17 نوفمبر، 2024 7:27 م
Search
Close this search box.

الخمسة المبشَّرون بالهزيمة في إيران

الخمسة المبشَّرون بالهزيمة في إيران

أجازَ مجلس صيانة الدستور في إيران أسماء «المؤهلين» لخوض التنافس على منصب رئيس الجمهورية. الانتخابات الرئاسية المقبلة هي الثانية عشرة التي تُجرَى لاختيار رئيس إيراني، لكن طعمها يبدو مختلفاً. «المجازون» لخوض غمار التنافس هم ستة أشخاص تمت غربلتهم من بين 1600 متقدم، لكن هذا الرقم (6) يبدو «كثيفاً» في محتواه نظراً لطبيعة الأفراد الذين يُشكلونه.

حسن روحاني وإبراهيم رئيسي ومصطفي ميرسليم وإسحاق جهانغيري ومحمد باقر قاليباف ومصطفي هاشمي طبا. في التفصيل الشخصي فهم مُعمَّمان وأربعة أفندية. وفي التفصيل المهني هم ثلاثة مهندسين وقاضٍ وجنرال وحقوقي. وفي التفصيل المناطقي أحدهم طهراني وآخر هرمزكاني (جنوب) وثالث سمناني (شمال) ورابع أصفهاني (وسط غرب) والخامس والسادس مشهديان (شمال شرق). أما في التفصيل الحزبي فهم أربعة محافظين وإصلاحي وواحد بين بين.

اثنان منهم (ميرسليم وهاشمي طبا) هما خارج التنافس من الآن. واثنان آخران (جهانغيري وقاليباف) هما خارج الدور الأول من الآن. والأخيران (روحاني ورئيسي) هما مَنْ سيتعاركان على منصب الرئاسة هكذا يبدو. لكن هذه المعركة ليست متكافئة من حيث الاصطفاف. فالذي يظهر أن المحافظين والقوى الخفية كالحرس الثوري تدعم إبراهيم رئيسي كخيار أفضل لها من حسن روحاني. وهذه مشكلة سياسية قبل أن تكون أيّ شيء آخر.

في التغطية الإعلامية والتسويق الذي تم لطريقة تقديم المرشحين المحتملين بأسمائهم للترشّح وقفتُ على حجم التأييد الذي تقدمه تلك القوى لرئيسي مقارنة بروحاني. لقد تجاوزت التغطية لرئيسي خمسة أضعاف ما لقيه روحاني منهم في استعراض الصور التفاعلية، فضلاً عن إبرازه (أي رئيسي) كرجل دين يُدرِّس خارج الفقه في مدرسة نواب في مشهد (والتي تعني اجتهاده) وأنه عُيِّن قبل فترة وجيرة من قِبَل المرشد في أهم منصب روحي في إيران وهو سادن الروضة الرضوية.

دعونا نفصِّل أكثر. في الانتخابات الرئاسية السابقة (2013) التي كانت فيها نسبة التصويت 72 في المئة (50 مليون كان يحق لهم التصويت) فاز حسن روحاني على منافسه محمد باقر قاليباف الذي يترشّح اليوم كذلك. وهو (أي قاليباف) بالمقاييس الحزبية لا يمثل قوة ضاربة وإنْ كانت شعبيته جيدة كونه يُمسك ببلدية العاصمة. أما اليوم فروحاني يتنافس مع شخص قادم من رحم القوى الخفية المتجذرة في النظام السياسي سواء في القضاء أو الأمن الحرس والباسيج.

لا أحد يعرف بالتحديد شعبية الرجل كونه يترشّح لأول مرة في منصب عام يُتوَلَّى بالاقتراع المباشر. ولو افترضنا أنهما (روحاني/ رئيسي) سيذهبان إلى جولة ثانية فإن الأصوات التي سينالها قاليباف على سبيل المثال ستذهب حتماً إلى رئيسي كونهما من التيار ذاته. والمعروف أن قاليباف هذا حصل في الانتخابات السابقة على أكثر من 5 ملايين صوت أي 16 في المئة من الأصوات.

بل ربما ينسحب من السباق باكراً كما قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية مهدي جمران، ليصبح نائباً للرئيس عندما يفوز رئيسي. أما أصوات جهانغيري فهي ستذهب إلى روحاني لكن لا يُعرَف بالضبط كم سيحصل هذ المرشّح كونه لم يُجرّب حظه سابقاً في الرئاسة ما خلا دورتين تشريعيتين ما بين العامين 1984 و1992.

أما أصوات الاثنين الباقيين وهما مير سليم وهاشمي طبا فهي بالتأكيد ستكون خردة لا تؤثر في شيء. فحظهما ليس بأفضل من أشخاص كمحمد غرضي الذي لم ينل سوى 391 ألف صوت في الانتخابات السابقة، وبالتالي فتأثيرهما ليس ناجزاً على رغم أن أصوات أحدهما على الأقل ستذهب لإبراهيم رئيسي. من هنا تصبح المعركة جدِّية أمام حسن روحاني كي ينال فوزاً مريحاً، مع غياب أهم داعميه وهو هاشمي رفسنجاني وانكفاء محمد خاتمي الذي لن يجد شخصاً كمحمد رضا عارف يطلب منه الانسحاب من التنافس دعماً لروحاني كما فعل في الانتخابات السابقة.

نعم، الفارق بين الرجلين كبير في مسألة الاستناد إلى ما يُؤهلهما للفوز من عدمه. فروحاني أساساً هو نائب برلماني لخمس دورات (1980 – 2000)، وممثل للمرشد في المجلس الأعلى للأمن القومي، وأمين له طيلة 16 عاماً، وعضو في مجْمَع تشخيص مصلحة النظام، وكذلك في مجلس خبراء القيادة، وممسك بالملف النووي الإيراني، ومفاوض فيه عن إيران، وبالتالي فمناصبه في جلها سياسية.

أما إبراهيم رئيسي فكان مدعياً عاماً في مدينة كرج غرب طهران منذ أن كان عمره 20 عاماً ثم مدعياً عاماً للعاصمة طهران في الثمانينيات ورئيساً لدائرة التفتيش العامة ونائباً لرئيس السلطة القضائية (قبل أن يُصبح سادناً للروضة الرضوية قبل أشهر) بالتالي فهو ينتمي إلى أكثر الأجهزة جدلاً وخلافاً بين الناس الذين لا يميلون عادة للأفراد الذين يتولون سلطات مُرغِمة جافة. وربما نستعيد من الذاكرة هزيمة محمدي ريشهري (وهو أحد أبرز قضاة إيران) في انتخابات العام 1997.

هذا من حيث المبدأ لكن الأمور قد تسير بشكل آخر إذا ما بدأ التجيير لصالح رئيسي من قِبَل القوى الصلبة. وقد لا يكون ذلك حليفه بل يصبح المشهد معرضاً للمفاجآت كما حصل في معركة ناطق نوري ومحمد خاتمي في العام 1997 عندما صَرَعَ الثاني الأول بفارق 12 مليون صوت، وعندما هَزَم شخص مغمور كمحمود أحمدي نجاد واحداً من أهم سياسيي إيران وهو هاشمي رفسنجاني في العام 2005، حين حصل الأول على 17 مليون صوت بينما الثاني على 10 ملايين صوت فقط.
نقلا عن الوسط

أحدث المقالات