بداية لنتفق على أن معظم وسائل الإعلام العراقية انما تضلل الناس والعدالة – ان كانت هناك عدالة أصلا – عمدا أو سهوا أو جهلا فيما يتعلق بقضايا الفساد ومحاربته وفتح ملفات تحقيق بشأنه وإيهام الرأي العام بإرسال نسخ بقوائم المتورطين والمطلوبين فيها وما أكثرهم الى الشرطة الدولية “الإنتربول ” وإحالة آخرين الى النزاهة او القضاء للتحقيق معهم – فضائيا – عبر الماسنجر والسناب شات والسكايب ، قضايا فساد هائلة تسببت بفقدان 1000مليار دولار وفي جميع المجالات ، الصحية والخدمية منها على وجه الخصوص ، يساعد على تشويه الحقائق تلك وضياعها إفتتاح الفاسدين بنسب ضئيلة من الأموال التي سرقوها من خيرات الشعب وسائل إعلام مقروءة ومرئية ومسموعة لها جمهورها من – المسروقين والمضللين والمغفلين والخائبين ولا أقول الناخبين – ومن تضليل الإعلام العراقي وأباطيله انه يسوق السارقين للمال العام على انهم من مطاردي اللصوص وكاشفي أسرارهم بالوثائق – الويكيليكسية والبنمية – ولكن من لصوص التيارات والأحزاب والكتل المناوئة بعيدا عن سارقي الجماعات التي ينتسبون لها بطبيعة الحال ، لأن كتلهم – شريفة وعفيفة ومتعووودة دايما – لذا فأن مسلسل السرقات لم ولن يتوقف ” بطاطا ولا طماطا ولا زلاطا ” والأغرب ان المتلقي المسكين الى حد السذاجة يصدق ، بأن ” أسدا عراقيا أنقذ حياة غزال من براثن نمر شرس قبل إفتراسها ، ليدغدغ الأسد بأنيابه و مخالبه رقبتها وبطنها بالمناسبة السعيدة فماتت من.. الضحك ، ما دفعه الى دفنها في بطنه من دون غسل ولا تكفين كونها شهيدة الدغدغة إكراما لها ، وإكرام الميت في عرف الأسد العراقي الحنون جدا ..دفنه !! “.
واقول للمسؤولين ممن يتعالجون خارج البلاد بدءا بالبواسير والناسور والدوالي صعودا الى الجلطتين والسكتتين الدماغية والقلبية ، اذا كانت مستشفيات العراق دون المستوى المطلوب علاجيا فلماذا لا تخصصون ولو 10 % مما سرقتموه من نفط العراق وخيراته لإعمارها ؟ وان كانت المستشفيات العراقية بالمستوى المطلوب كما تزعمون، فلماذا لا تتعالجون انتم وأزواجكم واولادكم فيها كما نفعل ؟ وشووكرا لسعة بطونكم وجيوبكم بس مو جزيلا!!.اليوم اتصل بي أحدهم واخبرني بأن طفلا عراقيا كان يعاني من القيء والغثيان حتى ظن أهله بداية بأنه يعاني من نزلة برد عابرة او من تسمم بوجبة طعام مكشوفة ، إلا أن تدهور حالته الصحية دفع ذويه الى عرضه على طبيب إختصاص ليخبرهم وبعد إجراء الفحوصات والتحليلات اللازمة بانه مصاب بسرطان الدم الأمر الذي إستدعى علاجه كيمائيا ما أسفر عن سقوط شعره وحاجبيه بالكامل فحلقنا رؤوسنا جميعا تضامنا معه لرفع حالته المعنوية والنفسية المتردية ، فيما دفن المسؤولون رؤوسهم كالنعام كما فعلوا على مدار 13 عاما وسيظلون .قلت وان كنا صلعا إلا اننا سنحلق ما تبقى من رؤوسنا تضامنا مع أطفال السرطان في بلاد تعاني من كل انواع الملوثات البيئية والصناعية والحربية ،
بلاد تؤكد هيئات دولية في دراسات سابقة أن نصف سكان بعض المحافظات الجنوبية قد يصابون بأمراض سرطانية بحلول العام 2020، وان حالات الإصابة بالسرطان ارتفعت إلى أكثر من 177 ألفا ، يموت منهم المئات سنويا ، على وفق ما أصدرته وزارة الصحة العراقية، فيما تشير دراسات اخرى الى ارتفاع معدل الإصابات بالسرطان بين الأطفال الى 22 إصابة من بين كل 100 ألف طفل، وان العراق يتصدر قائمة الدول التي يعاني اطفالها وكبارها من السرطان بأنواعه وفي مقدمتها سرطان الدم الحاد او اللوكيميا وسرطان العقد اللمفاوية وأورام الدماغ والعظم والمعدة والجلد والرئة ، يتعالج معظمهم بالحقن الكيمائية والإشعاع برغم الآثار الجانبية المدمرة لكلا النوعين اضافة الى التداخل الجراحي المكلف والخطير في آن واحد بالتزامن مع ارتفاع اسعار العلاجات اللازمة وشحها ، علما ان اطفال العراق المصابين بالمرض الخبيث يعالجون في ردهات خاصة داخل المستشفيات الحكومية بغياب مستشفى خاص لهم حتى الان في مفارقة عجيبة لا تقل غرابة عن مفارقات الساسة – الحفاة العراة – قبل الأحتلال البغيض ممن اصبحوا من اثرى الأثرياء بعده في بضع سنين برغم “نزاهتهم وشفافيتهم !” ،ولله در ، الشاعر العراقي المغترب ، خلدون جاويد ، القائل في قصيدته الرائعة التي توهم بعضهم بأنها للرصافي على خلفية الشطر الأول من بيتها الأول الذي استعاره وغير في آخره :
هذا هو الوطنُ الجميلُ مسالخ …ومدافن وخرائب ومزابل سحقا لكم يامن عمائِمكم كما …بـِزّاتكم ، شكل بليدٌ باطلأودعناكم اغاتي