4 ديسمبر، 2024 2:42 ص
Search
Close this search box.

12 قاصفة أمريكية H-B-52 في الشرق الأوسط!! ما الغاية؟؟ ​​​​​​

12 قاصفة أمريكية H-B-52 في الشرق الأوسط!! ما الغاية؟؟ ​​​​​​

تمهيد

قبل حوالي أسبوع هبطت ست قاصفاتأمريكية عملاقة من طراز B-52-H في قاعدة العديد الجوية في دولة قطَر، والست الأخريات في الطريق إليها في قادم الأيام.

الذي إستغربته أني لما تحدثت عنها في البعض من اللقاءات التلفازية، فوجئتُ بعدد من غير المطلعين على هذه القاصفة من حيث إمكاناتها، قدراتها، حمولاتها، تطوراتها، والحقائق المتاحة عنها، وهم يلومونني ويستخفون بهذه الطائرة، بلوأن عدداً منهم إتهمني -جرياً على الأساليب الرخيصة المتصاعدة في هذه الأيام- بإعلاء شأن الولايات المتحدة الأمريكية والدعاية لها وإحباط معنويات المؤيدين لكفاح المقاومة المسلّحة في هذا الجانب أو ذاك، يقابلهم المتابعون للأحداث التي تعمّ منطقتنا الملتهبة بنيرانُها المُحرِقة منذ 13 شهراً ولغاية يومنا هذا، يقابلهم سادة متابعون ومُقَدِّرون لمجريات الأمور ومآسيها، واضعين أيديَهُم على صدورهم جراء التهديدات النارية المتبادلة بين الكيان الصهيوني وربيبتها أمريكا وعموم دول الغرب، وبين إيران وأتباعها ومؤيديها بشكل غير مسبوق في تأريخ المنطقة، إلى جانب نُذُر الشؤم التي تغطي أوطاننا وشعوبنا للنتائج الكارثية جراء هذه التطورات المُخيفة ومهالِكِها ومحارقها.

لذلك قررت أن أضع هذه مقالتي هذه عن القاصفة الستراتيجية المُرعبة أمام ناظرَي المتابعين السلبيّين قبل الإيجابيّين، لمجرد العلم بالشيء ولا الجهل به.

القاصفة B-52 البِكر

الـB-52 هي القاصفة الأولى المزوّدة بـ8 محركات نفاثة ضخمة في تأريخ الطيران الحربي، وهي مَن سجّلت رقماً قياسياً عالمياً في كونهاالطائرة الأطول، الأعرض، الأعلى، الأغلى، الأثقلحمولة بالقنابل والمقذوفات، والأبعد مدىُ من عموم الطائرات.

محطات في عمر B52

مصانع شركة “بويِنْك BOEING هي من عرضت النموذج التجريبي لهذه الطائرة وفقاً لما أرادها قادة القوات الجوية الأمريكية قبل 72 سنة، وقد أقلع للمرة الأولى في تحليق إستعراضي يوم 15 نيسان 1952.

ولكن النموذج المُحسّن الذي قرروا إقتناءَه أُدخِل في الخدمة الفعلية عام 1955، ليكون القاصفة B-52 العلامة A التي إصطفّت إلى جانب المئات من القاصفات العملاقة القديمة من موروثاتالحرب العالمية الثانية ومعظمها ذات محركات مروحية… هذه القاصفة التي أضحت تحت إمرة قيادة القوة الجوية الستراتيجية S.A.C(STRATAGIC AIR COMMAND) لأغراضالقصف الثقيل بعيد المدى، سواءً بالقنابل الإعتيادية أو ذات الرؤوس النووية، حين غدتالولايات المتحدة بمثابة قطب عالمي يتزعم حلف N.A.T.O منذ سنة 1949، قبالة الإتحاد السوفييتي قائد الكتلة الإشتراكية وزعيم حلف “وارشو” سنة 1955.

طيران يومين مستمرين

للمرة الأولى في تأريخ الطيران كُلّف النموذجالمُحَسّن B52-B بتحليق مستمر حول محيط الكرة الأرضية من دون هبوط في أية قاعدة جوية أو مطار، فطوى مسافة 39.147 كيلومتراً في غضون 47 ساعة و19 دقيقة خلال شهر كانون الثاني 1957، أجرى خلاله عدة إرضاعات بالوقود جواً من طائرةصهريج مصاحبة.

