بين ليلة وضحاها كل شيء تبدل ولم نعد نصدق ما يجري في العراق وانقلب عاليها سافلها , ونطق الاخرس وخرس المتمنطق , ورفع يده من كانت في جيبه , وانزلها من كان يهدد ويتوعد بها ولا يتكلم الا بالسبابة .
نمسي ونصبح نجد ان نواب رئيس الجمهورية أصبحوا عاطلين عن العمل ونواب رئيس الوزراء ينتظرون مصيرهم , فمنهم متهم ومنهم من ينتظر , وزراء أقيلوا ونواب ينتظرون ماذا سيحل بهم , رؤؤوس اطيح بها واخرى لا يعرف مصيرها , برلمان لاول مرة وبالاجماع لا توجد نقطة نظام او اعتراض واو مداخلة واو تشكيك في عدد الاصوات او الذهاب الى العد الالكتروني , قوانين تم الموافقة عليها باقل من دقيقة وباقل الخسائر بعد ان اخذت اعوام من المعارك والاتهامات والتسقيطات والترحيل الى دورات لاحقة .
سبحان الله من حصل على ستة الاف صوت يقيل من حصل على اكثر من 500 الف صوت وهو المالكي وكذلك اياد علاوي الذي حصل على اكثر من 300 الف صوت , و اسامة النجيفي الذي حصل على اكثر من مئتي الف صوت .
سبحان مغير الاحوال , لاول مرة تسجل الحكومة العراقية رقماً قياسياً في سرعة الاستجابة لمطالب المتظاهرين والاعتراف بأحقية تنفيذها ونزول رئيس الوزراء بنفسه ليقود المظاهرات ويرفع العلم العراقي في واحدة من اجمل اللقظات .
بين ليلة وضحاها شعر المواطن العراقي ان الخدمات اصبحت لا تصله وانه قد استـُغفل على مدة اثني عشر عاما ً , ولاول مرة عرف ان الكهرباء تم صرف اكثر من ثلاثين مليار دولار دون جدوى من اصلاحها , ولاول مرة يعلم الشارع العراقي ان الماء الذي يصله الى بيته هو غير صالح للشرب , ولاول مرة يعرف الشارع العراقي ان مئات المليارات تم سرقتها وتهريبها الى خارج العراق , ولاول مرة يعرف الشارع العراقي ان الذين انتخبوهم سرقوهم ولم يقدموا لهم شيء سوى الوعود الكاذبة , ولاول مرة شعر الشارع العراقي ان باسم الدين مررت الكثير من القضايا والرسائل السياسية التي اوصلت البلد الى ما هو عليه من الفرقة الطائفية والاحتراب المذهبي , وبين ليلة وضحاها وعى الشارع ان سبب بلاء العراق هم رجال الدين وباسم الدين ( باكونه الحرامية ) كما رددوا , ولاول مرة تتحرك المرجعية الدينية الشريفة وتطلق يد رئيس الوزراء للضرب بيد من حديد على الفاسدين بعد ان كانت داعمة لهم وهي من اوصلتهم وصنعتهم من خلال دعمها للكثير من القوائم التي كانت سبباً في خراب البلاد والعباد .
فسبحان مغير الاحوال وسبحان القائل * إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون* .