25 ديسمبر، 2024 11:47 م

يونس عبد الليل… ذئب البراري الذي لم يستطيع النظام السياسي السابق ولا النظام الحالي من ترويضه….

يونس عبد الليل… ذئب البراري الذي لم يستطيع النظام السياسي السابق ولا النظام الحالي من ترويضه….

في ذلك الزمن الصعب زمن المبادئ عند اصحابها وزمن النضال كان هناك في منطقة جنوب الموصل في قرية تسمى قرية الرصيف يسكنها قبيلة الجبور.. عشيرة السالم العجل.. الدنادنة.. يعيش فيها ذيب البراري ولهذا الذئب قصة مشهورة كونه اول المناضلين الذين عارضوا بأفكارهم وثقافتهم العالية النظام السياسي للدولة في حينه والتحق الى صفوف المعارضة وعندما لم يجد فيها ضالته وغايته التي هاجر من اجلها رفض رفضا قاطعا المشاركة في العملية السياسية الحالية بسبب معارضته لدخول الدبابة الامريكية لعاصمة العروبة بغداد الشموخ والنصر.. وبسبب رفضه كل الاملاءات والتدخلات الخارجية من كل دول العالم بالشأن العراقي..
انه الثائر الذي مازالت ثورته بداخل صدره ومازالت مبادئه ثابته لا يزعزعها المنصب والدولار.. انه استاذنا الفاضل يونس عبد الليل الجبوري الذي تعلمنا منه صبر الرجال وعرفنا منه ان الاوطان اغلى من كل شيء…
اليوم ومن خلال اتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورغم وضعه الصحي الصعب وهو يعيش غربة المهجر ذكرته بأبيات من الشعر الشعبي العامي قالتها والدته اثناء مطاردة الاجهزة الأمنية له في سبعينات القرن الماضي وعندما تأخر الوقت ووالدته المرحومة الحاجة صالحة الموسى تترقب عودته فقالت مقولتها الشهيرة..
ذيب البراري يا مشوّحْ
غابتْ عليك الشمسْ روّحْ
مرت سنين واعوام توفت الحاجة صالحه ومازال الذئب في البراري لم يجد المأوى الامن والبلد الصحيح للعيش فيه…
يعيش الغربة ويبكينا دوما على عدم استطاعتنا اللقاء به ونحن نعيش الفصل الاخير من نهار الثقافة والافكار الادبية وكلمات المعارضة الصماء…
وبعد رسالتي له جاءني جوابه وهو يقول:-
ذئب البراري
عندما لا تكف أمّك كل غروب شمس عن اللهج باسمك وب :
ذيب البراري يا مشوّحْ
غابتْ عليك الشمسْ روّحْ
في شهور غيابك واختفائك تحت الأرض عن الأنظار أو فترات تغييبك وسط حالات التكتم الشديد على مكان اعتقالك .
***
ماذا وراءَ البابِ أو خلفَ الجدارْ .
إفتحْ شبابيكَ المنافي للهواءِ الصّرْدِ ..
إفتحْ للرياحِ الهُوجِ أزرارَ القميصِ الرثِّ ..
ضمَّ الريحَ ..
أحضنْها ..
وحاولْ مرةً أخرى كما حاولتَ مراتٍ ومراتٍ على طول المسارْ .
أرقصْ على وقعِ الصَّفيرِ معاكساً كلَّ الإداناتِ الغبيَّةِ ..
والشياطينِ الرجيمةِ من بني ” الإنسانِ ” ..
يا للعار! ..
من عهرِ ” الحروفِ” وكذبِها ..
ماذا تبقًى من مدىً ؟
أو من ورىً ؟
أنت المحاصرُ بالسمواتِ البعيدةِ ..
أيُّها الذئبُ المعولَمُ ..
كلّما حاولتَ ..
ضاقتْ حولك الآفاقُ واشتدَّ الحصارْ
هذا المدى ..
هذي العوالمُ كلما اتسعت تضيقُ أمام عينكَ ..
يا الذي تهذي بوجدكَ من جوىً ..
من أين تنفذُ والورى صاروا حصارا في الحصارْ .
أرقصْ على وقعِ الصفيِرِ تحديا للليلِ ..
حاولْ مرة أخرى وأخرى ..
ثمَّ مراتٍ ومراتٍ كما حاولتَ في حضنِ الردى ..
ليس الزنازينُ العميقةُ ..
لا المنافي ..
ليس زغردةُ السياطِ ..
وغيرُها مما مررتَ وما مضى ..
كانت حصارَك ..
لا الردى يرقى إلى فعلِ الخياناتِ الفصيحةِ ..
ثمَّ عُهْرِ الأدعياء وجبنِهم ..
قلْ لي أيُّها النجمُ المُلألئُ في الدجى هل من سبيلٍ واضحٍ نحو النهارْ .
صفِّقْ لموتكَ ..
حَيِّهِ ..
لا تلتفتْ ..
لم يبقَ شيءٌ يستحقُّ الذكرَ ..
صفّق للصفير وللرياح الهوجِ ..
كم كنت وحدكَ بينهم ..
بل ماتزالُ ، كما ولدتَ مع الظهيرةِ ، توأماً ..
متفرِّداً..
إلعقْ جراحكَ ..
إفتحِ الجرحَ المدجّجَ بالكراماتِ العصيةِ ..
لم تمُتْ إلا بيومك ..
أيها الذئبُ المعولمُ ..
لم يزدْكَ الجرحُ في شيخوخةٍ إلا الوقارْ
كم أنت وحدكَ ..
ليس من أحدٍ هنا إلا سماءَ الله ..
أو نجمَ الثريا في الدجى ..
تعوي جراحُك كلّما عَنَّ المزارْ
كم عَنَّ ..
كم أدمنتَ هذا العَنَّ ..
كم أدمنتَ وحدَكَ في الحضورِ ..
أو الغيابِ المرِّ ..
كم قاومتَ وحدَك في الزّحامِ ..
أو الظلامِ ..
وكم هُزِمْتَ أمامها ..
وظللتَ وحدَكَ ضدَّ وحدِك لم تَحِدْ عن نجمِك الهادي
كما حاد الزِّحامُ عن الدليلِ مسلحاً بالجهلِ ..
أو عقمِ الهيولى ..
أيها المستفردُ / الداني / المُطَوَّحُ ..
ليس في المنفى إزارٌ أو دِثارْ.
ماذا تبقَّى غيرعزفِ الريحِ ..
أو هذا الصفيرِ مصاحِباً جسدا تخطّى عمرَةُ المَخْزَيَّ ..
أو قلباً تسلَحَ بالفجائعِ ..
لم يزل يبكي بصمتٍ كلما ذَكَرِ الطفولةَ مولعاً بالناسِ ..
أو تلك الظهائرِ ..
أيها الذئبُ الذي يعوي وحيدا كلّما ضاقت بلادُ اللهِ ..
واشتدَّ الخناقُ بذكرياتٍ لم تفارقْ روحَكَ الثكلى ..
أما بعد المدارْ؟
شيءٌ له معنى ..
عناوينٌ لها طعمُ المرارْ
لو أن ربّكَ يبعثُ الموتى لعادوا حيث كانوا ..
ليس فينا نخوةٌ أو همِّةٌ ..
ماذا وراء الغيب ..
ماذا خلف ظهرِكَ ..
أيُّها الذئبُ المعولمُ من خرابٍ أو دمارْ ؟
***
يونس الجبوري

أحدث المقالات

أحدث المقالات