19 ديسمبر، 2024 12:13 ص

14 تموز 1958.. تفتح أبواب السلطة للشعب

14 تموز 1958.. تفتح أبواب السلطة للشعب

تفردت النخبة الحاكمة في العراق، بالسلطة.. لوحدها، تتصرف بقدر العراق وثرواته، مهمشة الشعب، الذي أقصي عن قدره، تتلاطمه رغبات ومواثيق فوقية، سارت بالبلد نحو مهاوي التردي.. مستلباً طوال فترة العهد الملكي… الى أن تبلورت الإرادة الشعبية، متجلية بتنظيم الضباط الأحرار الذي قاده الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم، في مرحلة حالكة الرؤى، توافقاً، مع الرغبة الصادقة بالعمل ضد أية محاولة لتصحيح المسارات السياسية.

أحب تواضع الزعيم قاسم، وأبارك المعطى التاريخي العظيم، الذي ترتب على خطوته الميدانية، بإسقاط أحلاف لم تبالِ بالمواطن العراقي.. تضطهده وتصادر وجوده وتلغي إنتماءه للعراق..

ثورة الزعيم، أسست جمهورية مشرعة الأبواب لإبن الفلاح والعامل كي يتعلمان.. مسهمين في مجريات الأحداث، كافلة المعدمين، حتى بات قاسم أمير الفقراء، متوجاً في قلوبهم، بوجوده وغيابه، على حد سواء؛ لأنه أعاد بناء الشخصية العراقية، وبعث فيها مقومات الثقة بالذات، التي أفرغها التهميش السابق من محتواها، وتوارت خارج نطاق صيرورة حياتها الجمعية.

الفرد العراقي، إنتمى لواقعه، وبدأ العمل الجدي، في سبيل تشخيص مكامن الخلل في بناء الدولة؛ بغية إيجاد منافذ للإرتقاء بالمستوى الحضاري للعراق، متآزراً مع حكومة الزعيم، التي وجدها تنبثق منه لتعود إليه.

لكن .. إنقلاب 8 شباط 1963، الذي تلى ثورة 14 تموز 1958، أجهض الجمهورية الأولى، ولم يؤسس ثانية، إنما عاد للتفرد بالأمور؛ جاعلاً العسكر ينسلون للسلطة التي فتحت أبواب جهنم، على الشعب.. الأحزاب تصطرع في ما بينها والشعب وثرواته هما الوقود.

ولأن قاسم عراقي أصيل؛ لم يرق لإرادات إقليمية تعمل لمصلحة دول عظمى، تضع المنطقة بخدمتهم.. أفراد تمكنوا من الإستحواذ على مقاليد الحكم في دول مؤثرة بالمنطقة، عملوا من خلالها على الإلتفاف بالضد من معطيات ثورة 14 تموز.

تلاحقت الإنهيارات مع توالي الإنقلابات التي تلت الثورة، بلغت ذروة جحيمها، بـ “القومجية” الذين جاء بهم الطاغية المقبور صدام حسين؛ لإفتعال أزمات إقليمية وعالمية، تكرس الثلمات، وتوسعها تعميقاً؛ لتتحول الى براكين.. تفجرت ساحقة العراق.. بدداً.. حتى آل الى ما هو عليه الآن.

لكن لو أن الثورة أخذت مداها، متفاعلة مع وفورات العراق، وفق سلسلة خطط خمسية، سارت عليها.. إستنباطاً من مسح ميداني، لمعضلات شعب يعاني كماً مواراً من مشاكل معضلة لا وجود لها، لكن أسبابها قائمة، تتفاعل مع العراقيين، وهم يتهاوون مستنجدين بأمير الفقراء عبدالكريم قاسم.. “سيذكرني قومي إذا جد جدهم.. ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر”.