18 ديسمبر، 2024 10:00 م

هناك الکثير من الاحداث و التطورات الاقليمية و الدولية المستجدة و التي قد تٶثر تداعياتها في تغيير مسار و سياق إتجاهات عدد من الملفات و القضايا، خصوصا بعد التغيير الذي طرأ على السياسة الامريکية و ماقد تداعى عنه من آثار و نتائج على الاوضاع الدولية و الاقليمية، کما إنه يجب أن نأخذ أيضا بنظر الاعتبار عودة مصر الى دورها الريادي في المنطقة بعد الفترة السلبية التي مرت عليها والتي وضع الشعب المصري حدا لها بإقصاء الرئيس المصري السابق عن منصبه و إنهاء مرحلة حکم الاخوان.

منطقة الشرق الاوسط التي ألقت الاحداث و التطورات الخاصة بظاهرة الربيع العربي بظلالها عليها حيث سعت العديد من التيارات المتطرفة و المشبوهة الى الصيد في المياه العکرة و العمل من أجل خلط الاوراق و التمويه على حقيقة الاوضاع و مجرياتها الاساسية، وقد کان للغياب المٶقت لمصر عن أداء دورها الاقليمي بشکل خاص و الدولي بشکل عام، تأثير بالغ السلبية على دول المنطقة کلها، خصوصا عندما سعت دولا إقليمية بسد هذا الفراغ و إستغلاله من أجل تمرير مخططات مشبوهة، ولاريب من إن الدور المشبوه للجمهورية الاسلامية الايرانية بهذا الخصوص لايمکن التغاضي عنه، وإن عودة العافية للدور الريادي المصري يعني بالضرورة إعادة ترتيب المعادلة السياسية في المنطقة خلال تلك الفترة السلبية، ولأن الدور المصري کان على الدوام عامل ضمان للسلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و يراعي المصالح العليا للشعوب العربية و الاسلامية على حد سواء، فيمکن القول إن إعادة التوازن للمعادلة السياسية القائمة صار أمرا ممکنا.

الاوضاع الوخيمة التي جرت و تجري في سوريا و العراق و اليمن و لبنان و تصاعد الدور الايراني فيها و تنفيذ مخططات مشبوهة فيها تهدف الى تغيير البناء الديموغرافي فيها و إعادة ترتيبه بما يتلائم مع مصالح و أهداف و غايات طهران في المنطقة، ولم يعد سرا بأن الاخيرة سعت و تسعى من أجل توظيف نفوذها و هيمنتها في هذه الدول و إستخدامه کورقة ضغط في محادثاتها و إتصالاتها مع الدول الغربية، وإن التطور الاخير بلجوء النظام السوري لقصف منطقة أدلب بالاسلحة الکيمياوية و ردود الفعل الدولية العنيفة ضدها و سعي روسيا لأول مرة للدفاع عن النظام باسلوب يفتقد الى المنطق و إحساسه بثقل المسٶولية في الحفاظ على النظام السوري المغطى إيرانيا، خصوصا وإن الدول الاوربية و دول المنطقة باتت تقف مع الموقف الامريکي ولم تعد کما کان الحال معها في قصف دمشق لغوطة دمشق في 2013، خصوصا وإن الدور المصري بهذا الصدد قد برز بصورة مميزة بحيث تضع مصالح الشعب السوري و شعوب المنطقة فوق کل إعتبار عندما رفضت و أدانت إستخدام الاسلحة الکيمياوية، ولاريب من إن روسيا وإن لجأت لإستخدام الفيتو مرة أخرى دفاعا عن التحالف السوري ـ الايراني، لکن التصريحات الاخيرة للرئيس الروسي بوتين و التي إعتبرها المراقبون السياسيون بأنها تحذير ضمني لدمشق و طهران على حد سواء، والتي قال فيها أن روسيا ستطلب بشكل عاجل من منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية التحقيق في هجوم إدلب، مع إعلانه أن روسيا ستتقبل الانتقادات الغربية لدورها في سوريا، إلا أنه يأمل في تخفيف المواقف في نهاية المطاف. هذه التصريحات يمکن أن يشم المرء من خلالها رائحة بداية إستعداد الروس للجلوس على الطاولة والبحث في سيناريوهات الحل، وکما هو معروف فإن روسيا ليست متمسکة بالاسد ولاتعتبره خطا أحمرا، فخطها الاحمر حاليا في منطقة القرم، ولهذا فإن إحتمال تقديم الاسد ککبش فداء في ظل سيناريو إتفاق متعدد الجوانب سيکون التطور التراجيکوميدي الاکبر المنتظر وقوعه في ظل المرحلة الحالية وهذا ماسيساعد بالضرورة على المزيد من تقليص الدور الايراني و تراجعه و قطعا فإن تراجع هذا الدور سيکون بالضرورة مرادفا لعودة الدور المصري و إسترداد دول المنطقة لعافيتها رويدا رويدا.