23 ديسمبر، 2024 1:45 ص

يوم الأطفال الأصحاء

يوم الأطفال الأصحاء

في العهد الملكي، الذي يمتد من 1921 والى 1958 ، كان العراق يقيم إحتفالاً سنوياً بيوم الطفل في مركز الأمومة في منطقة الشيخ عمر، قبل أن تتحول هذه المنطقة الى مدينة صناعية وسط بغداد، وكان هذا الإحتفال يختص بإختيار الأطفال الأصحاء من بين المتنافسين في السباق ممن تثبت الفحوصات الطبية أنهم حازوا على أعلى النقاط في مستوى الصحة البدنية، ويجرى تقليد الطفل الأول بقلادة ذهبية، الى جوانب جوائز أخرى توزع للأطفال الفائزين بالمراتب الأخرى.لانريد أن نسأل عن مركز الأمومة أين حل به الدهر، ولا عن يوم الطفولة الذي تحول الى إحتفالية مركزية للكبار، فيما واقع الطفل العراقي يعيش مأساة مستمرة من التشرد والضياع، وسط حالة من التنامي المتصاعد للتمايز الطبقي الذي يكشف عنه الشارع والبيت والمدرسة.أطفال بالملايين، يضطرون بفعل اليتم الأبوي، أو يتم الحاجة، الى نزع الطفولة من أجسادهم، والإنخراط مبكراً في سوح العمل، أو النزول الى الشارع، عند التقاطعات المرورية، ووسط أي زحام، لعرض خدماتهم، أو ممارسة مهنة الإستجداء وإستدرار عواطف المارة.أطفال آخرون، يجدون ضالتهم وسط أكوام القمامة وحولها، ويشتغلون مع مقاولين أهليين، أو حكوميين، لرفع النفايات ونقلها الى مواقع الطمر غير الصحي، وإجراء عمليات التنقيب فيها، بحسب متطلبات العمل.تأثر الطفل بسلوك الشارع، خطر آخر يتهدده، مع غياب الرعاية التربوية في البيت والمدرسة، ولاسيما عندما يقرر ترك المدرسة، والفرار الى الشارع من أجل السباق مع الزمن لتأمين حاجاته الأساسية والكمالية، وإثبات وجوده بوسائل أخرى غير المدرسة، التي لم تنفع المتعلمين الذين يشاركوه الرصيف، فيما يتشبع بثقافة جديدة تدفعه الى الإنحراف والجريمة.أطفال يدخنون، ويهلوسون، ويتعرضون الى الرذيلة، ولا أحد يفكر في مصيرهم، وما ستؤول به أحوالهم إذا بقوا على هذا الطريق، فيما المفارقة الغريبة أن الحكومة تقدم برامجها لمحو الأمية عن الكبار.صور كثيرة ومتعددة لواقع الطفولة في العراق، حري بمؤسسات الدول، وحقوق الإنسان أن تلتفت اليها، وتفعّل القوانين الخاصة بالزامية التعليم، ومنع العمل، وتقديم وسائل الرعاية كافة للحفاظ على النشء الجديد وتأهليه ليكون الجيل الواعد في المستقبل.دعونا نستعد لإجراء مسابقة للأطفال الأصحاء، من الأحياء الفقيرة، والشرائح المعدمة، تتضمن   التغذية، والسكن، والمدرسة، وحقوق الطفل الطبيعية، ويمنع التزوير والتلاعب بالنتائج.