19 ديسمبر، 2024 3:11 ص

12+12 سنة: الدبلوماسية في زمن بيكر وطارق عزيز والخارجية الان

12+12 سنة: الدبلوماسية في زمن بيكر وطارق عزيز والخارجية الان

مرت قبل ايام ذكرى اللقاء الاخير قبل حرب الخليج الثانية واللذي جرى يوم 9 كانون الثاني عام 1991 بين جيمس بيكر وزير الخارجية الامريكية (واقفا في الصورة) وطارق عزيز وزير الخارجية العراقية انذاك (جالسا في الصورة) بعد صدور قرار مجلس الامن المرقم 678 في 29 تشرين الثاني 1990 لانهاء الاحتلال العراقي للكويت. أن اجراء مقارنة بين الواقع الدبلوماسي قبل 2003 ومانراه الان دون ان ندخل في تفاصيل ما جرى بسبب سياسة النظام السابق الفردية وحب التسلط والدكتاتورية وما لحق بالعراق من دمار بنيته التحتية في حربين متتاليتين الاولى مع ايران والثانية بخصوص الكويت وما تبعها من عقوبات وحصار اقتصادي وما وصلت اليه الامور بالاسوء بعد 2003 من قتل وتفجيرات وفوضى امنية وغياب سلطة الدولة وسرقات وفساد اداري ومحاصصة حزبية وطائفية وغياب النزاهة والوطنية وتدهور المؤسسات الحقيقية نرى ضعفا واضحا وكبيرا في اداء الدبلوماسية العراقية. السؤال اللذي يطرح نفسه مقارنة بين الاثنى عشر سنة بين 1991-2003 والاثنى عشر سنة اللاحقة بين 2003-2015 لماذا كان الاداء الدبلوماسي في الفترة الاولى قويا وواضحا رغم عزلة النظام السابق عربيا واسلاميا ودوليا في حين ان الحقبة الثانية بعد 2003 رغم الدعم الدولي اللذي وفرته الادارة الامريكية وما صاحب ذلك من تدريب وتطوير

لاجهزة وزارة الخارجية الا انها بقيت ضعيفة وعاجزة عن الدفاع عن حقوق العراق الوطنية . لقد كانت الوجوه التي صعدت في السلم الدبلوماسي على مستوى الوزارة او السفارات قبل 2003واضحة النشاط في الاعلام العربي والغربي فوزير الخارجية طارق عزيز بغض النظر عن قربه من صدام حسين كان صوته عاليا ويحاط بالصحفيين اينما حظر في مؤتمر دولي متكلما بقوة ويوضح الحجة مقابل الحجة والسفراء خاصة في الامم المتحدة والسفارت الغربية لهم دور بارزمثل عبد الامير الانباري ونزار حمدون ومحمد المشاط ومحمد الدوري فكانوا يقومون بمقابلة المسؤولين في الدول التي يعملون فيها كما يدافعون عن مواقف العراق في محطات التلفاز المعروفة مثل الس ان ان والفوكس نيوز والسي بي أس في حين الى الان جاء وزيرين للخارجية العراقية فالمخضرم الاول هوشيار زيباري لم يترك بصمة وطنية في وزارة الخارجية غير تكريدها حسب المحاصصة وكان يروج للاقليم ويدافع عن الغير اكثر مما يدافع عن العراق ومثال ذلك كان يدافع عن مواقف الكويت بما تدعيه ضد العراق ويجاهر بان للكويت حقوق على العراق حسب قرارات الامم المتحدة لابد من تنفيذها ومثله كان حامد البياتي السفير في الامم المتحدة اللذي كان يغرد في المقابلات قبل 2003 ولم نسمع منه سوى الدفاع عن الكويت بعد 2003 وكذلك الان السفير العراقي في واشنطن لقمان الفيلي نسمع له تصريحات خجولة لدعم العراق وفي نفس الوقت يقول ان الحكومة العراقية لم تدفع رواتب الموظفين في كردستان ولم يذكر ان كردستان تبيع النفط خارج نطاق الدستور كاقليم او ان السفير الحالي في الامم المتحدة محمد علي الحكيم ينصح الحكومة بعدم التصعيد مع انقرة رغم انه يمثل نافذة الحكومة التي يجب ان يحترم قراراتها ويدافع عن وجهة نظرها في المحفل الدولي والاعلام وسفير العراق في الكويت محمد بحر العلوم يدافع عن مصالح الكويتيين اكثر مما يدافع عن مصالح العراق باطفاء الديون المفروضة من قبل الامم المتحدة والتي تعاقب الشعي العراقي واما باقي السفراء فلا نسمع لهم لاغية او لاهية وكأن شيئ لم يحصل في ساحة العراق السياسية ويتمثل معظم نشاطاتهم حضور احتفالات الاعياد الوطنية

ومراسيم استقبال الوفود الرسمية التي يقيمون فيها او نشاطات عرض الازياء او تكريم الفنانين في هذه الدول او اكثر ما يمكن استقبال اصدقاءهم او معارفهم او الشخصيات القادمة من العراق لغرض الراحة والاستجمام تحت عنوان الوفود الرسمية واما كبير السلك الدبلوماسي الان ابراهيم الجعفري صاحب نظرية الدبلوماسية الهادئة حسب ما يدعي فلم نسمع عنه غير السفرات المكوكية الفارغة حول العالم لحضور مؤتمر ديني او افتتاح بناية قنصلية او كمراقب في مؤتمر المناخ العالمي لاتسمح له ابنة معصوم الجلوس في سيارة والدها حسب العرف الدبلوماسي ولم نسمع في مقابلاته غير المصطلحات الغامضة المنومة فتارة يقول لنتفاوض مع الارهابيين وتارة يهدد تركيا ويتراجع عنها والان اصبح كل شيئ صامت وتارة ياخذ دور وسيط بين ايران والسعودية رغم عدم اعتراف وزراء دول الخليج او الجامعة العربية بوساطاته. أن ما يؤسف له ان يصل العراق لهذا المستوى المذل بسبب ما افرزته المحاصصة الطائفية غير الوطنية من سفراء اغلبهم غير كفوؤين ومزدوجي الجنسية ووزراء يتحركون بروح خارج حب الوطن محتمين بالجنسية الاجنبية التي يحملونها. أن الدلائل الحالية تشير الى أن البلد سيعود الى الوراء بمقدار 144 سنة وهي حاصل ضرب 12 سنة (من ما حصل من دمار وحروب عبثية وحصار أقتصادي قبل 2003 ) في 12 سنة (من فوضى أمنية وأقتصادية ومحاصصة طائفية وفساد أداري وغياب النزاهة والشفافية وعدم وجود رقابة وموازنات مالية وانتهاك الدستور وتهريب النفط وانخفاظ اسعاره العالمية وضعف المهنية والكفاءة في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وضعف الدبلوماسية والسياسة الخارجية العراقية) وبالتالي سيحمل المسؤولين ما تبقى مما خف حمله وغلى ثمنه ويتركون الموظفين والمتقاعدين واليتامى والارامل والمهجرين والنازحين تحت رحمة السماء لا يملكون سوى الدعاء الى الله ان ينزل لعنته ونقمته على كل من دمر العراق والعراقيين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات