23 ديسمبر، 2024 3:49 م

يوم عرفه قدسية المكان وسمو الزمان

يوم عرفه قدسية المكان وسمو الزمان

وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق – 27-  ليشهدوا منافع لهم ويذكروا أسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة ألانعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير – 28- ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب 32- الحج –
للآنسان في هذه الدنيا جدلية يتوزعها المكان سواء كان للسكن أو للعمل , ولكل وظائفه وأهتماماته التي تختلط فيها المشاعر حيث تكون النفس منشدة للفتنة تارة , وتارة أخرى تكون مغمورة بالوداعة وألاطمئنان , فللمكان المظهر بتشكيلاته اللونية وتضاريسه الجغرافية , سهل , وادي , هضبة , جبل , يجمعهما ” البروالتراب  ” ثم : ساقية , نهر  , بحيرة , هور , خليج , بحر  يجمعهما ” الماء ” .
وللزمان وطأته بالشدة تارة , وبالرخاء تارة أخرى , فهو والمشاعر يلونها بما يحمله من أحداث فتكون :-
1-  السعادة
2-  الفرح
3-  ألامل
4-  الرجاء
5-  الغبطة
6-  النشوة
7-  الزهو
8-  السرور
أو يجلب كيمياء الهم والغم فيكون :-
1-  الحزن
2-  الغم
3-  الهم
4-  القنوط
5-  اليأس
6-  الكأبة
7-  الوجل
8-  التطير
ويوم عرفه أختلف فيه أهل الرأي  من غير المصطفين وهم كل من:-
1-  الرسل وعددهم خمسة وبعضهم يبلغ بهم الى ثلاثمائة
2-  ألانبياء  : وعددهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبي
3-  ألاوصياء : وهم خلفاء ألانبياء : وعددهم بعدد ألانبياء والذين من ضمنهم الرسل عليهم السلام .
فمن أهل الرأي من قال : هو يوم للتعارف في الله
ومنهم من قال : هو يوم العرفان , والعرفان هو التحليق في سمو المعارف التي تنطلق من التسليم لله ثم اليقين بالله ثم التقوى بالله حيث يتكامل العمل الصالح مع الكلمة الطيبة ” اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ” .
ومنهم من قال : هو يوم للدعاء .
ولقد ورد عن رسول الله “ص” أنه قال : ” الدعاء مخ العبادة ”
ولآن الرسول “ص” كان يكثر من الدعاء والعبادة في يوم عرفه وتبعه بذلك ألائمة ألاطهار عليهم السلام ثم كل الصحابة والصالحين , فيكون يوم عرفه هو يوم للدعاء والعبادة , ولآن الدعاء هو مخ العبادة لما فيه من جمالية روحية تطغى على كل جمالية في الدنيا , لآن جماليات الدنيا زائلة غير ثابتة مثل جمالية البشر التي تمحوها الشيخوخة , وتذهب ببعضها الكهولة وبعضها يذهب بالضعف والمرض , وتذهب ببعضها الحوادث مثل :-
1-  الجروح
2-  الكسور
3-  الحروق
4-  واليوم أصبحت بعض العمليات التجميلية سببا للتشوه ؟
وللجمال في حياة الناس أثر كبير يصل الى حد السحر عند البعض مثلما يصل عند البعض ألاخر الى حد الهيام والوله كما هو عند العشاق والذين لايعرفون الحب الحقيقي فتأخذهم عواطفهم الى الطيش حيث تخترق العادات والتقاليد فتسقط ألاخلاق وتنهار القيم
بينما يظل الجمال عند فئة من المعتدلين وهم عقلاء الناس يشكل أعجابا تفرضه قيمة ألاحساس  المرتبطة بألادراكات العقلية ومن هذه المرجعية المعتمدة في التواصل مع التشكيلة الجمالية للكون أصبحت جمالية الروح هي القيادة الحقيقية لآكتشاف جغرافية الجمال لما في الروح من نقاء وأصالة ” يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم ألا قليلا ” .
وأمام هذا النص المحكم والمعجز عرفنا أن التعامل مع الجمال يحتاج قدرا من العلم , والعلم يحتاج حضور المدركات العقلية
وعندما تكون المدركات العقلية حاضرة , تتراجع العواطف وتمتنع الشهوات عن الفضول أمام هيبة وسيطرة العقول , وألاسباب كثيرة ووقائعها معروفة , قال تعالى متحدثا عن يوسف أكثر أبناء أدم وسامة وجمالا وأبتلاء بأغراءات الجمال الجسدي , قال تعالى ” ولما بلغ أشده أتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين ” -22- يوسف – وقال تعالى ” وراودته التي هو في بيتها عن نفسه , وغلقت ألابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله أنه ربي أحسن مثواي أنه لايفلح الظالمون ” – 23- يوسف – ” ولقد همت به وهم بها لولا أن رءا برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء أنه من عبادنا المخلصين ” – 24- يوسف –
والتعامل مع الجمال ومفهومه تعرض الى تشويه وأنحراف في الفهم حاله كحال كل القضايا التي أنحسرت عنها المدركات العقلية لآسباب كثيرة فأجتاحتها خيول الشهوات وغيوم العواطف فأصابها زلزال القصف الهرموني الذي يشكل الخريطة  الظاهرية للغة الجسد وعلم ألاشارات , قال الشاعر المعبر عن هذه الحالة :-
 نظرة فأبتسامة ثم موعد فلقاء ؟
وقال ألاخر :-
حيي بما يحلو لديك وسلمي
            بالطرف أن شئتي أو بالمبسم
حسب التحايا والتناجي بيننا
              قبل تطاير كالفراش الحوم
تنثال من فمك الجميل فتنثني
              وتطير من فمك الجميل الى فمي
سيرت لي من ناظريك رسالة
              ماكان أحوج مثلها  لمترجم
تطغى علي حروفها فتثيرني
              وأجن بالحرف الذي لم يعجم ؟
وهذه الحالة من الذهول وألاستسلام لمارد الهوى هو من سجل هيام الشعراء غير المسترشد بمدركات الحضور العقلي لآنهم أعتبروا المدركات العقلية ضد الحالة الشعرية ؟
فمنحوا الحالة الشعرية سلطانا يتجاوز حدود الجغرافية الجسدية , وجعلوا ألاشارات والحركات وألايماءات , والهمس من قيم الفحولة وألانوثة التي تستبيح المشهد ألاجتماعي بدلال مغتفر وبأباحية مستثناة في لحظة هوس يعبر عن ضعف وأختلال في عدم القدرة على التوازن المنتج لعلاقات مشروعة , ونماء محمود الصفات منتظم في سلسلة النسب والمصاهرة , قال تعالى تعبيرا عن تلك الحالة :” أفلا يتدبرون القرأن أم على قلوب أقفالها ” ؟
وأقفال القلوب هي كل تلك ألاختلاجات التي عبررت عنها الحالة الشعرية المتجردة من جمالية المشهد الكوني الذي تبدو جماليته شكلا ومضمونا بما ينعكس على كل الخلائق  بالعدل والرضا ” رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم المفلحون ” 22- المجادلة – والرضا هنا بمعناه النفسي والعقلي هو المناخ الذي يزخر بجمالية التواصل بين كل من :-
1-  المخلوق والخالق
2-  المعبود والمتعبد
3-  المعشوق والعاشق
4-  المحبوب والمحب
وأقفال القلوب التي تمنع تحقق ذلك المناخ الروحي المستودع بنسائم اللذة الدائمة , والمتعة المستنيرة بوهج الفهم الذي جبلت عليه الخلايا منذ العهد الكوني ألاول الذي عبر عنه ألامام علي بن أبي طالب بالزمن ألاول في الدعاء المعروف بدعاء الصباح وقبل أن أقترب من بلاغة وجمالية دعاء الصباح أحب أن تتقدمه أية العهد ألاول من القرأن الكريم لتكون بركتها جمالية مضافة تزهو بعبق التجذر حيث رجوع الفروع الى ألاصول , رجوعا يشكل مرجعية تصنع السمو وترسم حدود القدسية بعيدا عن غلو البشر , قال تعالى : ” وأذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا بلا : شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا غافلين ” .
ويوم عرفه الذي قلنا عنه أنه يوم دعاء وعبادة , ولايضر أجتماع المصطلحين لآنه ربما يسأل سائل : ألم تقولوا أن الدعاء هو مخ العبادة , فهو أذن من العبادة فلماذا أعطيتموه عنوانا مقابلا للعبادة ومنفرزا عنها ؟
وللسائل حق في ذلك , ولكن عندما يعرف أننا أردنا من هذا الفرز وهذا ألاختصاص بالعنوان ليس أخراجا للدعاء عن العبادة ولا تميزا له عنها , ولكننا أردنا أن نشعر القارئ بأهميته في الفعل العبادي المتبتل بالدعاء بناء على قوله تعالى ” قل مايعبأ بكم ربي لولا دعائكم ” وقال تعالى :
” أدعوني أستجب لكم ” . وقال تعالى :
” فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ” -22- الدخان –
وقال تعالى مبينا ضرورات الدعاء عند الحاجة والتراخي عنه عند البطر والغفلة قال تعالى :
” وأذا مس ألانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم أذا خوله نعمة منه نسي ماكان يدعوااليه من قبل وجعل للله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا أنك من أصحاب النار ” – 8- الزمر –
وقال ألامام علي بن أبي طالب في معرض سؤاله عن المسافة بين السماء وألارض ؟
فقال عليه السلام : ” دعوة مستجابة ”
ومادمنا نتحدث عن الدعاء وعن يوم عرفه وهو يوم للشعائر والمناسك العبادية التي سجل فيها النبي الرسول أبراهيم عليه السلام مواقفا جهادية معرفية جعلت أبليس وجموع الشياطين تلوذ بالفرار ولذلك قال تعالى عن أبراهيم صاحب أدعية مناسك وشعائر الحج والمؤسس لها حتى أصبح مقامه مصلى للناس وفي ذلك رد على البدع التي جاء بها الوهابيون والذين قاموا بهدم ألاضرحة ومقامات الصالحين .
