23 ديسمبر، 2024 5:21 ص

الحديث مع جدران الغرفة أو البئر أفضل من الحديث مع السفهاء

الحديث مع جدران الغرفة أو البئر أفضل من الحديث مع السفهاء

بحثت كثيراُ وفتشت بين جدران الغرفة المظلمة ,وكنت أصر على عتمتها فلا أريد النور فيها ,خوفاُ أن يراني أحد ثم يوشي بي وبأسراري التي تريد أن تخرج من قفص صدري وتقتلع إضلاعي من جذوره لتتحدث أمام الملأ حتى تستريح من عبء ما تحمله من هموم ومعاناة ,في ظلام الغرفة كل شيء مغلق حتى النوافذ موصدة ,أو أضع رأسي في البئر بفوهته الواسعة ,لكي أتحدث بكل حرية عما يجول في بالي وخاطري ,فالمجالس في هذين المكانين مؤتمنة لا توجد فيها أقلام تكتب التقارير السرية لصاحب السلطة لتوصلني للهاوية أو لمقصلة الموت ,ولا هواتف تصور وتسجل له حديث الخطوط الحمراء فتكون عاقبتي سيئة ,فقد تحدثت كثيراُ مع الناس عن النصح والإرشاد حتى بح صوتي وتقطعت حبال حنجرتي ,لكنهم رموني بالجنون وآخرين اتهموني بالغلو وهناك من ذهب يقول عني أنني من عالمٍ آخر سقطت على الأرض لأفسدها ,أتعلمون لماذا اخترت البئر والجدران الأربعة لأبوح لهما بما شئت ,من سوء أفعال أنصاف الرجال وأشباههم لسلوكياتهم الواطئ وممارساتهم الحقيرة وأقنعتهم المزيفة التي يلبسونها , لماذا هذا التصنع !! لماذا دائما ً نبحث عن التباهي وملامحنا تفضح الحقيقه التي نخفيها ؟فلست وحدي من اتخذ هذا النهج المؤلم والمريح في الوقت ذاته,فكان قبلي سيد الألم علي (ع) يخرج في وسن الليل وحده شارداً من وطأة تمرد الممسوخين الذين لا يعرفون قدره ومقامه وعلمه المكنون ليسامر بليله البئر فترد جدرانه بأنها سمعت شكواه وآلامه,غصة من في فمه ماءٍ أذا يحكي خطاب /كيف من في فمه نزف دماءٍ وتراب ..هنالك سلاسل وقيود لا ترى بالعين وإنما تحس و يستشعر بها من يعيشها,الكثير من الرؤى والنظريات والأفكار والنظريات والفرضيات التي تشكل أيدلوجية أفكارنا تقبع في داخل نفوسنا وهي مكبلة بأغلال ,تخنق صوتنا بين الحين والأخر تريد ان تطبق على أنفاسنا ،قلنا أن أفكارنا ليس فيها تآمر واغتيال معنوي ولسنا من حملة لواء غدر ،فتركونا نعبر المعبر ونمضي بسلام أن لم ترغبوا بنا ،ثم طلبوا منا مقايضات مقابل العبور،ومن ضمنها أن لا ننقل رؤانا لمجتمع آخر خوفاً عليهم أن يفكروا ويحللوا ويشخصوا مواطن الضعف والقوة ثم يستنتجوا ما يجرى عليهم من أزمات وتحديات هي مصطنعة واصطناعها كان جزءاً من بقاء المشكلة ،تكلمنا مع الطير بأن يضرب بمنقاره رويداً رويداً ليكسر القيود المكبلين بها ,وأن تعذر عليه العمل فليترحم بنا وليبلغ الحاكم العادل وصاحب سطوة بالحق كسليمان , ليجد لنا حلٍ في ظل أوضاع سراب ويقين .