عدد غير مسبوق من القاصفات

في عام 1962 بلغ عدد هذه القاصفات العاملة لدى الأسراب التابعة للقوة الجوية الستراتيجية 744 قاصفة من مختلف العلامات، مع تطويراتمتعاقبة ظاهرة وباطِنة أجرتها مصانع “بوينك” في العديد من أجزائهاوبذلك تحسّنَ أداؤها وطوّرت قدراتها بفضل أجهزة ملاحة لمختلف الأجواء المضطربة وتحديدات الرؤية البشرية في الإرتفاعات والشاهقة والمنخفضة، إلى جانب رادارات ترتبط بكومبيوترات تعمل مع الأقمار الصناعية وطائرات الإستطلاع الإختصاصية وطائرات AWACS، إلى جانب تبديل محركاتهاالنفاثة بأُخرَيات أكفأ وذات قدرات أفضل لدرءالأخطار وتحقيق سرعات وقابليات أعلى بالحمولات القصوى من القنابل والمقذوفاتالأثقل وزناً والأعظم تدميراً، ناهيك عن إضافة العديد من نقاط تعليق تحت الجناحين وأسفل البدن لحمل مقذوفات وصواريخ أحدث وأقوى، ومضاعفة المدى عن طريق التزوّد بالوقود جواً من طائرات الصهريج، ومن دون أن تهبط في مطار كبير أو قاعدة جوية ضخمة بمواصفات ملائمةلتحمّل الثقل الهائل لهذا العملاق.

أجيال تعاقبت من B-52 الأصل

بدءاً من العلامة A الأساس ثم B والمتسلسلةلغاية العلامة G، حتى تبعتها العلامة H الأعظم تطوراً، وهي النموذج الأفضل المعتَمَد عليه بمثابة قاصفة ستراتيجية سجّلت رقماً قياسياً من حيث كونها الطائرة الأطول عمراً في تأريخ القاصفات العملاقة، والذي ناهز 72 سنة لحد يومنا الراهن، وما زالت تعمل بكفاءة 100%، وستستمر حسب المقرر لغاية سنة 2030، إنْ لم يتم تمديد أعمارها مجدداً بواقع 10-20 سنة أخرى، كما هو متوقع، وإلى حين إحلال قاصفات الشبح العملاقة الأحدثB-2″ سبيريت” المتعاقَد عليها تباعاً، محل ذات العدد من القاصفات B-52 القديمة نسبياً، والتي ستُحال على التقاعد وتُنقَل بكل إحترام وتبجيل إلى مقبرة الطائرات الأمريكية بولاية “أريزونا” التي تحتضن 4000 طائرة متنوعة إنتهت أعمارها المفترضة أو تضررت، ولم تعد صالحة للعمل.

ميادين الحروب

سجلت هذه القاصفة بجميع علاماتها المتسلسلة عشرات الالاف من الطلعات وأضعاف هذاالعدد من ساعات الطيران لتحقيق عمليات القصف الثقيل المتنوع في عدد من الحروب الميدانية في بقاع قاصية عن القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، وهي:-

الحرب الأمريكية على فييتنام (1965-1975).
الحرب الآوربية على كوسوفو (1998-1999).
حرب التحالف الدولي على العراق لإخراجه من الكويت (16/1– 28/2/1991):- إضافة لعشرات الآلاف من القصفات الجوية الأمريكية والتحالفية على عموم العراق بإستخدام أفضلالمقاتلات/هجوم أرضي والهليكوبترات المسلحة، فقد إنفردت الـB-52 بتنفيذ (1.624) طلعة جوية منطلقة من قواعد بريطانية، إسبانية، تركية، وعربية خليجية، وكذلك من قاعدة “دييغو غارسيا” وسط المحيط الهندي.. وقد أسقطت القاصفات B-52 لوحدها ما مجموعه (6.829) طناً من مختلف أوزان القنابل شديدة الإنفجار غير الذكية على القوات العراقية المتخندقة في أرض الكويت، وكذلك على تشكيلات الحرس الجمهوري المنفتحة للدفاع الموضعي في البراري الجنوبية والهجوم المقابل المزمع في الداخل العراقي.. إلى جانب إطلاقها المئات من مقذوفات كروز “توما هوك” ذات المديات البعيدة والمتوسطة على أهداف ستراتيجية في بغداد وعموم العراق، والتي أُستُخدمت للمرة الأولى في حرب حقيقية.
حرب الإجهاز على العراق والإنتهاء من تدميره وحرقه (19/3- 9/4/2003).
حرب تدمير مدن العراق الغربية والشمالية الغربية بذريعة القضاء على “د.ا.ع.ش” (2014-2017).

الـ B-52-H الأحدث

الآن فلنترك العلامات السبع القديمات A D C B E F G ونقفز إلى الجيل الثامن ذي العلامة Hمن هذه الطائرة، وهو الطراز الذي بعثتهه الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط في هذه الأيام المضطربة التي تغلي بالدماء والأرواح والدمار والخراب في غزة ولبنان... لنعرض أمام أنظاركم مختصر مواصفات وقدرات الـ” B-52-H” المسماة بالقلعة الطائرة:-

النوع:- قاصفة ستراتيجية ثقيلة وبعيدة المدى.

الطاقم:- 5 أشخاص، وهم:- طيار ومعاونه، ضابط مَلاّح، ضابط حرب ألكترونية، ضابط قاصف.

القوة الدافعة:- 8 محركات نفاثة ضخمة.

