23 ديسمبر، 2024 11:51 ص

11 ايلول والشرعيات المفترضة

11 ايلول والشرعيات المفترضة

كان لابد من وجود التغيير في الوضع العالمي المستقر نوعا ما; خصوصا وان العالم اقبل على القرن الواحد والعشرون بعد ان طوى قرنا بدايته حروبا دموية ونهايته حروبا فكرية وعلميه,
 العولمة الأمريكية فرضت نفسها بقوة واصبحت اللاعب الاكبر في السياسات الدولية, ولابد لهذا الغرور المحبوس ان يخرج لأرض الواقع بالشرعية والاطار المقبول عالميا, ما ولد حاجة ملحة للإدارة الأمريكية بان تفكر بجدية وببعد نظر بتقديم التضحيات الداخلية منتظرة مكاسب خارجيه وفق تسلسل زمني مدروس ومحبوك بحبكة هوليود امريكا الشهيرة, هذا ما يعتقده الامريكيون اصحاب ما يعرف ب(نظرية المؤامرة) قبل اي مراقب ينظر لأمريكا على انها مصدر الشر العالمي!,
الولايات المتحدة تملك من الخبرة شيء كبير باختلاق هكذا افعال; كما في حادثة بيل هاربر الشهيرة التي حدثت في 7 ديسمبر عام 1941, وبيل هاربر هذا ميناء امريكي انشئ عام 1919 تعرض لهجوم مباغت بُني على انه هجوم ياباني بسبب الحصار الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة على اليابان آنذاك, هذه الحادثة اسفرت عن اضفاء الشرعية لمشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية,
احداث 11 ايلول لم تقتصر نتائجها على تلك الشرعية المتقنه; انما اضفت اعترافا بوجود شخصية معنويه عالميه ستشكل رقما لا يستهان به في لعبة السياسات الدولية العالمية, التطبيل لتنظيم اسلامي شرقي يمكنه ان يمثل الوجه الحقيقي لإرادة الشر والارهاب العالمي, وجود تنظيم القاعدة في هذه المنطقة في العالم وبهذه الصبغة سيجعل منها الشرطي العالمي الساهر على امان العالم, تغيرت الاهداف الاستراتيجية لهذا التنظيم الذي كان اول الامر غرضه زرع مصدر قلق لروسيا في لعبة خلق توازن في تمثيل الرؤية الأمريكية في افغانستان التي يشكل موقعها الجغرافي قلبا نابضا من جميع القوى الموازية (الروسية والإيرانية والشرق اوسطيه والشرق أسيوية),
بعد 11 ايلول بدأ العالم يعرف شكلا اخر من اشكال لعبة القوى العالمية, انها سياسة المُقتص المطالب بحقوقه والباحث عن فلوذ الارهاب العالمي الذي عمل عملته في نيويورك مع امكانية ان يقوم بنفس تلك العملية في عواصم اخرى ولابد من مطالب لقميص عثمان!, لذلك باتت الحاجة لشرطي عالمي يحرس العالم من الخطر المحدق الذي تمثله القاعدة التي لا تعرف رحمة ولا تعرف الايقاف حتى من التكنولوجيا الحديثة, فانتبه ايها العالم!
لعل امريكا اقتنصت هذا التوجه ووجدته الاسلم لتحقيق رغباتها من خلال مسلسلها الكارتوني الاشهر في العالم (توم اند جيري), احدى الحلقات تقول ان توم القط كان جائعا جدا ولا سبيل للحصول على الطعام من ربه المنزل الى بالقيام بعمل بطولي ما جعله يعمل اتفاقا مع الفأر جيري والذي كانت مهمته خلق القلق في البيت ليحصل اخيرا توم على دجاجة بالكامل ويتقاسمها مع العدو الصديق, من الجدير ان معدة الفأر ليست بنفس حجم معدة القط ناهيك عن انه المفكر والمخطط فلذلك يستحق النصيب الاكبر!,
بذرة الشر التي زرعت في ذلك اليوم اثمرت ولا زالت تثمر الى اليوم, ذهب ضحيتها بدءا من امريكا نفسها 2793 قتيل و24 مفقود, واستمر الالتهام ليصل الى افغانستان التي لازالت الا اليوم تقدم قرابين السيطرة الأمريكية; وليس انتهاءا بأسلحة الدمار الشامل المفترضة في العراق والتي دفع ثمنها العراق خرابا وقتلا وفتنة طائفية وعرقيه اكلت الاخضر واليابس, امريكا ادركت اخيرا ان العراق لا يملك دمارا شاملا وان احتلالها للعراق كان بناءا على معلومات غير دقيقة !,
احداث 11 ايلول كان سببها خطأ تكنولوجي حسب التصريحات واحتلال العراق خطأ معلوماتي ايضا, يبدو ان التكنولوجيا هي سبب وقوع امريكا بأخطائها كما هو سبب نجاحاتها! .