوا ام أبو. ..
جميع الكتل بكل رؤسائها ومرشحيها نادت بالتغيير وقلع جذور الفساد الذي بات يسري في كل مفاصل الدولة العراقية وبناء حكومة مدنية تكنوقراط … واﻻهم من هذا وذاك هو محاربة المحاصصة الطائفية التي فرقت هذه اﻻمة. .. الغريب باﻻمر رغم أن جميع الكتل نادت بمقاطعة المفسدين واحالتهم للقضاء كي ينالوا جزائهم العادل لم تقم الحكومة الحالية بكشفهم …
الكثير من النواب الحاليين قد أشاروا وبشكل صريح وعلني أن هناك الكثير من هؤلاء الفاسدين هم أعضاء في الحكومة أو نواب وهم اﻻن ضمن القوائم اﻻنتخابية الفائزة باﻻنتخابات. .. فأي تخبط هذا وكيف سيتم محاسبة هؤلاء…هناك خلل كبير ومازق سياسي حرج وقعت فيه الكتل السياسية والبرلمانية و أظنها غير قادرة على معالجته… ويبقى السؤال ياترى ماجدوى هذه اﻻنتخابات وما الجديد فيها وهل ان ثمت تغيير سيحصل ام أنها بمثابة ذر الرماد بالعيون…
هناك وجوه جديدة ترشحت للبرلمان القادم نحن ﻻنشك في وﻻئها للوطن ونأمل بها خيرا ولكن يبقى السؤال هل تستطيع التغيير وهناك حيتان تجثم على جسد هذه اﻻمة وتتحكم في سياساته إضافة لسطوة امريكا وإيران ودول الجوار في القرار العراقي .. لازال اﻻمل قائم ولننتظر …