تتوالى التصريحات و المواقف المتناقضة من قبل قادة و مسؤولي الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي تسير کل واحدة منها بإتجاه و سياق يختلف و يتناقض عن الآخر تماما، ففي الوقت الذي يؤکد فيه المرشد الاعلى للنظام علي خامنئي على تشديد سياسة التدخلات في المنطقة و التصعيد بشأنها، مثلما تنطلق تصريحات و مواقف متشنجة إيرانية أخرى ضد دول في المنطقة عموما و السعودية خصوصا، يخرج على العالم وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف وهو يدعو السعودية لـ”حوار إقليمي” و”البحث عن آليات تساعد جميع دول المنطقة على اجتثاث جذور التوتر وعوامله وغياب الثقة فيها”!
هذا التصريح الذي لايساوي الحبر الذي کتب فيه، ليس فقط يناقضه تصريحات خامنئي و تلغيه جملة و تفصيلا، وانما هو من الاساس تصريح و موقف غير منطقي، ذلك إن ظريف عندما يتکلم عن”تشكيل مجمع حواري إقليمي ومن ثم إسلامي يرتكز على جملة أهداف ومبادئ أبرزها: احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها، الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تسوية الخلافات سلميا، منع التهديد أو استخدام القوة، والسعي لإحلال السلام والاستقرار وتحقيق التقدم والسعادة في المنطقة”، فالاولى به أن يعلم بأن نظامه قد قام بکل تلك الانتهاکات و الخروقات و يواظب عليها بشکل مستمر، وان ظريف عندما يدعو للحوار بمنطق و اسلوب من لم يبدر من نظامه شيئا، فإن هذا الامر في حد ذاته مدعاة للسخرية و الاستهجان.
موقف ظريف هذا يأتي بعد تلك الندوة الفکرية الهامة التي عقدتها شخصيات عربية من دول عربية مختلفة و شخصية قيادية من المجلس الوطني للمقاومة الايرانية يوم السبت الماضي الاول من أغسطس/آب حيث “أکد المشارکون في الندوة بأن نظام الملالي کان العامل الاساسي في الازمات و التوترات في المنطقة و ان أية سياسة صحيحة و قابلة للإعتماد من أجل مواجهة التطرف الاسلامي و إيجاد الاستقرار في المنطقة، لابد أن تکون من خلال الترکيز على الملالي و مواجهتهم”، بحسب البيان الصادر عن الندوة، وان التدخلات التي شجبها و أدانها المشارکون کما قال جمال علي بوحسن” إن النظام الايراني يصر على تدخلاته في المنطقة و التي تهدف الى التفرقة و تدوس على القيم الانسانية و الاخلاقية. وهذا يأتي في يرغب فيه الشعب الايراني أن يتعايش مع أخوانه و جيرانه بسلام. هذا هو النظام الايراني الذي لايريد الخير و السعادة لبلاده و للمنطقة أيضا. يجب أن يتم إنهاء تدخلات هذا النظام في المنطقة.”، کما إن السيدة ماجدؤ النويشي، معاون إتحاد البرلمانيات العرب و العضو السابق في البرلمان المصري، قد أکدت من جانبها”نحن في مصر ندين بشدة تدخلات نظام الملالي في البلدان العربية و کذلك المسائل المتعلقة بالتطرف الديني. مايجري في مخيم ليبرتي، محل إقامة أعضاء منظمة مجاهدي خلق في العراق، جريمة کبيرة. کان على العالم أن يقف بوجه ذلك و کان يجب أن تتم محاسبة دولية على ذلك”، ومن هنا، فإن الاولى بظريف و نظامه أن يکفوا أياديهم عن المنطقة و يوقفوا مخططاتهم المشبوهة الموجهة ضد شعوبها و من ثم يدعون للحوار و التفاهم.