23 ديسمبر، 2024 7:24 ص

112 قبلة بين دمشق ولبنان

112 قبلة بين دمشق ولبنان

 

مائة واثنا عشر كيلو متراً…هي مسافة الشوق والحب والاحترام التي تجمع الشعبين الشقيقين السوري-اللبناني، الطريق بين بيروت ودمشق قصير، أقصر من الطريق بين بيروت وصور، أو بيروت وطرابلس، وبالتأكيد فهي أقصر بكثير من المسافة بين دمشق وحمص أو دمشق واللاذقية، ما يجمع دمشق وبيروت ليس مصالح آنية فقط، بل هي وحدة الدم والهدف والمصير المشترك.

 

التطور التي تشهده العلاقات السورية- اللبنانية في المرحلة الراهنة يثلج القلب وينعش الأمل لبناء استراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية، هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود سورية ولبنان في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل.

 

إن زيارة الوفد الوزاري اللبناني لدمشق تعكس تقديراً لافتاً لمكانة سورية في الساحة الدولية، فالملفات التي نوقشت في هذه الزيارة وما صدر عنها من رسائل وإشارات هي كثيرة، استمرار الدعم السوري الثابت للبنان بعدما وقع لبنان ضحية أزمات تهدّد وجوده وكيانه، على الرغم من الأخطاء المميتة التي ارتكبها البعض بحق سورية، والتي لم تقابلها القيادة السورية يوماً بالمثل، بل على العكس استمرت بالحفاظ على التزاماتها إزاء لبنان والشعب اللبناني. كما تحمل هذه الزيارة في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية ولبنان متينة، وخارج المساومات والصفقات ولا يمكن أن يعكر صفوها ازدياد حجم التحديات.

 

ورغم أن الزيارة تتعلق بالشق الاقتصادي فقط ولها صلة بعملية استجرار “نقل” الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر سورية، إلاّ أنها تحمل دلالات سياسية خصوصاً أنها المرة الأولى التي تتم فيها الزيارات اللبنانية لسورية على طريقة وفد رسمي يمثل الدولة ويتفاوض بإسمها. بالتالي هذه الزيارة يمكن أن تفتح الباب لعدد من الاتفاقات المشتركة بين البلدين، كون سورية منفذ لبنان البري الوحيد إلى العالم ولأن المقاطعة لن تجدي نفعاً على لبنان.

 

وهنا أرى بأن هناك رؤية استراتيجية موجودة في كل الأوساط اللبنانية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن سورية المؤثرة في الإقليم، هي سورية التي يمكن ان تسهم في عودة الاستقرار مرة اخرى الى منطقة الشرق الاوسط المضطربة كما ان هناك رؤية استراتيجية ثابتة وهي دعم سورية للبنان في كل الاوقات.

 

 

نحن في سورية كنا وما زلنا نتطلع لعلاقات متجذرة فريدة في مختلف المجالات مع الشقيقة لبنان، وتقديم مصلحة الأمة على أي مصالح ثنائية لا تخدم الأمة بأكملها، لذا يجب أن تبقى سورية ولبنان على وئام ووفاق إنطلاقاً من إستيعاب دروس التاريخ أنه كلما كانت سورية ولبنان في خندق واحد، وموقع واحد متضامنتين باعتبارهما “في جبهة واحدة” لمواجهة التهديد الإرهابي.

 

مجملاً…. إن تمتين العلاقات السورية اللبنانية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الاستقرار في خضم المرحلة المضطربة حالياً.

 

وأختم مقالي بالقول: انني على ثقة تامة أن الشعبين السوري واللبناني قادران على تجاوز وتخطي أزمتهما ومحنتهما الراهنة بفضل تماسكهم ووحدتهم الوطنية، لأنهم يدركون جيداً دورهم في المنطقة العربية من خلال عودتهم لتبوأ موقعهم ومكانتهم العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع الامبريالية في المنطقة العربية الرامية الى تجزئة وتقسيم الأقطار العربية وتفتيت وحدة الانسان العربي من المحيط الأطلسي حتى الخليج.

[email protected]