18 ديسمبر، 2024 11:56 م

أمثالنا تضرب ولا تقاس هكذا يقولون،لكن في الحقيقة هنالك شيء غريب أن تقول مثل في زمن بعيد سبق هذا الزمن وترى هذا المثل بمثل هذا اليوم ينطبق بعد سنون على واقع اليوم . منذ نعومة أظافري كان أهلي يعلمونني حب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس من اجل سيادته وسلامة أراضيه،والوطن هو الوجود والبيت الكبير الذي يعيش كل العراقيين تحت خيمته وهو كل مانملك ،أرضعوني حب الأرض ،واحترام وتقدير أهله وناسه ،أقف معهم بالفرح والحزن وهذا تقليد سائر عند كل العوائل العراقية لإبل صفة وطباع أساسية موجودة منذ الأزل مغروسة بروح كل عراقي،هكذا تربينا وترعرعنا بين أحضان هذا الوطن ، وعندما دخلت بداية ربيع عمري أصبحت أعي واعرف وادقق بكل مايدور من حولي ،هنا بالذات أحببت أن أعرج على جمله كانت جدتي ترددها علي ،والتي تقول (طﮒك بلا بوُش)،كانت تقولها لي عندما كنت الصق صور بعض المشاهير من المطربين والمطربات الغربيين على سريري (أمثال ساندرا وكيم وآيل ومادونا وباد بويز بلو) او عندما كان يعلو صوتي في البيت او حتى عندما كنت اكذب كذبة بيضاء على والدي كانت تقول لي هذه الجملة التي ذكرتها أنفا،كنت لا اعرف معنى هذه الجملة لكن كان يجن جنوني عندما اسمعها منها ويزداد جنوني أكثر عندما أرى والدي يضحكون علي وبصوت عالي وهم يرون جدتي تسمعني هذا الكلام وكأنها قصيدة يومية علي حفظها بسبب او بدون سبب،وعندما بلغت سألت جدتي يا جدة ما معنى (طﮒك بلا بوُش) أجابت وفي قلبها حسرة وحيرة يا بني سمعت من أهلي وأجدادي بأنه سوف يأتي يوم على العراق يحكمه حاكم جائر ويقولون انه انكليزي،ومرت السنين ودارت الأيام وتوفيت جدتي وجاء هذا اليوم الذي ذكرني بكلامها البليغ عندما دخلنا حرب عام 1990 والتي سميت بحرب الخليج بقيادة بوش الأب وفي عام 2003 بقيادة بوش الابن تحت مسمى تحرير العراق،هنا الكل يعرف ماذا حصل وما الذي جنيناه من بوش الأب والابن لعنهم الله دنيا وآخرة وماذا جنينا منهم؟، جنينا مشهد عراقي في قمة الضبابية والقتامة،تأسيس الدولة العراقية على أسس طائفية ومحاصصات عرقية وثنية قاتلة،ضعف في القرار الوطني والوعي السياسي وتبعية بعض الأحزاب الطائفية المتسلطة لأجندة أمريكية،انعدام شامل للخدمات الأساسية للمواطنين،وتصارع الأحزاب الطائفية فيما بينها على المناصب والمنافع الشخصية،وغياب مخجل او شبه تام للدور العربي ومجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية والمنظمات الدولية،ادخلوا العراق بمنعطف خطير في نفق مظلم لا نتوقع النور في نهايته،فتح باب الهجرة للعراقيين واستقطاب الكفاءات حتى يتسنى للدور الأمريكي القذر أفراغ البلد من هذه الطاقات،المشهد العراقي ضبابي يسير نحو المجهول المظلم لعملية سياسية شوهاء،أن الأمريكان هم السائدون الآن على العراق والمهيمنين على كل شيء وبكل رذائلهم وخبثهم اجتمعوا مع اللصوص والمهربين والقتلة وبكل مكرهم وكذبهم ليقنعوننا بكلمة تافهة وهي أكذوبة الديمقراطية،اجتمعوا مع المزورين وضعفاء النفوس الذين جمعوهم من شوارع دول العالم وجعلوهم يتخفون بعباءة الدين والبدلات الانكليزية الثمينة،أنهم ثمار أشجار العلقم،ونحن نعلم أن الأفاعي وان لامستها فأن ملمسها ناعم عند التقلب لكن في أنيابها تخفي سمها القاتل،لماذا يا وطن حكموا عليك بالتقدم للوراء،لماذا يا وطن المواطن فيك متهم من غير براءة والمعارض بصانع القرار فيك مدان بلا تهم،ولماذا اقتصادك ضحية الفساد وحصة السراق،لماذا تجمعوا واتفقوا على نهش ما تبقى من جسدك العليل الجريح. لماذا عندنا المعلم البسيط يشتث من عمله والقائد العسكري يتسترون عليه ليصبح في ليلة وضحاها مضطهداً سياسياً سابقاً،لماذا عندنا دائماً وابداً الماضي يملئه رصاص يقتل مستقبل يبنى للمجهول،شعب فقير يحرم عليه حتى التقاط الفرص او امتلاكها أذا فكر بيوم أن يكون له حق من الفتات المتساقط من على موائد المتسلطين،قانونهم الجديد يسرق زيد رغيف خبز جريمة لا تغتفر وان يسرق عبيد وطن مسألة فيها وجهة نظر كونه ينتمي لأحد الأحزاب،اليوم أصبحنا لا نصدق ما نسمعه وما يتناقله الناس لكننا نصدق ما نراه بأعيننا والصراعات السياسية مثال على هذا الشيء وهو خير دليل،يا وطن أصبح اليوم فيك الجمال كثراً والراكبون أكثر فمن أين نأتي بعلي ابن أبي طالب وعمر وعثمان وأبا بكر (رضي الله عنهم)حتى ينقذوا البلاد والعباد،ختاما أقول جدتي رحمك الله وكلامك الذي سمعته قبل ثلاثين سنة اليوم أصبح حقيقة وحقيقة مرة في عراق دمر كل شيءً فيه،اليوم وأنتي ترقدين تحت التراب هل لي بسؤال (طﮒك بلا بوُش) وما بعد بوش أتى اوباما هل تقولين (طﮒك بلا اوباما) . سنبقى على العهد يا جدتي أحفادا ماضون في حب الوطن كما أحببني لأبنائك أن يكونوا ولن تغيرنا الظروف مهما تكالبت علينا الأعداء وسنبقى نفتخر بدجله والفرات الذين أسقانا الاخوه والشهامة واكرام الضيف وسنبقى على خطى أخلاقكم ماضون،وسنعيد إلى بغداد ضحكاتها وسنرسم ونخط بأشواقنا على ارضها البابلية ارقى الكلمات السومريه ومن عبق عطرها نعطر انفسنا وسنلعن كل من يدنس ارضها ويمسها بسوء .