” وجاهدوا في الله حق جهاده  هو أجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم أبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس”
ومن أدعية النبي أبراهيم عليه السلام :-
1-  ” وأذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا وأتخذوا من مقام أبراهيم مصلى وعهدنا الى أبراهيم وأسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ” -125- البقرة –
2-  ” وأذ قال أبراهيم رب أجعل هذا بلدا أمنا وأرزق أهله من الثمرات من أمن منهم بالله واليوم ألاخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره الى عذاب النار وبئس المصير ” 126- البقرة –
3-  ” ربنا وأجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا أنك أنت التواب الرحيم ” – 128- البقرة –
4-  ” ربنا وأبعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم أياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم أنك أنت العزيز الحكيم ” – 129- البقرة –
فهذه أدعية أبراهيم عليه السلام التي قال عنها رسول الله وخاتم ألانبياء والمرسلين محمد بن عبد الله “ص” :
” أنا دعوة أبراهيم ” ثم قال “ص” :
” أنا أبن الذبيحين ” في أشارة الى أسماعيل النبي عليه السلام والى والده عبدالله بن عبد المطلب الذي فداه عبد المطلب بكبش كما ذكرت الروايات .
ولقد توج يوم عرفه بذخائر ألادعية التي أوصى بها رسول الله “ص” كيوم دعاء وعبادة , فتصدى لذلك أئمة أهل البيت ألاطهار الذين عرفهم ألامام علي بن أبي طالب هكذا :
” نحن أفصح , وأنصح , وأصبح ”
وكان رسول الله “ص” أفصح القوم وأكثرهم بلاغة , ومنه “ص” أخذ ذلك علي بن أبي طالب الذي يقول :
ولقد كان “ص” يأخذ اللقمة فيمضغها ويلقمني منها , وقد جعل الله تعالى أكبر ملائكته يأخذ به في دروب الحكمة , فعلمني منها وفتح لي من كل باب ألف باب ”
وعندما كان ألامام علي بن أبي طالب يحدث الناس عن عجائب ألامور ويكشف لهم بعض أسرارها , كان البعض من الناس يقولون له أنت تعلم الغيب ؟
فكان عليه السلام يقول لهم :
” أنا لاأعلم الغيب وهذا علم علمنيه رسول الله “ص”
وبمناسبة الدعاء في يوم عرفه حيث يكون سمو الزمان وقدسية المكان وهو جبل عرفات ألاجرد من كل معالم الجمال الظاهرية من شجر وخضرة وماء وطيور , ولكنه محفوف ومستودع بجمالية أخرى تغيب عن العيون وهي أكثر ديمومة وأكثر حضور وتأثير تلك هي جمالية الروح التي تعرف جمالية خالقها
ولذلك ركز ألائمة من أهل البيت على الدعاء في يوم عرفه وأعتبروا الصلاة على النبي هي فاتحة الدعاء قال تعالى :
” أن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” والصلاة في أحد معانيها هي ” الدعاء ”
قال الشاعر :
” أحب الصلاة وأشتاقها
            وتسمو بروحي أفاقها
أيا وقفة تستشف الوجود
            وتجلو لنفسي طريق الخلود ؟
ومن عيون الدعاء التي تكشف عن شخصية صاحب الدعاء دون البحث عن وسائل وأدلة للتعرف على شخصية الداعي مع أهميتها على القاعدة التي وضعها النبي ” ص” ونقلها لنا عنه ألامام علي عندما قال :
” تكلموا تعرفوا ”
” والمرء مخبوء تحت لسانه ”
وفي دعاء الصباح الذي نقل عن ألامام علي في كتاب ” مفاتيح الجنان ” و ” كتاب مصباح المتهجد ” ولقد نقل عن رسول الله “ص” الحث على الدعاء التالي :
” اللهم أن مغفرتك أرجى من عملي , وأن رحمتك أوسع من ذنبي , للهم أن كان ذنبي عندك عظيما  فعفوك أعظم من ذنبي , اللهم أن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك , فرحمتك أهل أن تبلغني وتسعني , لآنها وسعت كل شيئ , برحمتك يا أرحم الراحمين ” – مفاتيح الجنان –ص 49-
وفي دعاء الصباح يقول ألامام علي عليه السلام :
” اللهم يامن دلع لسان الصباح بنطق تبلجه , وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه , وأتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه , وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه , يامن دل على ذاته بذاته , وتنزه عن مجانسة مخلوقاته , وجل عن ملائمة كيفياته
الى أن يقول :
” من ذا يعلم ماأنت فلا يهابك , ألفت بقدرتك الفرق , وفلقت بلطفك الفلق , وأنرت بكمك دياجي الغسق , وأنهرت المياه من الصم الصياخيد عذبا وأجاجا , وأنزلت من المعصرات ماء ثجاجا , وجعلت الشمس والقمر للبرية سراجا وهاجا ” – مفاتيح الجنان – ص 105-
ومن يقف مع بلاغة هذه النصوص وعلميتها المنتظمة من فهم النصوص القرأنية لتسحب البساط من تحت أقدام المتكلمين والفلاسفة , وتعطي للفقهاء دليلا على قوة التبليغ والدعوة الى الله تعالى .
