23 ديسمبر، 2024 1:11 ص

لعل من البديهيات السياسية ان تخسر الحكومة جمهورها مع استمرار توليها السلطة فتنشأ المعارضة داخل قبة البرلمان اولا وتنتقل ثانيا الى الجمهور المتضرر من السياسات الاقتصادية والخدمية او من الضرائب والمكوس او من تقييد حرية الرأي والتعبير… وان كان هذا يحتاج الى فترة زمنية من عمر الحكومة قد تطول او تقصر فانه ليس من المعقول ان تبدأ المعارضة قبل ان تنال الحكومة الثقة في البرلمان او في أيامها الاولى ، ومن من؟ من شريحة واسعة من المثقفين والأساتذة والمهنيين وصفوة المجتمع الذين يناهز عددهم الخمسة عشر ألفا وفقا لتقديرات رسمية.

بالفعل هذا ما جنته حكومة الدكتور عادل عبد المهدي عن قصد او بدون قصد وبتصرف غير محسوب عندما حولت ١٥ ألفا من التكنوقراط ممن قدم للنافذة الالكترونية او رغب او حلم بان يصبح وزيرا في الحكومة الجديدة… حولتهم ببساطة الى معارضين أشداء لأنها جرحتهم بإيقاعهم في فخ الأكذوبة الوزارية وهي تعلم علم اليقين ان التشكيلة الحكومية من شأن الكتل الفائزة والمحاصصة الطائفية والقومية وان لا دخل لرئيس مجلس الوزراء لا من قريب ولا من بعيد في اختيار شخوص تلك التشكيلة او حتى وضع فيتو على احدهم ، مثلما ان باقي مناصب الدرجات الخاصة تخضع لنفس المعيار.

ان هذا المأزق الكبير سبب تموجات حادة معادية للحكومة ولرئيس مجلس وزرائها شخصيا وسبب سخطا عاما في كافة مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والندوات السياسية والتجمعات الثقافية يقوده مجموعة كبيرة من مرشحي النافذة الالكترونية الذين ناهز عددهم قرابة (1778) من حملة الدكتوراه و(2200) من حملة الماجستير والآلاف من الكفاءات الذين يمثلون الخمسة عشر الفا ومئة واربعة وثمانين مرشحا الذين اعلن عنهم مكتب الدكتور عادل عبد المهدي في وقت سابق اثناء تشكيل الحكومة… وللخروج من ذلك المأزق فان واحد من اثنتين قد يكون كفيلا به:

الاول – التواصل مع هذه الشريحة الواسعة ودعوتها او دعوة ال 600 شخص المنتقاة منهم على الاقل الى ديوان الحكومة والاجتماع معهم على وجبات والتحدث بشكل مباشر اليهم وشرح البرنامج الحكومي لهم واختيار دفعات منهم للاستشارات او التوظيف وبالتالي تحويلهم من قوة عرقلة الى قوة دفع للحكومة ومن معارضين الى مؤيدين لسياساتها مستقبلا.

الثاني – السير قدما دون الالتفات الى المعارضة الالكترونية ، وفي هذا خطر كبير لان هذه المجموعة الكبيرة تمثل قوة هائلة محركة للجماهير الناقمة اصلا على سياسات الحكومات الماضية ، وبالتالي يجب أخذ وجهات نظرها على محمل الجد وعدم الاكتفاء بإرسال ال SMS الموحدة الى هواتفهم النقالة.

ان امل الحكومة ونجاحها لن يكتمل الا بتكاتف الشعب معها ، فالأحزاب التي أيدتها والتي شكلتها لن تتفق على شيء ومطالبها لا تنتهي ولن تنتهي ولا يهمها نجاح الحكومة او فشلها لان من يقودها هذه المرة مستقل… لذا فان التوجه الى الشعب بصدق وتحقيق الانجازات الكبيرة في مجال الخدمات ورفع مستوى المعيشة ومحاربة الفقر والفساد هو الكفيل بنجاح الحكومة لا غيره من الخطوات.