23 ديسمبر، 2024 1:10 ص

14 تموز دروس لم نستفد منها !

14 تموز دروس لم نستفد منها !

لم يمض على انبثاق ثورة الرابع عشر من تموز 1958 غير اشهر قليلة حتى بدأت بوادر الخلاف تتصاعد وتتضخم بين اطراف الحركة الوطنية ووصلت الى حد التصفيات في ما بينها ماعرض الثورة الى مخاطر كبيرة .. وقد فشل المرحوم عبد الكريم قاسم ان ينأى بنفسه عن هذه الصراعات كما انه ،وربما لطبيعته العسكرية ،لم يحاول كما نظن ان يشجع اطراف الحركة الوطنية على التفاهم والحوار بل وكما يقول اغلب من عاصر وشارك في تلك احداث تلك المرحلة ان يؤجج الصراع بينها .. كان رحمه الله يستند على حبه للشعب وحب الشعب له .. وبموضوعية يمكن القول ان اطراف الحركة الوطنية جميعا تتحمل بهذا الشكل او ذاك مسؤولية ضياع فرص على العراق ليكون نموذجا في النهضة والتوجه الديمقراطي .. المهم ان الثورة التي استبشر العراق بها خيرا تحولت الى نقمة برغم ما انبثق من قوانين تقدمية من ابرزها قانون الاصلاح الزراعي وقانون رقم 80 وقانون الاحوال الشخصية ،حيث شهد العراق احداث دموية انعكست سلبا على الاوضاع في العراق .. ولا نظننا نبالغ اذا قلنا ان ما نعيشه اليوم من احداث قاسية سببها الاحتلال والمحاصصة وهيمنة طبقة سياسية نفعية طائفية هو اسوأ تلك الاثار .. وما يؤسف له ان صوت الانتقام ومشاهد الدم تغلبت على صوت الحكمة والعقل بل على صوت المصلحة الوطنية العليا .. وبقيت اثار تلك الصراعات تحرك وتوجه اطراف الحركة الوطنية من شيوعيين وقوميين بمختلف اتجاهاتهم وغلب مبدأ عدم الثقة والتشكيك بين اطرافها على مباديء حسن الظن وايجاد قواسم مشتركة للعمل المشترك من اجل العراق وشعبه . وبرغم مضي كل هذه السنوات الطويلة فان اطرافا غير قليلة من المحسوبين على الحركة الوطنية ما زالت تعيش عقدة الثأر والانتقام في حين ان الواعز الوطني يفرض عليها اجراء مراجعة نقدية شجاعة لمواقفها آبان مرحلة ثورة الرابع عشر من تموز وما بعدها ، من دون اغفال مسؤوليتها عما حدث ويحدث الان .. بل ان الغريب ان البعض من قيادات هذه الحركات اختار التعاون مع المحتل واللقاء مع احزاب طائفية ضاربا تاريخه النضالي وتضحياته ومبادئه عرض الحائط .. مرة اخرى اقول ان جميع اطراف الحركة الوطنية تتحمل مسؤولية الانتكاسات والخيبات والازمات التي عشناها ونعيشها ، لانها تغافلت عن المشتركات الوطنية التي تجمعها واختارات طريق الصراعات الدموية .. الرابع عشر من تموز ثورة بكل ما تعنيه هذه الكلمة ومن الجحود ان يصفها البعض بالانقلاب برغم ما رافق سنواتها من اخطاء كبيرة ربما من ابرزها كان الاعتذار لما حدث للعائلة المالكة ولسياسيين عراقيين اجتهدوا لخدمة العراق بطريقتهم التي قد نختلف معهم فيها .. كما انها ثورة في مسيرتها الكثير من الدروس والعبر التي ما زالت بعض اطراف الحركة الوطنية ترفض الاستفادة منها .. ان ما يمر به العراق حاليا يتطلب من كل تيار وطني مراجعة مواقفه والعمل من اجل توحيد الصف واستعادة ثقة المواطن لانقاذ العراق مما هو فيه .. تحية لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وقادنها والمجد والخلود لشهداء الحركة الوطنية .