چا…كلمه ليست معيبه.. فلا تنتقصوا منها!

من اگولن چا.. چا غیر استراح
راحة المرواح بچتاف الملح
بغیر چلمة چا یظل فاهي الكلام
مثل طعم الزاد المطلگ الملح

هذه كلمات من قصيدة الشاعر الجنوبي سعد محمد الحسن عنوانها شلون ردح العماره, يتناول فيها القهر والضيم الذي اصاب ولازال يصيب اهل الجنوب العراقي, كما يصف الكرم والضيافه العراقيه الأصيله بكلمات غايه في الروعه, كما اكد في القصيده على انه يعتز بلهجته الجنوبيه التي سِمَتِها الرئيسيه في كلمة چا, فهو كرجل جنوبي يعتز بها ويحترمها.. وهذا من حقه, فكلٌ له الحق في ان يعتز بلهجته التي نشأ عليها, وهو بذلك يستحق الإحترام في زمن اصبحت تلك اللهجه ماده جاهزه للتندر والسخريه على بعض الفضائيات العراقيه..

في بداية احتلال العراق عرضت الشرقيه مسلسلات عراقيه تضم جميع القوميات والاديان وهذا شيئ جيدا فالعراق بلد متعدد الإثنيات والاعراق حاله حال بقية دول الجوار..
لكن المعيب في الأمر ان تنتج الشرقيه برامجا تكون فيها الشخصيه العراقيه مصدر سخريه واستهزاء..فيحاول الممثل الذي هو اصلا ابن الجنوب ان يضغط بكلامه بلهجه جنوبيه مبالغ فيها ليضحك المشاهد .. فما رأى المشاهد سوى ادوارا بائسه سمجه تنتقص من فئه كبيره من المجتمع العراقي وكأنهم يريدون في تلك الادوار محاكاة المصريين في افلامهم ومسلسلاتهم وهم يتندرون على الصعايده..ولكنه كان تقليدا سمجا باردا لايدعو الى الضحك بل الى الشفقه..
فالمصريون لديهم الف طريقه وطريقه لنشر البسمه والضحكه على وجه المشاهد, والتندر على الصعايده احداها, اما نحن فليس لنا اي وسيله لإضحاك المشاهد سوى في السخريه من ابن الجنوب ولهجته..

من الفنانين الذين أدوا تلك الادوار السمجه اذكر خضير ابو العباس مثلا وعلي داخل وناهي مهدي ولؤي احمد وغيرهم الذي أدوا ادوار ابن الجنوب العراقي بشكل يبعث على الأسى.. فعلى الدوام يكون ابن الجنوب في مكانه أقل بكثير من اخوانه في العراق.. كأن يكون ساعيا … اي فراش.. او خادما.. او نائب عريف, ولا بد ان تكون صفة السذاجه ملازمه له في كل الأحوال..

ولقد كتبت مقالا عام 2004 حول نفس الموضوع تحت عنوان .. الشرقيه بين اللاابداع وبين الإنتقاص من الآخرين..تناولت فيه نفس الموضوع الذي تفردت به حينها قناة الشرقيه, اما اليوم فقد انتقلت العدوى بعد كل تلك السنين الى الفضائيه السومريه في برنامج اكو فد واحد.. البرنامج الكوميدي الذي لا اراه كوميديا سوى انه نسخه مكرره من برامج الشرقيه ايام زمان في سخريتها واستهزائها بأهل الجنوب ..
 
ولكن لماذا نظلم الشرقيه والسومريه؟؟ فالممثلون والفنانون الذين يؤدون الادوار السمجه انما هم اصلا من اهل الجنوب…وهم من ينتقص من أصله ولهجته ويقوم بأدوار يظهر فيها ابن الجنوب بصوره تافهه, فهم اي في فضائيه السومريه نجد في برنامجهم المذكور يلقون النكات التي معظمها عن اهل الجنوب وبلهجه جنوبيه ساخره, ولا ادري ان كانت الكوميديا في العراق اقتصرت على التندر والسخريه من فئات الشعب فقط دون ان يكون لها دور آخر..؟؟
الكوميديا فن راق.. فلا يمكن اختزاله في الإنتقاص من الآخرين وألا فإنه يتحول الى ابتذال وقح تنتشر فيه مفاهيم تعتبر بعض فئات الشعب أقل مستوى وقيمه من الآخرين.. في وقت اهل الجنوب العراقي هم اكثر من نصف الشعب..فإن اصبحت الفكاهه والسخريه مقتصره عليهم فهذا موضوع يجب الوقوف عنده لأنه يمهد الى ترسيخ مفاهيم خاطئه عن تلك الفئه, ويزيد من الهوه بين فئات الشعب, لتكون النكته جاهزه على اهل الجنوب تلك النكته التي ممكن ان تكون على الكردي مثلا او التركماني او على المسيحي او اهل الباديه الغربيه ولكن دون المساس باللهجه التي هي جزء من شخصية الفرد, فلا بأس من اطلاق النكات هنا وهناك للترفيه ولكن ليس بتذليل اللهجه الجنوبيه الى درجه الإستخفاف في اطلاق النكات او في المسلسلات والبرامج.. والا فهذا امر مقصود ولا نريد ان نزيد على ذلك..

انا اطالب نقابة الفنانين ان يضعوا حدا لتلك الظاهره التي اصبحت ماده تصاحب معظم المسلسلات والبرامج العراقيه وكأنها جزء لايتجزء من اي عمل فني, كما ادعوها الى وضع شروط وضوابط على انتاج الأعمال الفنيه والبرامج التلفزيونيه في ان تحترم الشعب العراقي بكل فئاته ولا تنتقص من اي فئه ولا تتعمد الإساءه الى احد..