22 ديسمبر، 2024 8:43 م

١٤ تموز يوم العراق الوطني

١٤ تموز يوم العراق الوطني

منذ تأسيس دولته عام ١٩٢١ . والعراق يخضع بشكل مباشر لنفوذ حكومة جلالة الملك ، وسلطة المندوب السامي البريطاني ، وكانت السفارة البريطانية في الكريمات قرب الشواكة والمطلة على دجلة المهدد اليوم بالجفاف ، تصنع وتطبخ سياسة المنطقة ، بعد أن كانت تصنع هذه السياسة في الهند عبر وزارة المستعمرات البريطانية ، ولقد ابتدعت عصبة الأمم نظام الانتداب ، والمفصل على مقاسات الدول الاستعمارية القديمة ، وكانت حصة بريطانيا العراق ، الذي تم تقييده بمعاهدة ١٩٣٠ ، لتكون البديل لمعاهدة ١٩٢٠ ، وكان من ضمن بنودها استباحة المعسكرات العراقية أمام الجيوش البريطانية في حالة قيام حرب في المنطقة ، كما أن المعاهدة خولت بريطانيا باستخدام الموانئ والمطارات وطرق المواصلات لأغراض تحركات القوات البريطانية ، وأبقت على قواعد جوية في البصرة وسن الذبان ، وكانت هذه المعاهدة هي بحق معاهدة أذعان لا معاهدة استقلال كما يروج المغفلون اليوم ، وهم يعدون يوم توقيع المعاهدة يوم استقلال العراق وانتهاء الانتداب عام ١٩٣٢ ، ودخوله الشكلي لعصبة الأمم .
أن العراق كان مكبلا بقيود هذه المعاهدة لمدة ٢٥ عاما ، وإرادت بريطانيا تجديد هذه المعاهدة بمعاهدة ،،جبر .. بيفن ، أو معاهدة بورت سموث ، عام ١٩٤٨ ، لكن الشعب بقيادة اليسار العراقي أسقط هذه المعاهدة واجبر صالح جبر رئيس الوزراء آنذاك على الاستقالة ، عليه لم يكن العراق إلا أداة طبيعة بيد بريطانيا للتآمر على الدول العربية التقدمية مصر وسوريا ، وبعد تشكيل حلف بغداد امتدادا للحلف الاطلسي الذي رفضت سوريا الدخول إليه ، تم توجيه الجيش العراقي بأمر بريطاني التوجه إلى الحدود السورية تمهيدا لاحتلال دمشق وبعلم من اللواء غازي الداغستاني قائد الفرقة انذاك ، غير أن الزعامة العسكرية بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم نسقت تحركات الجيش نحو احتلال بغداد بدلا من أحتلال سوريا ليلة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ ، وفي هذه اللحظات الحرجة تم الاستيلاء على السلطة وتجريد الملكية والحكومات التابعة للتاج البريطاني من صلاحية التلاعب بمقدرات الشعب ، وهكذا نجحت الثورة بعد التأييد الشعبي العفوي الذي حازت عليه الحركة من قبل الشعب وقواه الوطنية ، وباشرت الثورة لاستكمال السيادة الوطنية المنقوصة بإعلان الخروج من حلف بغداد الاستعماري ، وبخروج العراق اختفى الحلف تماما ،، وقام العراق بعد ذلك بالانفتاح على الاتحاد السوفيتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية ، وحلت سفارات هذه الدول ضيوفا على بغداد ، وأعلن العراق تحرير عملته من ربقة الاسترليني ، ومضى بوطنية. تموز يساند حركات التحرر في العالم ، وساهم في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ، ساند ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي ، واعترف بالثورة الكوبية ضد الديكتاتور باتستا ، وفي الجانب الاقتصادي تزعم جهود العالم النفطي واعلنت بغداد عام ١٩٦١ إنشاء منظمة الدول المصدرة للنفط OPEC , حيث قاد الزعيم الراحل جهود عقد مؤتمرها التأسيسي في بغداد ، وفي حفاظه على الثروة الوطنية من استغلال الشركات الأجنبية لهذه الثروة ، فقد أصدرت حكومة تموز قانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٦١ . وقامت الثورة بأجراء تطورات اقتصادية هامة ، وعملت على بناء المصانع ، وتحديث السكك الحديدية ، وقامت بأولى خطوات الاسكان الشعبي ، وبنت جامعة بغداد في الجادرية ، وبنت مدينة الطب في الباب المعظم . وغيرها من آلاف المشاريع الخدمية والعمرانية ومنها مشروع قناة الجيش العظيم الذي لا زال يذكر العراقيين بثورة تموز ، ويومها الخالد ، والذي يجب أن يظل اليوم الوطني للعراق ، لا يوم تشرين الذي كبل البلد بمعاهدة ١٩٣٠ المشؤومة
والتي يروج لها الرجعيون اليوم ، وهم من حملة الجنسية البريطانية وأذنابها الحاقدة على تموز يوم فرحة كل العراقيين…