18 ديسمبر، 2024 9:54 م

14 تموز الثورة والمؤامرة

14 تموز الثورة والمؤامرة

على الرغم من مرور ما يقارب اكثر من 6 عقود من الزمن الا ان الاختلاف والتباين في الاراء حول ثورة 14 تموز التي اطاحت بالنظام الملكي بالعراق وما جرى بعدها من احداث غيرت مجرى التاريخ ، لازال هذا الاختلاف مابين مؤيد للثورة ومابين معارض وخصوصاً من الذين عاصروا المرحلتين الملكية والجمهورية لذا نجد هذا الاختلاف يتجدد كلما اقترب ذكرى ثورة 14 تموز لذا نجد الاحتفالات تتجدد وترفع شعارات الثورة وعلمها وصور الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم الذي استلم السلطة في العراق لغاية سقوط نظامه الذي يعتبر حسب مؤيديه وانصار الثورة انه من الانظمة التي لا تتكرر في العراق من خلال ما انجزته خلال فترة وجيزة من الزمن نهض من خلالها العراق واعاد الحقوق المسلوبة للشعب ، وعلى العكس من ذلك يرى البعض الاخر ان ثورة 14 تموز ثورة دموية تم خلالها تصفية العائلة الملكية بكل وحشية دون سابق انذار عكس ما جرى في مصر حيث سُمح للعائلة الملكية بمغادرة مصر دون ان يتعرض لهم احد ، قد تكون تصفية الملك وعائلته من الاخطاء الكبيرة التي وقعت بها الثورة اذا لم يكن مخطط له او يؤخذ بالحسبان مصير الملك وعائلته بعد نجاح الثورة واستيلائهم على السلطة .
في جميع الاحوال لاتخلو اي ثورة من اخطاء او هفوات مقصودة او غير مقصودة ولكن يجب ان يخطط لها بصورة دقيقة حتى تكون ثورة بيضاء لاتشوبها شائبة على مدى السنين ، ولكن ماجرى صباح يوم الثورة في بغداد لا يمكن للتاريخ ان يتغاضى عنه بقتل الملك وجميع من القصر من عائلته رغم الانجازات التي حققتها الثورة .
يتفق الجميع على ان الزعيم عبد الكريم قاسم كان نزيهاً ولم يكن يمتلك اي من الاموال والعقارات بشهادة الجميع الاعداء قبل الاصدقاء وبعد وفاته اتضح ان مدين للبعض ، ونزاهته وتضحيته وحبه لشعبه هي التي زرعت الحب في قلوب محبيه من ابناء الشعب حتى بعد مقتله ، ولكن التباين في الاراء سببه الانقلاب او ما يسميه البعض المؤامرة ضد الملك واطاحته والاستيلاء على الحكم بقوة السلاح والدماء بعلمه او بدون علمه هي سبب ذلك التباين واختلاف الاراء حتى من الذين لم يعاصروا النظام الملكي او من لم يعاصروا مرحلة حكم عبد الكريم قاسم ، وكان من المفترض ان يبقى الملك على رأس السلطة كما في بعض دول العالم رمز للدولة بينما يكون رئيس الوزارء هو الحاكم الفعلي بمباركة الجميع وبذلك نحافظ على النظام الملكي القائم وان كان مجرد هيكل وتجرى انتخابات لغرض انتخاب رئيس الوزراء وحكومته سواء من كان الضباط قادة الانقلاب او من غيرهم وبذلك تبقى الثورة بيضاء ويبقى الملك ونظامه .
الجدال في ما جرى من احداث لا يجدي نفعاً ولا يعيدها التاريخ وانما يشغل الشعب بأمور لايمكن تنفعهم بشيء سوى اعادة ذكريات الماضي التي ربما لم يعاصروها وانما مجرد روايات وصلت اليهم من هنا وهناك قد يكون مبالغ بها كثيراً ، من كان من انصار الملك فأن الملكية اصبحت جزء من التاريخ ، ومن كان من انصار الزعيم عبد الكريم قاسم فأنه اصبح ايضاً جزء من تاريخ العراق ، ومن كان ولائه للعراق فأن العراق سيبقى خالداً ، علينا ان نفكر بعقل كيف نبني العراق ونعيد اليه مجده بعيد عن التجاذبات السياسية والانقسامات التي تساهم في خلق الفوضى والصراع السياسي بين الاحزاب .
من الجدير بالذكر ان الملك فيصل الثاني اخر ملوك العراق من الاسرة الهاشمية من مواليد 2 مايو 1935 وقتل في صباح 14 تموز 1958 ، في 2مايو 1953 أكمل الملك فيصل الثامنة عشر من عمره فانتهت وصاية خاله عبد الإله على عرش العراق بتتويجه ملكاً دستوريا على العراق ، وأعلن ذلك اليوم عيداً رسمياً لتولي الملك سلطاته الدستورية .
الزعيم عبد الكريم قاسم من مواليد 21 ديسمبر 1914 من عائلة فَقيرة تَسكن محلة المَهديّة وهي من أحد أحياء بغداد الشَعبية , ضابط عسكري ورئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع بالوكالة من عام 1958 إلى 1963 قتل في صباح يوم 8 شباط عام 1963 ، ، ويعدُّ أول حاكم عراقي بعد الحكم المَلكي .