18 ديسمبر، 2024 9:06 م

ُسراقهم في النار … وُسراقنا في الجنة !!

ُسراقهم في النار … وُسراقنا في الجنة !!

كل الشرائع السماوية .. وكل الشرائع الوضعية .. تتفق وتضع حدودا خاصة تختلف بعض الشيء لكنها تتفق جميعها كونها تمثل عقابا أخلاقيا للسارق لتكون رادعا له ولتأمين الحماية المطلوبة للمال العام أو الخاص .. لما له من حرمة لا يمكن التجاوز عليها بأي حال من الأحوال .. 

هذا ما يجري في كل دول العالم من أقصاه إلى أقصاه وحتى تلك المجتمعات التي لم تصل لها ماكنة الحضارة والتطور لديها ما يمثل تلك الشرائع والقوانين أو ما يوازيها من أعراف درجت عليها لتحمي بها ملكيتها العامة أو الملكية الخاصة للإفراد

لكن …. ((  وألفُ آه من لكن  ))  في بلدنا العظيم الذي كنا نفتخر به يوما ونرفع الرأس عاليا حين يمُر بنا أستاذ التاريخ بحضارة وادي الرافدين ويذكرنا بحمورابي وشريعته ومسلته المعروفة وكذلك حين يمر بنا بعصر الإسلام العظيم وقوانينه السماوية الواضحة نمتلأ زهوا وغبطة كوننا أول من أسس الشرائع والقوانين التي تنظم الحياة وتحمي وتصون المجتمعات لكن الان ما عدنا كذلك في هذا الزمن (( زمن الشفافية والديمقراطية والمحاصصة والمشاركة ))!! الزمن الجديد حيث أضحى السارق بمأمن من أن تطاله يد العدالة وصار السارق يتفاخر بملايينه وملياراته وسطوته فوق سطوة القانون !!؟    حين صار المال العام مستباحاً تتلقفه أيدي السُراق 
من رؤوس الفساد المتنفذين في سلم المسؤولية والذين ما أن تتخم بطونهم وتمتلأ أرصدتهم حتى يولوا إلى منتجعاتهم في دول الجوار القريب والبعيد ليبذروا ما سرقوه ببذخٍ لا نعرف مثله سوى ما كنا نسمع عنه أو نراه من بذخِ أمراء النفط !!

لا تطالهم يد القانون ولا حراسه.. فهم في مأمن وأمان يتنعمون بما سرقوا .. من قوت الجياع والعراة !! وقبل أيام ليست ببعيدة كانت سرقات وزارة التجارة ووزيرها ووزارة الكهرباء ووزيرها والصحة ووزيرها وغيرها من الوزارات والهيئات والمتنفذين بها بل قلما تجد وزارة في مأمن من حيتان السراق الذين ما إن تتم صفقاتهم المريبة وعمولاتهم المشبوهة وتمتلأ أرصدتهم حتى (يطيروا) بها خارج الحدود لتصدر مذكرة القبض على استحياء  بعد أن يُطمئن لسلامة وصولهم بالخير والعافية والأمان . واليوم يكتمل مسلسل السرقات التي لها أول وليس لها أخر بصفقه وزارة الدفاع لشراء الاسلحة والتي ترددت كثيرا هذه الأيام  بين الاوساط المختلفة وتلك العمولات الكبيرة . أن الشيء الغريب والملفت للنظر في هذه القضية أن الطرف الأخر في الصفقة (وزير الدفاع الروسي ورئيس اركانه) قد طالتهم يد العدالة فأقصوا من منصبهم أما طرفنا المُصان فلم يتم إقصاء أي من المفسدين الذين تورطوا في ملف هذه القضية .. بل لم تطالهم يد القانون وقد ننتظر إن يحط المسؤول النجيب رحالة في بلد أخر مصطحبا أمتعته وأمواله كسابقيه بعد ذلك قد تصدر مذكرة قبض بحقه ليسخر منها ولم يعد لنا الا إن نضع تلك الورقة في حوض ماء نتبرك به لنغترف منه صباحاً ومساءً …وليس لنا الا إن نقول
 ُسراقهم في النار
     وُسراقنا في الجنة