مشكلة الإنسان ومسألته الكبرى هي القديس، وهذه المشكلة نابعة من اساس ديني يعود إلى الديانة اليهودية. فهذه الديانة المغلقة تفترض الإنسان (المنزّه) من سابع سموات والخالي من العيوب، والمنصوص عليها بمصطلح (شعب الله المختار). من هذا النص جائت جميع الأفكار العنصرية والنازية والشوفينية، فلم يأتِ نيتشه عبر (السوبر مان) بجديد، وليس لهتلر فضل في اجتراح مفهوم العرق الآري والأمة المتفوقة.. كلها تعود إلى العقيدة اليهودية العنصرية التي جعلت ابناء تلك الديانة امة منزهة عن الخطأ ومتبعة لكل ما هو سليم وخير.
والخير لا يولد في ضمائر الشعوب بطريقة دينية او عنصرية؛ إنما هو فطرة وممارسة.
ومن يمارس الخير، لا يدعي التفوق، ففي تلك الدعوة تكمن الشياطين!..
رب شيطان يسأل، ما الذي يربط بين التيار الصدري ومقولات اليهود او التيارات العنصرية، ولعمري أن جواب ذلك السؤال يكمن في الادعاء، فلا نجد تيارا او حزبا يدعي الكمال او يدعو إلى الانعزال والإنكفاء كما يدعو لهذا التيار الصدري، فحديث (القح) ودعوات الولاء وتشكيل (الأمة الصدرية) دليل على اتباع الصدريين لشريعة اليهود التقسيمية الانكفائية، فكل ما هو صدري مقبول، وما عداه مرفوض بمهر شرعي يشبه ذلك المهر الذي خطه وابتكره حكماء صهيون.
القضية لا تتوقف عند الصدريين، وكما قلنا فهم إنموذجا حيا على التقليد العربي الأعمى لممارسات وافكار اليهود، فالغشائرية العراقية تندرج ضمن هذا التقليد، إذ يرفض رجل العشيرة كل من لم يندرج ضمن نسبه ويدخله في خانة المطرودين من رحمة الوجاهة والسلطان، وهذه التقسيمات العنصرية لن تجد لها في الديانات الاخرى، سوى اليهودية، موردا ولا محلا.
المسلم الذي يتبنى ذلك النهج العنصري التقسيمي، ابعد ما يكون عن روح الإسلام، فضلا عن بعده عن روح الديمقراطية التي تتيح لكل البشر حق العيش المشترك بعيدا عن نظرية الدماء الزرقاء والعوائل الحاكمة، ونظرية العوائل لن تجد لها مكانا سوى في الأفكار اليهودية التي تقسم الناس إلى عناصر تكتسب الفضل عند الولادة او تحتاج لهذا الفضل عبر الخدمة والتبعية منذ ولادتها!
النظرية الإسلامية بعيدة كثيرا عن نظرية العبيد والاتباع وعن نظرية الدماء الزرقاء، وهي تقترب من نظرية المساواة التي تتبعها الديانات الاخرى كالمسيحية والبوذية والزرادشية، بل هي أفضل من جميع تلك النظريات عندما تجعل الناس (كأسنان المشط) او عندما لا (تفرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى)! وهنا تسقط نظرية الفرقة الناجية التي تتشبه بها جماهير الصدر عبر تشكيل كيان (الأمة الصدرية)!