السرعة القصوى:- 958 كلم/ساعة بإرتفاع 10.000 قدم (حوالي3.000 متر) فوق سطح البحر.

المدى الأقصى بحمولة كاملة:- 16.000 كلم.

سقف التحليق الأقصى:- حوالي 17 كلم (55.000 قدم) فوق سطح البحر.

الأوزان:- الطائرة الفارغة 139 طن… بحمولة قصوى من الوقود والمقذوفات 229 طن.

الأبعاد:- المسافة بين طرفيَ الجناحين:- 56 متر… إرتفاع الدَفّة: 12.5 متر… الطول الكلّي:- 49 متر.

التسليح الثابت:- 4 مدافع رشاشة  عيار 20 ملم مثبتة في ذيل الطائرة، تُدار رادارياً لدرء الأخطار بواقع 170 درجة إلى جميع الإتجاهاتعند تقرّب أي جسم طائر مُعادٍ منها.

الحمولات القصوى للقاصفة B-52 H

81.5 طن من القنابل الإعتيادية حرة السقوط شديدة الإنفجار بأوزان متنوعة حسب الحاجة.

أو:- 20 مقذوفة كروز جو- أرض “توما هوك”متنوعة، مداها الأقصى 2.500 كلم.

أو:- 4-6 قنابل ثقيلة للغاية من طراز “أم القنابل” مختلفة الأوزان.

أو:- 4- 6 قنابل نووية مختلفة القدراتوالأنواع.

حمولات الطلعة الواحدة

تبلغ مجاميع الحمولات التي يمكن لـ12 قاصفة B-52- أن تسقطها أو تقذفها بالطلعة الواحدة:-

إما إسقاط (1012) طن من القنابل شديدةالإنفجار حرة الإسقاط بأوزان متنوعة وأغراض متباينة.
أو (240) مقذوفة كروز جو- أرض مُسَيّرة لمسافات أقصاها 2500 كلم.
أو (48-72) قنبلة “أم القنابل” مختلفة الأوزان وخارقة للأعماق بواقع 60 متر تحت سطح الأرض في أصلب الأراضي.
أو 48-72 قنبلة نووية مختلفة القدراتوالأغراض.

وإذا إفترضنا أن إعادة تحميل كامل الأعتدة والأسلحة في جوف القاصفة وتحت جناحَيها، تستغرق ما بين 3-4 ساعات بعد العودة من كل طلعة طالت ساعتين على سبيل المثال، فإن بإقتدار 12 قاصفة إسقاط أو قذف 4-5 أضعاف تلك الكميات من الحمولات التي ذكرناها في غضون 24 ساعة.

الخلاصة

بعد سرد هذه المعلومات، أرى من المستغرب أن يستخفّ البعض ممن يُبَسِّطون موضوعة تمركز 12 قاصفة من طراز B-52-H في منطقة الخليج العربي، وعلى بعد حوالي 250 كيلومتراً من السواحل الإيرانية، ويقلّلون من أهمية هذه الخطوة الأمريكية، ويعتبرونها مجرد 12 طائرة قد تُسقَط بمقذوفات الدفاع الجوي الإيرانية، ولا ينظرون نحوها بمثابة قلعة طائرة لا تمتلكها سوى الولايات المتحدة الأمريكية!!!!!

والحقيقة أن لا تأكيد أمريكي عن الغرض من تموضع هذا العدد من هذه القاصفات ذات القدرات،هل هو للردع والتخويف ليس إلاّ، أم لغايات أخطر؟؟

ولكن الحكمة تقول:- “إن كان عدوّك فأراً فأحسبه أسداً” وإستحضر له وفقاً لمخاطرالإحتمال الأسوأ... لذلك ينبغي أن نضع في أذهاننا، أنها ربما أتت كأداة ضرب مُبرِح إذاتصاعدت الأمور بين الكيان الصهيوني وجمهورية إيران الإسلامية نحو المواجهة المباشرة، لا سيّما وأن “واشنطن” تصرح من دون إستحياء وخجل، أن الحفاظ على أمن “إسرائيل هو من أعظم أولوياتها إن داهمتها أية أخطار.

لذلك فعلى قادة “طهران” السياسيين والعسكريين وأتباعهم في محور المقاومة، أن يدرأوامخاطر هذه القاصفات وسواها من أدوات الدمار على دولتهم وشعوبعم وبُناهم التحتية… وبذلك يكونوا حراساً لأرواح جنودهم وأبناء شعبهم ومواطنيهم وعمرانهم.

وفي الختام نقول أن:- الإكتراث وتقدير الموقف المُعمّق والصادق ليس عيباً وضعفاً، بل هو السبيلالأفضل للحفاظ على الوطن والشعب والجيشوالقوات المسلحة من أن تصيبها مصائب شبيهة بالتي وقع العراق في أتونها سنة 1991 ثم 2003 المشؤومتين جراء الغرور وإنعدام الواقعية، وذلك حتى لو تجرّع أولئك القادة كؤوس السُمّ العُجاف.

أحدث المقالات