7 أبريل، 2024 12:35 ص
Search
Close this search box.

14 عاما تحت المجهر

Facebook
Twitter
LinkedIn

لاأظن أحدا يخالفني الرأي والقناعة بأن أقسى ما مر بها العراقيون من أحداث بعد عام سعدهم 2003 هي أحداث الموصل وصلاح الدين والأنبار، إذ اجتمعت في هذه الأحداث جمهرة من المرارات والمنغصات والآلام والحسرات، علاوة على الخسارات والضياعات والهلاكات التي شملت الضرع والزرع والبشر والحجر والشرف والكرامة والمال والبنون، ولم يسلم من الضرر حتى الذين ماتوا منذ قرون، إذ صارت رفاتهم تحت رحمة معاول النبش ومقابس الحرق وأدوات التمثيل، وتبددت صروحهم بين سرقة وهدم وتغييب. كما رافقت تلك المصائب إخفاقات سياسية وأمنية آلت الى تداعيات خطيرة، هددت حاضر الشعب ومستقبله، ومست سيادته وكيانه ووجوده، وكل هذا لم يكن ليحدث لولا عنصر الخيانة الفتاك، وعامل الغدر الذي حمله أشباه الرجال، الذين تسيدوا مسرح القيادة في غفلة من الدهر، وغلطة من المواطن كان قد أسهم في تسييدهم عبر صناديق الافتراء ثلاث مرات عجافا، وقد أثبت الفائزون في الانتخابات خطأ ناخبيهم، يوم وضعوا علامة صح أمام أسمائهم أو أسماء كتلهم، بدليل أنهم تسببوا بعد تسنمهم مهام أعمالهم، بخراب البلد وضياع أمواله وتبديد ثرواته وخيراته جهارا نهارا، علاوة على ضياع أراضيه ومدنه التي كانت آمنة مستقرة. ومع هذا نرى كثيرين يصدحون بأصواتهم وينعقون بكل ما أوتوا من صرخات، لرشق البلد ومن يمثله من شخوص ومؤسسات -لاسيما المؤسسة الأمنية بكياناتها المتمثلة بوزارتي الدفاع والداخلية- بما أمكنهم من نعوت ووصف بعيد عن الوطنية. ولنا في هذا شهود كثيرة جسدها شخوص لهم تاريخ في التنابز والمناكفات تحت القبب وخارجها، كذلك لهم باع طويل في التدخل بشكل مباشر او غير مباشر في تردي الحال السيئ، والحفاظ على الأسوأ، وكذلك المساهمة في ديمومة الأكثر سوءا.
لقد كان تصرف بعض الساسة الذين يحسبون أنفسهم وطنيين خلال السنين الأربعة عشر الماضية مسيئا، بكل ماتحمله الكلمة من معنى بحق البلاد والعباد، حتى أن بعضهم صار (بوقا) لأجندات تملي عليه تصريحات يرددها كالببغاء، أمام مايكروفونات داخل البلد وخارجه، فيرشق من منبره ما شاء من حجر بلا خجل، وهم بين مسؤول يتقلد منصبا رفيعا مازال في سدة الحكم، وهارب من يد العدالة، ولائذ في أحضان رؤوس الكتل المعادية للعراق، القابعة في تلك الدول.
ولقد تكالبت على العراق قوى ضالة بأهداف لاتخدم فردا واحدا يعد نفسه عراقيا يقطن أراضيه، هي قوى لايمكن التقليل من شرها او الاستهانة بها، لاسيما وقد تعاونت في نشأتها وتغذيتها ودعمها وجلبها الى العراق، من الداخل أحزاب وكتل وشخصيات، ومن الخارج دول وجهات إقليمية وشخصيات أيضا، كانت قد نأت عن أرض العراق بعد ان ضُربت مصالحها الشخصية والفئوية، او لكون الطيور على أشكالها تقع، إذ أن أشكالها لم تجد لها عشا داخل العراق يأويها، بعد أن هُجمت أعشاشها عام 2003. وكلها تعاونت بغية إيصال العراق الى وضع لاتحمد عقباه، وهي في رهان لإيصاله الى نتائج وخيمة، مستقتلة بإعادته الى ماكان عليه قبل ثلاثة عقود. لذا فهي تتعمد السير عكس تيار العملية السياسية، وتسعى في طريق الخراب من دون حسابات أخلاقية.
ومن هؤلاء اليوم نجد كثيرين ممن يصفقون لأي خلل او تقهقر في وضع أمني، او تلكؤ سياسي او عثرات في سير عجلة البلد. وكان حريا بهم أن يكونوا (عون) وليس (فرعون) والأولى بهم طرح الحلول ووضع الخطط لتقويم الخلل، بدل اتباع سبل التشهير والتنكيل والتسقيط، والصراخ بما ينم عما في دواخلهم من نيات وغايات، وهذا مالمسناه بالأمس، ومازلنا نلمسه على مضض في حاضرنا، مع أن بعضا من القاصين والدانين تفاعلوا مع همومنا ومشاكلنا، كشعب عراقي له من الماضي مايكفيه للوقوف ثانية بعد سقوطه مرات عدة عبر تأريخه.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب