23 ديسمبر، 2024 6:15 ص

امريكا انتصرت على العراق .. من الذي انتصر ؟؟ الامريكان كلهم ابيضهم واسودهم وحامل الجنسية وحامل البطاقة الخضراء ..المسيحي والمسلم واليهودي الشيعي الامريكي والسني الامريكي .. البروتستانتي منهم والكاثوليكي ، من الذي خسر المعركة ؟؟ العراقيون كلهم شيعتهم وسنتهم مسيحيهم ومسلميهم ويزيديهم ، انتصرت امريكا وخسر العراق وستكتب هكذا بعد الف الف سنة

العراق انتصر على ايران .. اي ان كل يهودي عراقي انتصر على كل يهودي ايراني ، وكل شيعي عراقي انتصر على كل شيعي ايراني وكل سني عراقي انتصر على كل سني ايراني… هل في ذلك شك ؟؟؟ انتصرنا نحن العراقيون على الايرانيين في 8/8/2008 الا يحق لنا ان نفخر بهذا الانتصار الى الابد ؟؟ان كنا معتدين ام هم المعتدين ، ان كنا اصحاب الاطلاقة الاولى ام هم اصحابها .. نعم بكل الاحوال هي منازلة بين ارادتين انتصرت الاولى على الثانية .. نعم العراق انتصر على ايران التي هي ثلاثة اضعافه في كل شيء، المساحة . النفوس . آلخ.. .هل ان المباغتة هي السبب ؟؟ طيب وبعد 8 سنوات ماذا كان السبب؟؟ هل ان العراقيين الذين هم انفسهم كانوا يصفون الايرانيين بالصبر والمطاولة كانوا اكثر صبرا ومطاولة دون ان يكتشفوا حقيقة قدراتهم في هذا المجال ؟؟ هل ان الايرانيين لم يقدموا التضحيات ؟؟ قدموا الكثير ولا ننسى ستراتيجية الكتل البشرية ؟؟ هل السبب يكمن في الدعم الخارجي ؟؟ كلا بالتأكيد فلم يقاتل جندي اجنبي واحد لا معنا ولا مع ايران ؟؟ هل السبب يكمن في الانفاق العسكري ام قوة الاقتصاد ؟؟ البلدان شبه متساويان في الانفاق العسكري وغيره حيث ان الخسائر المادية لا يران كانت اكثر من 600 مليار دولار، واكثر من 400 مليار دولار للعراق .. بكل الأحوال ان النصر حققه شعب العراق برمته .. العامل الشيعي في مصنعه والفلاح السني في حقله والصائغ المندائي في متجره ، بل ان الامر وصل الى ان تكون الخدمة الالزامية اكثر من 12 سنة مع خدمة الاحتياط للكثيرين وبالتالي قاتل فيها النجار والحداد والاسكافي .. .

اليست هذه هي الوطنية والانتماء الحقيقي للوطن وأهله ، ام ان الوطنية في ان نغمط حق شعبنا كله بتضحياته الهائلة لأن هناك بعض السياسيين يحبون ايران اكثر من العراق لسبب او لآخر ؟؟، او لأن بعض السياسيين يكرهون الرئيس صدام حسين الذي قاد تلك المنازلة؟؟ ، ليس هكذا تروى يا سعد الابل ..الوطن اولا ومرجعية الوطن اولا ، هذا ما ينبغي ان نربي عليه اطفالنا.. نقول لهم ان كلهم اصغر من العراق ولا ينبغي ان يكون هناك اكبر من العراق في ضمائرهم ووعيهم الا الله .. ولكي يكون كبيراا في وعي الاجيال القادمة لا بد ان نقول لهم اننا انتصرنا على ايران في يوم ما ، ونقول لهم اننا اصحاب القانون رقم 80 وليس الزعيم عبدالكريم ، واننا الدولة الاولى في المنطقة التي قبلت في عصبة الامم لاننا شعب حي وليس بسبب الملك فيصل ، واننا أممنا النفط واعدمنا الجواسيس وقضينا على الأمية وليس الرئيس احمد حسن البكر ، وهكذا انتصرنا على ايران وليس الرئيس صدام حسين ..العراق هو المنتصر

سأعطيكم مثلين لتقريب الصورة ولمعرفة ان مقالي هذا ليس فيه اي عدوانية او تعالي على الجارة ايران وشعبها ، وأن اكثر ما يهمني ان لا يحصل أي صراع مسلح مستقبلي بين العراق وبين اي كان (عدا اسرائيل بعد ان نبني قدراتنا ) ويكفيني اني كتبت للرئيس صدام حسين في العام 2002 (( يبدو ان لا مناص سيدي من تفعيل محور طهران – بغداد – دمشق لأننا الثلاثة في قارب واحد مثقوب وفي بحيرة مغلقة )) وكنت قد اقترحت عليه (( دعوة المعارضة العراقية لعقد مؤتمرها في بغداد بدلا من لندن ، او في دولة مجاورة وتحضر المؤتمر القيادة القطرية للحزب لنسحب البساط من تحت اقدام امريكا ، كما طرحت هذا المقترح في مؤتمر علمي برعاية الفريق اول الركن سلطان هاشم ، وخلال المناقشة اعترض قائد كبير عن تسمية (الحرامية) معارضة فأجبته اجابة طويلة مختصرها (( انهم عراقيون )) ..ويبدو ان ذلك القائد كان اقدر مني على قراءة الأمور ..

المثل الاول في مفهوم الوطنية هو ان الرئيس الامريكي بوش الأب زار اليابان فأخذوه لزيارة مقابر هيروشيما ، وطلبوا منه الاعتذار للضحايا (ربع مليون قتيل) فرفض قائلا ((اني ان اعتذرت فهذا يعني ان الامة الامريكية قد اخطأت يوما والأمة الامريكية لا تخطيء)) ألمستم الوطنية .. ولدينا سياسيين طالبو بتعويض ايران وهي لم تطالب بالتعويض ..مع العرض ان التعويض يعني ( ان العراق قد اخطأ يوما )

المثل الثاني هو اني كنت ضابط ركن في الفيلق الاول قبل المنازلة الثانية مع الامريكان وأتباعهم، وكانت الحرب على الابواب والمعنويات متدنية بسبب الخلل الهائل في ميزان القوى ، وجاءت مناسبة النصر العراقي في الخفجي وكان هناك احتفال صغير اقامته الفرقة الالية الخامسة التي هاجمت الخفجي السعودي ، ولا حظت ان معظم الحضور لم يكونوا مكترثين ويستهزؤون في داخلهم بالمناسبة فهو احتلال لأقل من يومين … انتهى الحفل ببرود شديد فطلبت مكبر الصوت وتحدثت للحضور ومعظمهم من الفرقة الخامسة ، فقلت لهم باختصار ((لكل بلد محطات يفتخر بها ومعركة الخفجي اثبتت بسالة الجندي العراقي الاستثنائية فلا تضيعوا هذا الحق لجيشكم ولشعبكم ، هزمنا في المعركة القادمة ام انتصرنا فأن ملحمة الخفجي تبقى محطة فخر واعتزاز وثقوا ان اية فرقة في العالم لو كانت بظروف فرقتكم وبظروف السيادة الجوية المعادية الساحقة فلن يضغط جندي واحد من تلك الفرقة على زر تشغيل دبابة واحدة ويخرجها من مخبأها ويسير كل هذه المسافة في صحراء مفتوحة ويهجم ويحتل …لقد قمتم بعمل بطولي استثنائي لا يمكن لجندي في العالم ان يصنعه .. فحافظو عليه في ضمائركم

كل ذلك لا ينسينا ان نقول لشعبنا انه نصر عسكري مبين ، وكأكاديمي ومقاتل اقول اننا لم نقم بما كان يمكن القيام به بتوسيع النصر العسكري الى الحد الذي يمكننا فيه ان نربح سياسيا وقبلنا بالقرا598ر لسنة 1987 الخاص بالحرب #العراقية_ الإيرانية والذي رغم انه لم يرد فيه ما يشير إلى إلزام العراق بدفع تعويضات لإيران أو أن العراق هو الدولة المعتدية لكنه كان قد أشار إلى الجهة التي بدأت بالحرب دون أن يتطرق إلى تحديد المعتدي أو ذكر شيء عن التعويضات. ولكننا استعجلنا الاحتفال بالنصر ، وحصل ما حصل ولعل مما حصل اننا سلمنا كل الاسرى الايرانيين قبل ان نستلم كل اسرانا وظل قرار مجلس الامن يعد العراق بادئ بالحرب

ما اجمل ان يكون العراقي عراقيا والسوري سوريا والايراني ايرانيا ، وفق الله كل ايراني يحب ايران وكل عراقي يحب العراق ، ولذلك جاء المثل العراقي (( انعل ابو الشي المايشبه هلة)) وحمى الله الشعوب من شر ساستها، فبدنوهم ستعيش كل الشعوب متآخية تبني وتعمر وتتطور وتنتهي الحروب والصراعات .