23 ديسمبر، 2024 8:30 ص

يوم الأيام ،، الإنتصار المرّ

يوم الأيام ،، الإنتصار المرّ

كان صدّام مولعا بالتسميات الضخمة لمعاركه وحروبه سواء التي انتصر فيها او التي خسر ، ولكن مصادفة -ربما- كانت اغلب تسمياته تصدق او تطابق المسميات ، فعندما سمى معركته مع امريكا (الحواسم) كانت حاسمة فعلا ضده وانهت حكمه بل وحياته ، وقبلها سمى معركته ضد الحلفاء (33) دولة -طبعا منهم شاركت على الارض عسكريا و منهم لوجستيا- ام المعارك وكانت اثر استعادته للكويت “كأرض وطنية له” ، وكانت فعلا ام المعارك ،
فقد توجت جميع معاركه وغيرت مجرى حكمه وعلاقته بشعبه وجرت عليه الحصار واضعفت الجيش العراقي المرعب آنذاك و اشترك فيها ضده اخوة عرب و تخلى عنه حلفاؤه الروس وغيرهم ، واستغلتها عدوته الاكبر ايران وعدوته الاصغر اسرائيل و ماالى ذلك من تداعيات فهي فعلا ام المعارك ،
وعلى ذكر إيران فقد كانت لمعاركه مع ايران تسميات مهمة وغريبة ايضا ، فقد سمى الحرب بعمومها “القادسية الثانية” تيمنا بإزاحة ملك الفرس في الاولى على يد جده “سعد” كما ينتسب او جده “عمر” كما يفتخر ! واطلق تسميات مهمة على كل معركة منفصلة خاضتها قواته ضد ايران طوال الثمان سنوات من الحرب الاطول تاريخيا بين الامتين العربية والفارسية ،
ولكن كان ختام تسمياته معهم اصدقها ،فقد اطلق على يوم دحر الايرانيين وخطاب التنازل الذي اذاعه الخميني “متجرعا كاس السم” كما عبّر آنذاك ، اطلق صدام على هذا التاريخ “يوم الأيام” و قد صدق فعلا “اسم الشؤم” علينا منذ ذلك الحين الى يوم الناس هذا ، فقد كان يوما عصيبا على الامة الفارسية لاتنساه فأدخلنا بأيام معهم لاتنتهي ولن تنتهي الى ان يرث الله الارض و من عليها ، فالفرس الى الان ينتقمون من عمر بن الخطاب لهدمه امبراطوريتهم الطويلة العمر ، ومنذ الف سنة ، فما بالك بصدام وقد اهان كبرياءهم قبل ثلاثة عقود ! فقد مات الرجل بعد ان كسرهم و مرغ انوفهم ، وارتاح منهم وبقي العراق الحزين المستضعف الجريح “المكفخة” لكل صعلوك و متشرد ولكع يحكمونه لصالح ايران ، ويهربون امواله لايران ويدمرون صناعته لعيون ايران ويحرقون زرعه من اجل ايران ،
وزراء تعينهم ايران ورؤساء تحركهم ايران ، صيف بلاكهرباء وبساتين بلا ماء ، تناحر بين اهل المذهب الواحد الذين اتخذوها إماما ووليا ، وتصارع بين اهل المكون الآخر الذين اتخذوها سندا ومرجعا للسياسة والحكم ، تعليم يخرج من التصنيف لاجل جامعات ابران ، وبلد بدون منافذ ولا فيزا ولا شروط لأجل زوار ايران ، احزاب سلطتها لتصفية الطيارين الذين قصفوها والضباط الذين حاربوها والعلماء الذين نافسوها وحتى الاطفال الذين باغنياتهم الوطنية -آنذاك- أزعجوها ،
و من ذلك اليوم الذي سماه النصر العظيم و يوم الايام ، ما راينا شيئا عظيما و لاهنأت لنا أيام ، “فلا احقد من فارسي” كما تقول العرب قديما ، فنكأ صدام جرح ايران القديم وعقدتها من يوم ذي قار والنعمان والقادسية ، فهيّج علينا ايران ،
ايران التي جعلت كل يوم من ايامنا اسودا حزينا متخلفا مترديا فتنة قتالا حرقا مخدرات ملاهي بارات ، خمارات ، متاجرة بالدين تشييع خرافات ، ثارات ، ارهاب ،وكل ماتشتهي نفس المنتقمين ، يوم جاءت بامريكا ويوم جاءت باسرائيل ، ويوم تدعم الكرد الانفصاليين ويوم تقصف مدنهم ، يوم تسرق الثروات ويوم تنتهك المحرمات ، يوم تدعي النصرة ضد عدو اخترعته ، ويوم تحارب الشعب باسم دين نبذته ، يوم تضع لنا السموم في الغذاء ويوم تمنع عن اراضينا الماء ، ويوم و يوم ويوم ،وسوف لن تنتهي الايام ، و كل هذا بسبب صدّام