22 ديسمبر، 2024 2:31 م

15% ضريبة على الخبرة والكفاءة من موظفي الدرجتين الأولى والثانية

15% ضريبة على الخبرة والكفاءة من موظفي الدرجتين الأولى والثانية

بموجب سلم الرواتب الذي وضعه سيء الذكر السفير بول بريمر أثناء توليه إدارة الحكم بعد الاحتلال الأمريكي المباشر للعراق ، فان من يشغل الدرجة الأولى هم من أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعات والخبراء والمشاورين والأطباء الاختصاصيين و العاملين مع القضاة والمحققين العدليين وغيرهم ممن يمتلكون خبرات كبيرة تمتد ل 25 سنة على الأقل ، أما أصحاب الدرجة الثانية قد يكونوا من نفس مواصفات أصحاب الدرجة الأولى ويضاف لهم حملة البكالوريوس وأصحاب العناوين الوظيفية من مدير فما فوق ولديهم خدمة وظيفية طويلة وخبرات متراكمة ، ومن الناحية العلمية والعملية فان أصحاب الدرجات الوظيفية الأولى والثانية هم أكفأ ( في أكثر الأحيان ) من أصحاب الدرجات الوظيفية الخاصة لأنهم اكتسبوا الخبرة والدرجة والعنوان من خلال التسلسل الطبيعي والتدرج الوظيفي من حيث العلاوة والترفيع وتبديل العناوين ، ومعظمهم لم يتم اختيارهم من خلال الطفرات أو التعيينات بأوامر خاصة أو مراسيم أو قرارات أو بتزكية من الأحزاب والكتل وغيرها من التسميات ، وأكثر الدول المتقدمة والمتخلفة تعتبر الموظفين في الدرجتين الأولى والثانية ضمن ثروة الدولة من الموارد البشرية لما يحملوه من كفاءات أو كفايات اكتسبوها خلال استحقاقهم الوظيفي وخبراتهم وتناوبهم على مختلف الأعمال ، لذلك يتم الاعتناء بهم ومنحهم مختلف الامتيازات بما يتناسب مع مكانتهم الحقيقية لمنع خروجهم من الوظيفة العامة من باب المحافظة على المصالح العليا لا غير ، وعندما يحالون إلى التقاعد استنادا لنصوص القوانين بسبب بلوغهم السن القانونية مثلا يتم إقناعهم للتعاقد معهم بهدف عدم التفريط بخدماتهم لأنهم يعرفون كل صغيرة وكبيرة وقد تراكمت لديهم العديد من المعلومات ويتمتعون بالحكمة في القرارات ، والبعض يعدونهم كنوزا من المعرفة ومن الواجب الوطني المحافظة عليهم وجذبهم بمختلف الإغراءات كأن يتم تمديد خدمتهم استثناءا من شرط العمر .
والمتطلع إلى واقع الوظيفة العامة في العراق من السهولة عليه اكتشاف إن اغلب الموظفين قد تم تعيينهم بعد 2003 ، أما الموظفين السابقين فقد أحيلوا إلى التقاعد أو تركوا الخدمة للذهاب خارج البلاد أو إنهم من ضمن المهجرين والمهاجرين ، وفي الملاك الوظيفي للموازنة الاتحادية لسنة 2016 يبلغ العدد الكلي للموظفين في الدرجة الأولى 43688 وفي الدرجة الثانية 115574 موظف أي إن مجموعهم هو 159262 ، وهذا العدد لا يشكل سوى 5% من مجموع الموظفين البالغ 2905226 موظف ممن يعتمدون على التمويل المركزي ، وهذه النسبة قابلة للنقصان لان موظفي الدرجتين الأولى والثانية الأقرب للإحالة إلى التقاعد بسبب السن القانونية والمرض والوفاة بينما يزداد عدد الموظفين الآخرين نتيجة للتعيينات التي لم تتوقف في يوم من الأيام إلا على الفقراء ، وهي معلومات غير سرية لأنها منشورة ضمن قانون موازنة 2016 في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4394 الصادر في 18 / 1 / 2016 ، ومن الناحية العملية يفترض بصانعي القرار أن يبحثوا