22 ديسمبر، 2024 11:41 م

يومان في حياة المتقاعد

يومان في حياة المتقاعد

يقضي المتقاعد حياته في يومين، يوم ” القبض”، وهو اليوم الذي يتسلم فيه ” معاشه”، بحسب التعبير الدارج، فيما يقضي بقية أيامه في العد، مردداً ” الشهر اللي مابي خبزة لاتعده من أيامك”.
والمتقاعد على نوعين، نوع خبرته الوظيفة وخبرها، حتى خرج منها، بإحدى ثلاث : بالسن القانونية، أوإستيفاء الخدمة، أو موافاة الأجل، ومايترتب عليه من إستحقاق للورثة .. ونوع مر عليها مرور الكرام، وسجل رقماً قياسياً في أقصر خدمة لأعلى مرتب، كونه من ذوي الإمتيازات الخاصة، وليس هذا مدار حديثنا.
المتقاعد، الذي تربى على فكرة الوظيفة ضمان في الحاضر وعند الكبر، بل وحتى لأسرته من بعده، وعاش على مفهوم ” إن فاتك الميري، فتمرغ بترابه”، أخذ يواجه اليوم أزمة ثقة، وهو يرى المنهج الذي خطه لحياته وحياة أسرته، معرضاً لهزات خارج تغطيته، سواء بشمول راتبه بالإستقطاعات، بخلاف القوانين التي حافظت على مستواه المعيشي، أو بإصابة ” معاشه” بالغيبوبة، تحت عنوان ” ماكو رصيد”، بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، برغم بوادر الإنفراج، البادية على صادرات النفط، وتحسن أسعاره.
ربما، يظهر خلاف عرضي، بين هيئة التقاعد العامة، ومصرف الرافدين، لتبادل التهم، بشأن الطرف المخل بعقد البطاقة الذكية، وبالتالي يضع كل واحد منهما مسؤولية التأخير في صرف ” المعاش” للمتقاعدين.
وأياً كان السبب، أزمة مالية ، تدهور إقتصادي، خلل إداري، فالمتقاعد ينبغي أن يكون في منأى من أي تبعات، تمس ” معاشه”، ونقول “معاشه”، لأنه التعبير الأدق للراتب الذي يتقاضاه، بما يشكله من مصدر رزق وحيد، رتب معيشته عليه، وأي مساس بهذا المصدر يعني الحكم على المتقاعد بالموت.
بقي أن نذكر، أن ” المعاش” المخصص للمتقاعد، ليس منة من أحد، ولا ينبغي أن يوصف بالعبء على الموازنة، بل هو إستحقاق بذمة الدولة، إزاء المتقاعدين الذين أفنوا عمرهم في الخدمة الوظيفية، ودفعوا نفقاتها بالجهد والمال.