كنت وكلما ذهبت الى منزله القديم لنخرج سوية في نزهة – نزهاتنا بطبيعة الحال كلها نكد x نكد نستعرض خلالها واقع العراق المرير من زاخو الى الفاو – كان وبعد ان يغلق الباب الخارجي ، يقول ” اللهم ﻻ امتلك ثمن اعادة بناء جداري المائل الذي يقف على شفير الانهيار فأحفظه كما حفظت المنارة الحدباء المائلة طيلة 8 قرون من السقوط !!” فأعقب على دعائه بـ ” آآآآمين ” .
كان جدار منزله يكاد ان ينقض بفعل تقادم الزمان والعوامل الجوية و تسرب المياه الثقيلة وطفح المجاري وهو المثقف ” المتنبي ” الذي يأكل وجبتين في اليوم الواحد فقط فيما الثالثة هدية – للمجهود الفكري – ولا اريد الخوض في طبيعة الوجبتين المتناولتين الخاليتين من اللحوم البيضاء والحمراء والبروتينات والدهنيات والسكريات والنشويات – وﻻ بؤساء فيكتور هوغو ومارك توين – احداها شاي وووصمون ، ربما لأنهم يفلسفون كل شيء فلسفة مبنية على عقد شخصية ومجتمعية اكثر منها واقعية حتى تركتهم الدنيا وراء ظهرها وكذلك فعل الناس وكان بامكانهم ان يكونوا مثاليين وواقعيين في ذات الوقت ولكن من غير انطوائية وﻻ انكفاء على الذات وﻻتقوقع مقيت جعلهم يحدثون انفسهم فقط من دون الاخرين .
مررت عليه بالامس ليلا كالعادة فترك الباب الخارجي مفتوحا من غير اغلاق ، داعيا ” اللهم ﻻتجعله كمنارة الحدباء ، ﻷن سقوطه كسقوطها يعني انني سأعيش – سفردحي – بلا سياج خارجي ﻷنني ﻻ امتلك غير – 25 الف دينار = 20$ حتى نهاية الشهر ، وليس في حينا عبد صالح كصاحب موسى عليه السلام لو رأى جدارا لمسكين مثلي افنى عمره في التعلم والتعليم يريد ان ينقض جداره المائل اقامه من غير ان يتخذ عليه اجرا لعل الله تعلى يحدث بعد عسر يسرا !! العمل التطوعي واجب في زمن المحنة والخيبة والشح المطاع والهوى المتبع واعجاب كل ذي رأي برأيه وان لم يفهم طبيعته وﻻ كنهه وﻻسره ولم ير نتائجه ﻻ انا وﻻ انت وﻻ كل من حولك .
اطرقت رأسي قليلا وتأملت في نظرية تقويم ” الجدران المائلة ..العدالة المائلة ..الضمائر المائلة ..الافكار المائلة ..الاخلاق المائلة ..الاعراف المائلة ..التقاليد المائلة ..الاقلام المائلة مجانا ” قبل انهيارها كلية واعادة بنائها – بثمن باهظ ﻻحقا – حفاظا على كنوز مستقبلية تحتها ﻷجيال لم تبلغ اشدها بعد لعلها تنتفع من اقامة مائل وتترحم على اجداد لم يتركوا مائلا من دون تقويمه حسبة لله تعالى ” لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصهمْ عِبْرَة” فهل من معتبر .اودعناكم اغاتي