عن الوسائل الملائمة للاحتفاظ بالموظفين من الدرجتين الأولى والثانية لإبقائهم بوظائفهم لان عددهم يتناقص يوما بعد يوم ، سيما وإن أكثر من 80% منهم يمكن تصنيفهم ضمن الكفاءات الحقيقية المنتجة للأفكار والطاقات فاغلبهم تربوا على الأمانة والنزاهة والفضيلة وحب الوطن والولاء الوظيفي ونبذ كل ما يسيء إلى سمعة الوظيفة والموظفين ، فرزقهم الأساس هو الراتب الوظيفي الذي أوصلوا به أبنائهم إلى ما هم عليه ، وللحقيقة نقول إن بقاء الموظفين من أصحاب الدرجتين الأولى والثانية يفترض أن يشكل التزاما وطنيا وأخلاقيا لأنهم خزين مهني ممن يجيدون ويطبقون أساليب وأخلاقيات التعامل الوظيفي ، واغلبهم يمكن إن ينطبق عليهم وصف القدوة الحسنة من حيث قدرتهم على حفظ تاريخ وارث وزاراتهم ودوائرهم وهو ما يتطلب إغرائهم لتمديد خدمتهم من خلال زيادة ومدخولاتهم ورعايتهم معنويا .
وان صدور تصريحات وبيانات ومخاطبات تشير بتطبيق استقطاعات جديدة على الموظفين في الدرجتين الأولى والثانية والدرجات الخاصة من خلال شمولهم بضريبة الدخل بما يعادل 15% من مجموع مدخولاتهم ، يعد إجحافا كبيرا ليس بحقهم وإنما بحق الوطن والوظيفة العامة ، فما علاقة موظفي الدرجتين الأولى والثانية بأصحاب الدرجات الخاصة الذين يتقاضون رواتب وامتيازات تختلف عنهم بالتمام ، ولماذا يتم استهداف هذه الشريحة بشمولهم بضريبة الدخل رغم أنهم مشمولين بهذه الضريبة بالأساس ( واعتبارا من 1/1 / 2014 بموجب كتاب الهيئة العامة للضرائب بالعدد 8 / 1158 في 14 / 4 / 2015 ) وكيف يتم الاستقطاع منهم بهذه النسبة بما يجعل رواتبهم اقل من شاغلي الدرجة الثالثة ، ولماذا يعاقبون على أساس الدرجات الوظيفية التي اكتسبوها من خلال التشريعات التي طبقت بعد 2003 ولم يتوارثوها بدون استحقاق ، ولماذا التشهير بهذا الموضوع بحيث إن اغلب المسؤولين وبعضهم ليست لديهم خدمات وظيفية تزيد عن 10 سنوات يرددون ذلك وكأنهم يتعاملون مع ( مجرمين ) وليس مواطنين صالحين قضوا أكثر من 30 سنة في خدمة الجهاز الإداري الحكومي ، وقد افنوا زهرة شبابهم في التدرج الوظيفي والحصول على الشهادات والدرجات العلمية باستحقاق وليس من خلال الغش أو الكذب أو التزوير ؟؟؟ ، فما يطرح بخصوص رواتبهم كفيل بإحباط عزيمة هذه الشريحة المجاهدة من الموظفين وكأن أحدا يريد إيصال رسالة لهم مفادها اتركوا الوظيفة بالتقاعد أو بأية طريقة أخرى فانتم غير مرغوب بكم وعلى طريقة ( عجج وهجج ) ، ونقول لمن يستهدف الكفاءات الوطنية من الموظفين الأكفاء والنزيهين الذين لا شائبة على أدائهم الوظيفي ، بانه ليس من الإنصاف تطبيق التقشف بهذه الطريقة المضحكة فهناك مئات أبواب الصرف التي يمكن تخفيضها أو إلغائها بدلا من استهداف حقوق ومعيشة الموظفين وبهذه الطريقة الانتقائية التي لا تخلو من الشبهات ، ونرجوا من دولة رئيس مجلس الوزراء الدفاع عن هذه الكفاءات وعدم الهدر فيها باعتباره المسؤول الأول عن إدارة أعلى سلطة تنفيذية في البلد ، وهم تحت أمرته لأنهم يشغلون مراكز وظيفية مهمة في العديد من مفاصل السلطة التنفيذية ، فإبعادهم عن سلطته يؤثر على كفاءة الأداء الحكومي في زمن ( الإصلاح ) الذي لم يشهد سوى الاستقطاع من رواتب الموظفين الذين يتدبرون أمورهم بالكاد.