يعتبر الاول من مايو في كل عام احتفالا لدول كثيرة في العالم بعيد العمال العالمي، ويكون عطلة رسمية في بعض البلدان. حيث يعود هذا العيد في اصله الى عام 1869، إذ شكل عمال قطاع الملابس فى فيلادلفيا الأمريكية، ومعهم بعض عمال الأحذية والأثاث وعمال المناجم، منظمة “فرسان العمل”، كتنظيم نقابي، يكافح من أجل تحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل، واتخذ التنظيم من “1 مايو” يوما لتجديد المطالبة بحقوق العمال. حتى أصبح بمرور الزمن رمزا لنضال الطبقة العاملة من أجل حقوقها.
إن عيد العمال يمثل صرخة بوجه الرأسمالية التي اصبح لها منظروها من خطباء ومشايخ ومفكرين وسياسين، لجعل العامل اداة لبناء الثروات المالية والاستغلال الطبقي، وتحشيد الحروب. كذلك تنتج الرأسمالية الاحتلال وقوى الفساد والطائفية والاستغلال الحزبي والانتخابي الفاسد، وتأسيس الجهل والكبت، لسلب كل شيء منه؛ وليصبح دون هوية وثقافة ونضال بوجه الاستبداد والاستكبار، دون انتفاضة من اجل الحرية والكرامة، لذا هذا اليوم يمثل الصرخة الكبرى للمطالبة بالحقوق.
العامل العراقي اليوم تخيم على هالته الكآبة والغضب والتوتر، لانه لا يمتلك ضمان لمعيشته ومستقبله، وليس لديه هدف لعدم توفر الارضية والاستقرار، لذا يعاني بخلل نفسي بكل تعاملاته الاجتماعية والاسرية والعاطفية؛ بيد ان تكوين ظروفه لا تمت للانسانية بصلة، ولا للحياة الاعتيادية بشيء، فهو يعيش حالة من التعذيب القهري والموت البطيء. هذه فئة العمال فضلا عن العاطلين التائهين ما بين التمسك باي شيء وان كان الاجرام وبين الانتحار الذي وصلت احصائياته في عام واحد فقط بين 2016-2017 الى “251” حالة انتحار، لشباب تتراوح اعمارهم بين ال 16-29 عاما، طبعا هناك حالات لم تسجل. اما في بغداد فقد سجلت 128 حالة انتحار، في حين ديالى والناصرية والموصل كانت المعدلات اعلى من باقي المحافظات العراقية.
ثمة امر مهم وهو قضية الاجور الوقتية في الدوائر الحكومية، ومنعهم من التثبيت على الملاك الدائم، وخلق طريقة لضرب مستقبلهم وسلب حقوقهم المالية، تسمى “تحويل الاجور الى عقود”، من اجل بقاء مئات الالاف من العمال تحت وطأة الاحزاب وارباب العمل، الذين اكثرهم لا يتمتع باقل درجات المهنية والكفاءة، فضلا عن انعدام الانسانية والضمير.
هنا يجب ان تتحول روح العامل الى ثورة، وان يضرب بقوة دون تردد، لان الامر يتعلق بحريته وكرامته وحقوقه المالية والانسانية ومستقبل اسرته، هنا لابد من التعامل بثورة بوجه من يسلب ادنى حقوقه ( الاجر والكرامة ) سواء من رب العمل او من اعلى سلطة في الحكومة، وبشكل منتظم دون تبعثر في المطالبة والاندفاع، وهذا يوم العمال العالمي فرصة للخروج الى المطالبة بثبيت الاجور اليومية والعقود وايجاد فرص عمل للعاطلين.
إن الحكومة تتحمل مسؤولية توفير فرص عمل لكل القادرين على العمل، وانهاء البطالة التي من السهل حلها؛ عن طريق انشاء المصانع الكبيرة ودعم الاراضي الزراعية (كي لا ينافس الفلاح ابن المدينة في الوظيفة). كذلك على الحكومة جعل اقتصاد البلد مركزي في الواردات والايرادات، لا كل مؤسسة او منظمة تتلاعب باموال الشعب بحجج واهية. كذلك تتحمل الحكومة مسؤولية تثبيت جميع الاجور الوقتية والعقود مقارنة باموال البلد وثرواته وموارده، فضلا عن الفساد المستشري.
ايها العمال يجب علينا معرفة قوتنا، ومعرفة جهد ايادينا التي تسببت باغتناء هذه الطبقة القليلة من ثرواتنا والدهس على كرامتنا، وبناء امبراطورياتها المالية من عرقنا واخلاصنا، ومن ثم بقاء تسلطهم علينا.
لذا يعتبر خروج العمال والعاطلين في الاول من مايو من اجل الاحتجاج والمطالبة الحقة، لاستعادة حقوقهم المسلوبة من الطبقة القليلة التي ليس لديها ادنى قوة دون طبقة العمال والعاطلين.