لقد كانت القضية القومية الآشورية في فكر الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) والتي عبّر عنها شهدائنا الأبرار خير تعبير على أنها مارسة يومية ونضال مستمر ذو ثوابت وأبعاد مبدئية لا تخضع أبدا للمساومة أو التنازل ولا التراجع عنها حتى وأن كان ثمنها القرابين والتضحيات وزنزانات الأنظمة الأستبدادية …
في تموز 1984 تجلت تلك الثوابت وبشكلها الفعلي حينما تم ألقاء القبض من قبل جزار العراق المقبور على النخبة القيادية والمؤسسة للحركة ( زوعا ) لا بل وركيزتها ( يوسف توما هرمز , يوبرت بنيامين شليمون , يوخنا ايشو ججو ) مع أعداد كبيرة من رفاقهم الغيارى الذين أودعوا داخل أقبية الجلاد المباد و ليؤكدوا بأنم ماضون للسير قدما بقضاياهم صوب المجد والعلى وليرتقي نضال تلك الركيزة القيادية المؤمنة ألى ما هو الأسمى بتاريخ الثالث من شباط عام 1985 حينما أعتلوا أعواد المشانق وكلهم عنفوان وجبروت ليوقّعوا بدمائهم الزكية مدونين شهادتهم في سفر الخالدين مجسدين مدى ألتصاقهم وحبهم لشعبهم وقضاياه وللمبادئ التي خلقوا لأجلها والتي كانت منطلقا لهم نحو تأسيس فصيل سياسي ثوري يمتلك نظرية ثورية تحت أسم الحركة الديمقراطية الآشورية بمفاهيم فكرية قومية ووطنية خالصة معتمدين الثورية ونكران الذات التي آمنوا بها أيمانا راسخا نهجا وسبيلا لمواجهة الواقع المؤلم والمرير الملازم لأبناء شعبنا والوقوف بوجه عمليات التعريب ومحاولات سلب الهوية من قبل فاشست البعث الشوفيني ومريديه الذين لم يتوفقوا من ثني عزيمتهم أو يحيدهم عن دربهم وليكون طريق الشرف والشهادة مرشدا للأرتقاء بفكر حركتنا النيّر المتسم بالموضوعية الذي لطالما أراد التغيير في وعي الجماهير القومي ألى وعيا منظما ومسلحا بالعلمية والعقلانية كي يتغلب على مشاعر العاطفة والأنفعالات وما كان يكتنف كل ذلك من حالات التقوقع والانطوائية على الذات , لذا حيث وبعزيمتهم كونهم أهل العزم وبصلابة مبادئهم وسموا شهادهتم تلك الشهادة التي بمجرد ما أن يتخيلها أو يتصورها الفرد سيعاد ألى الخلد مرارة ما تذوقوه من الذل والأهانات وما تحملوه من عمليات وطرق التعذيب الوحشي والتشويه الجسدي طيلة الفترة الممتدة من تموز 1984وحتى ساعة نيلهم وسام الشهادة في شباط 1985 ومن معهم من المعتقلين الذين كانو ميلادا حقيقيا للمبادئ الثورية ونكران الذات والذي ومن المتوقع أن تمر اليوم تلك الذكرى أل ( 28 ) العطرة وكلنا أملا بأن تعيد ألى البال الكثير من الحسابات وبما يخدم المرحلة أذا ما تم النظر أليها بمنظار الحاضر التحليلي والمحطة الجبارة التي تم فيها ذلك الحدث الجلل ولأجل من .. !!, والذي لم تزل احداثه خالدة بجسامتها وعظمتها في أذهان كل الغيارى من رفاق الحركة وقاعدتها الجماهيرية المخلصة التي آزرت نضال زوعا بمراحله ومحطاته المليئة بالمواقف والتضحيات منذ النزول ألى ساحة الكفاح المسلح في نيسان 1982 والوقوف ببسالة بوجه أعتى دكتاتور شهدته المنطقة حينها …
