لو تسنى للمرء أن يتحدث عن النتائج و الآثار السلبية المدمرة التي ترکه و يترکه نفوذ و هيمنة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على العراق، فإنه سيفتح موضوعا يحتاج الى وقت طويل من أجل تناوله و تسليط الضوء عليه کما هو في الواقع، وإن الواقع العراقي المرير وکما نشهده و يشهده العالم، يجسد معنى و حقيقة التأثير الذي ترکه ذلك النفوذ.
العراق الذي هو کما نعرف مهد الحضارات و کان خلال العقود السابقة متميزا بنخبه الثقافية و العلمية و الاجتماعية و بإنفتاحه و تنوره، إنقلب اليوم و ببرکة دور و تأثير نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الى بلد تحکمه الاحزاب و الميليشيات المتطرفة و تهيمن عليه أفکارا و رٶى طائفية متطرفة يدفع الشعب العراقي فاتورته من دماء أبنائه و على حساب مستقبل الاجيال الآتية.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي جعل الشعب العراقي يغوص في بحيرة آسنة من المشاکل و الازمات العويصة، لم يکتف بذلك کما يبدو وانما زاد عليه أيضا تسويق قاسم سليماني قائد قوة القدس الارهابية بمثابة الصديق الصدوق و المنقذ الوحيد للشعب العراقي في أوقات محنته، حيث نجد بين کل فترة و أخرى خبرا عن ظهور قاسم سليماني في الجبهة الفلانية أو إجتماعه بکذا جماعة بحيث يبدو کمنظر و موجه لهم.
سليماني الذي يتم تسويقه على إنه صديق و منقذ للشعب العراقي، هو نفسه صاحب المآثر”الطائفية”البشعة التي جرت في العديد من مناطق محافظة ديالى عشية المواجهات التي حصلت هناك ضد تنظيم الدولة الارهابي، ولاسيما حملات التهجير و هدم البيوت و جرف البساتين و التصفيات على خلفية طائفية بحتة والتي ومن سخريات القدر و مهازله إن بعض من قادة الميليشيات الشيعية قد برروا تلك الجرائم البربرية و التي تستهدف تغيير ديموغرافية تلك المناطق، بإن من حق إيران أن تعمل في المناطق الحدودية المحاذية کل ما يحفظ أمنها، وهنا لابد من الإشارة الى ماقد أعلنته المقاومة الايرانية من معلومات دقيقة عن المخططات الدموية التي أمر قاسم سليماني الميليشيات الشيعية بتنفيذها ولاسيما مايتعلق منها بالتطهير الطائفي.
بعد أن دفع العراق فاتورة باهضة جدا من دماء أبناء شعبه و من إمکاناته المادية و العسکرية، وبعد کل ذلك التعب و الجهد الذي تم بذله، بدأت أصوات نشاز تنعق و تنعب من هنا و هناك عن”الدور الکبير”و”الاساسي” للإرهابي المطلوب دوليا و المجرم بحق الشعب العراقي و شعوب المنطقة، قاسم سليماني في تحرير مدينة الموصل من يد تنظيم داعش الارهابي(ربيب قوة القدس الارهابية)، وهذه الاصوات المشبوهة و العميلة للنخاع، تسعى من ضمن ماتسعى أيضا التغطية على المکتسب الذي حققه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بفتح طريق استراتيجي کان يحلم به يربطه بالبحر الابيض المتوسط عبر العراق و سوريا و لبنان، والحقيقة التي يجب أن ننتبه إليها أيضا و نتحوط منها منذ الان هي أن نتحسب من الخطوة التالية لطهران في العراق، ذلك إنه وطالما بقي هذا النظام بقي التهديد و الخطر ولن يستتب سلام و امن و استقرار في المنطقة إلا بسقوطه أو رحيله.