أن التأمل في مساحة ألادعية التي تركها لنا أئمة أهل  البيت دون غيرهم من الصحابة  والصالحين من التابعين وتابعي التابعين كما سماهم أصحاب الرواية والمهتمين بالحديث تكشف لنا عن حقيقة مفادها : أن الدعاء بلغته ومفرداته التي يخاطب بها من هو أهل للخطاب والمسألة ذلك هو الله تعالى جلت قدرته وهذا الكلام لايعرفه ألا الراسخون في العلم وأهل الذكر وهم أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين طهرهم الله من الرجس , لذلك أصبح الدعاء من مختصاتهم ومن مميزاتهم التي لايقدر عليها غيرهم , وهذا لايعني أنه لايجوز لآي واحد منا أن يدعو ربه ؟ كما قد يتصور البعض , ولكن هناك فرق أن نمارس نحن الدعاء بلغتنا وبأمكاناتنا لنا ولغيرنا ” عبدي أدعني بلسان لم تعصني به ” أو أن يحلو لبعضنا أن يؤلف دعاء يقر أه الناس ؟ فتأليف الدعاء لغير المعصوم لايؤخذ به لآنه غير قادر على أستحضار كل المعاني والمفاهيم الخاصة بذات الجلالة , ولذلك عندما جاء أحدهم الى ألامام الصادق عليه السلام وقال : لقد ألفت دعاء ؟ قال عليه السلام :
” دعني وما ألفت وخذوا ما أعطيناكم ” وذلك تجنبا للوقوع فيما لايتناسب مع ذات الجلالة من صفات وهيئات وحيثيات , ولذلك رأينا بعض ألائمة من أصحاب المدارس الفقهية وقعوا في شبهة التجسيم , حتى قال العلامة الزمخشري صاحب كتاب ” الكشاف ” في تفسير القرأن :
” أذا سألوني عن مذهبي لاأبح به
               وأكتمه كتمانه لي أسلم
فأن حنبليا قلت قالوا
          بأنني ثقيل مجسم ؟
ومن عيون الدعاء في يوم عرفه هو الدعاء المعروف بدعاء ألامام الحسين في يوم عرفه , وقد رواه كل من بشر وبشير أبنا غالب ألاسدي قالا :
” كنا مع ألامام الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفه فخرج عليه السلام من فسطاطه متذللا خاشعا فجعل يمشي هونا هونا حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده في ميسرة من الجبل مستقبل البيت , ثم رفع يديه تلقاء وجهه كأستطعام المسكين ثم قال :
” الحمد للله الذي ليس لقضائه دافع , ولا لعطائه مانع , ولا كصنعه صنع صانع , وهو الجواد الواسع , فطر أجناس البدائع , وأتقن بحكمته الصنائع , لاتخفى عليه الطلائع , ولا تضيع عنده الودائع , جازى كل صانع , ورايش كل قانع , وراحم كل ضارع , ومنزل المنافع والكتاب الجامع بالنور الساطع , وهو للدعوات سامع , وللكربات دافع , وللدرجات رافع , وللجبابرة قامع – مفاتيح الجنان – ص 358-
هذا مقطع صغير من سفر للدعاء طويل وكبير أنشأه ألامام الحسين عليه السلام خاص بيوم عرفه , حتى أصبح عند المؤمنين سفرا وسياحة روحية في يوم عرفه الذي يجتمع فيه الزمان والمكان عند جبل عرفات كما وقف أبراهيم وأسماعيل وكما سعت هاجر عليها السلام بين الصفا والمروة وكما طافت سبعا تبحث عن ماء لرضيعها الذي أستجابت له السماء بزمزم الوافرة بنبعها الذي يروي عطاشى المسافرين في الزمان والقاصدين لهيبة المكان وتلك هي القدسية وذلك هو السمو الذي حقق جمالية دونها كل جماليات السماوات وألارض .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]