أن ( يوبرت , يوخنا , يوسف ) بشهادتهم جسدوا فكر الحركة الديمقراطية الآشورية الموضوعي خير تجسيد ذلك الفكر الذي هم شاركوا وبفعالية في أرساء لبناته القائمة على الالتزام والأنضباط والأدراك والوعي لكل خطوة يخطيانها صوب كل ما آمنوا به من المبادئ وكل ما ناضلوا من أجله من الأهداف ولم تكن للمغريات والأحضان الدافئة مجالا في قاموسهم النضالي , وما نيلهم لتيجان الشهادة كان وعن حق ميلادا للمبادئ الثورية ونكران الذات .. [ حيث يذكر شهيدنا الخالد يوبرت بنيامين في أحدى محاضراته المدونة في كراس من فكر الحركة الديمقراطية الآشورية قائلا : أن الألتزام بمبادئ وأفكار حركتنا له تأثير أيجابي على وحدتها وتماسكها , ويكتسب الألتزام صفته الثورية عبر الممارسات اليومية للمنتمي في طرحه لأفكار الحركة بين أبناء شعبنا وأن الأنتماء للحركة يتطلب تنفيذ جميع الواجبات المناطة به وهذا بدوره يتطلب جهدا ومشقة والأستعداد للتضحية النابع من الأيمان المطلق بقضيتنا وأهداف حركتنا الذي يتحول ألى التقيد التام بمنهاجها الفكري والسياسي … انتهى ] . كما يبدو أنه في فكر زوعا المنهجي تم تحديد وبوضوح ما للمنتمي وما عليه كما ووضح كل معاني الألتزام والأنضباط والنهج السليم ورسموا له أيضا الهيكلية التنظيمية لترتيب البناء الداخلي القائم على النظام الذي ومن دونه سوف تشل العملية التنظيمية برمتها ويكتب عليها الفشل وتسودها الفوضى ولم يعد لها لما يمكنها من صيانة مبادئها ووحدتها وتماسكها …
أن مدرسة الأطهار ( يوسف , يوبرت , يوخنا ) كانت وفق مفهوم الغيارى من رفاق الحركة الديمقراطية الآشورية معيارا للعمل المتفاني وروح الأقدام وتوعية الذات من أجل الحفاظ على خطها العام ومسارها السياسي والفكري والتنظيمي الصحيح وصيانتها من الأنحراف أو الأنجراف أو كل ما ينعكس بالسلب على أعضائها وجماهيرها , لذا فشهادتهم كانت ذلك المنبر الذي أعتلاه شباب زوعا الميامين من بعدهم رافعين راية الشهامة يحدوهم الفخر بنهج وسلوك وفكر مؤسسيها الخالدين الذين اضحت شهادتهم سراجا ونبراسا ورمزا للتجذر والأصالة لأبناء شعبنا هذا الذي وجد فيهم الأمانة والثقة والأخلاق الرفيعة ومصداقية القول والفعل . هكذا لقد كانت شهادتهم بمثابة أنتفاضة سياسية آشورية بوجه الطاغية الأرعن ناهيك عن كونها ثورة داخل شارعنا القومي الذي تحوّل من وضع السكون ألى حالة الحركة وقفزة نوعية على المفاهيم البالية والسقيمة المحيطة بأسوار القنوط والجمود …
أنه وبخصوص العمل السياسي في فكر الشهيد يوسف توما يقول : [ أنه يصاحب العمل السياسي ازدياد في الهمّة والعزيمة الذي من خلاله يدرك مدى أيجابية توفر النظرة الوحدوية الصحيحة ومزايا الأرتباط العضوي وقوة النضال الناتجة عن التنظيم الموحد آخر العمل السياسي , كما ويدرك اسلوب التغلب على روح الأنانية والأعتبارات الشخصية والعشائرية والمذهبية والتعاليم الفاسدة العقيمة والأرتفاع ألى أعلى مستوى من التضحية في سبيل الفكرة الجديدة التي تبنى الحياة الجديدة والعمل على تجديد الفكرة والمحافظة عليها ومدّها بالقوة كلما واجهتها العقبات والمصائب … أنتهى ] .
وليس أخرا أن شهدائنا خالدون يعيشون فينا كل يوم ويحيون دوما وأبدا في ضمائرنا وسيبقون ذلك المعين الرئيسي الذي يعتبر مصدر قوة لقضايانا القومية والوطنية وشريان ديمومتها وعنوان عظمة أمتنا هذه الأمة التي يعتبرها الشهيد يوسف توما بأنها ( الأمانة والصدق والمبادئ ) .. ووقفة أجلال وأكبار لهذه النجوم الوهاّجة في فكر الحركة الديمقراطية الآشورية ( يوسف , يوبرت , يوخنا ) في ذكراهم أل( 28 ) عاما الذين خطّوا بدمائهم الطاهرة الميلاد الحقيقي للمبادئ الثورية ونكران الذات ولكل الذين سارو في ركبهم والذين ناضلوا من أجل طرح قضايانا السامية في المحافل الدولية …
[email protected]