19 ديسمبر، 2024 1:19 ص

يلاّ نطَوع ساعة

يلاّ نطَوع ساعة

هموم إجتماعية ، وفوضى فكرية ، ومتاهة حضارية تبتلعنا منذ عقود ،أغنياؤنا في القمة ، وفقراؤنا لايجدون الحد الأدنى من الكفاية الغذائية ، مناخنا مادي وإستهلاكي بإمتياز ، تبلّدت فيه المشاعرالإنسانية وتغولت (الأنا).
مقاولنا السياسي لايعرف الجمهور إلا إذا أصبح على عتبة الإنتخابات . وباقي أفراد الشعب تستنزفهم إكراهات الحياة العشوائية ومستلزمات المعيشة اليومية.
  شوارعنا يعلوها الغبار ويفترسها الخراب ، مدننا كالحة ، مظلمة ، أشجارنا عطشى ، شبابنا حائر، إغواء المال يمتص رحيق القلوب فيحيلها يابسة ، بريقه  يعمي الأبصار عن المقاصد المجتمعية الكبرى ، تحركنا الغرائز وتدفعنا المطامع ، غاب البناة وأنكفأ المصلحون .
شعارنا (ليس لي علاقة) (مو شغلتي) و(قابل آني مسؤول) وماسواها من العبارات القاتلة والمعوقة للعطاء الشخصي والمفرغة لخزين الهّم الإجتماعي الذي ينبغي أن يتقدم على غيره من الأولويات ولاسيما في أوقات المحن والأزمات.
نعيش على هامش الحياة  ندورفي  فراغ فكري ، وخواء روحي،  لاقضية توحدنا ، ولا مهمة رسولية  نتبناها فنهبها كل مانملك فتثمر نشوة للروح  ومناعة للجسد من ضغوطات أعباء الحياة.  وندخل عبرها الهناء الى قلوبنا الملأى بالهموم وجراحات السنين ،  ونمسح بها من ذاكرتنا صور الحرمان والجفاف الإجتماعي  حين لم نسمع يوما عبارات الحنان وهمس الثناء ، مررنا بتراكمات كارثية أفرزت نفوسا تتهيأ لتعلب دور المنتقم من أبناء مجتمعه إذا إعتلى منصبا أو أصبح من ذوي الثراء .
غاب مفهموم العمل التطوعي عن حياتنا بسبب عوامل فكرية وإجتماعية ومالية ونفسية ، إنشغالاتنا الإنتخابية وصراعاتنا الدامية جرفت قيمنا الإجتماعية كالتكافل والتراحم والتعاضد، وأصبحنا نتعامل بأخلاق الثعالب ، يفتك بنا داء التنابز الشخصي والمجتمعي.
(يلّا نطّوع ساعة) هي الحل السحري لمعاضلنا الإجتماعية وأزماتنا السياسية وبلادتنا الفكرية وخمولنا الثقافي ، هي ميدان التدريب ومركز التطوير والتلاحم المجتمعي ، هي دواء القلوب وهنائها ، ومرهم النفوس وتزكيتها ، وموقد للشحن الروحي والإرتقاء القيمي لمن يمارسها.
 (يلاّ نطّوع ساعة) خالصة من أجل المجتمع بلا خلفيات إيدلوجية أو دوافع حزبية أو مطامع سياسية أو تخندقات من أي نوع ، فالإنسان في فكر فرق العمل التطوعي هو الهدف ، كما قال تعالى على لسان إخوة يوسف (نميرأهلنا ، ونحفظ أخانا) .
(يلاّ نطّوع ساعة) نُلهم شبابنا فيها أفكار البناء وقاية لهم من أمراض الحزبية الضيقة وعاهاتها الخطرة  عبر نقلهم إلى رحاب التربية الإجتماعية المنفتحة على كل الشرائح دون أحكام مسّبقة أو إسقاطات مشوهة تحرمنا إن إستسلمنا لها من متعة العطاء .
 (يلّا نطّوع ساعة) نقلة حضارية ، وبوصلة فكرية ، ومشروع بنّاء، جزء من سلسلة الأفكار المتتابعة التي جاءت بعد أن نفض الوعاة أيديهم من إجترار الأفكار الفوقية  التي لا تلامس الهموم المجتمعية فتحصنوا بوهج الأفكار التفاعلية ، وهربوا من تقليد بعض الأفكار القاتلة التي تتمدد في فراغنا الكبير.  
 (يلاّ نطّوع ساعة) فكرة قد تقتلها شمس شقائنا الإجتماعي الحارة أوفوضانا الفكرية وتنابزنا بالألقاب أو إنشغالنا بالسيرك السياسي أو قصر نفسنا الميداني أو حداثة تجربتنا أو غيرها من الأسباب، ولكننا على يقين أنها خطوة على الطريق الحضاري المأمول لمجتمع التكافل التنموي الموعود الذي نحلم به جميعا.
النجاح يقوم على دعامتين  ، شخصيية وإجتماعية ، الأولى هي مشروعك الشخصي الذي يتضمن حيازة ماتود من أهداف على مستوى الأسرة والعمل المهني . وهذا وحده لايعد معيارا للنجاح مالم يتكامل مع البعد الآخر المشروع الإجتماعي عبر مؤشرات (كم تنفق من وقتك ، ومالك ومواهبك في خدمة مجتمعك).
هل تشعر بالمسؤولية الأخلاقية ، ويوخزك ضميرك تجاه الضعاف الفقراء / العاطلون / شرائح أخرى ، فتواسيهم بإبتسامك ، بمالك ، أوتحث الآخرين على رعايتهم المادية والمعنوية .
(يلاّ نطّوع ساعة) ضمن فرق العمل ، كلٌ حسب مواهبه وطاقاته المالية والعلمية و……. فنعلم أميّا ونطور موهوبا ، ونرعى البيئة ، وننظف شارعا ، ونرمّم مؤسسة ، ونكسو عاريا ، ونطعم جائعا ، ونداوي مريضا ، ونمسح دمعة مكروب ، ونطمئن خائفا من قسوة الأيام ليتلحف في الحضن الإجتماعي الرؤوم.
(يلاّ نطّوع ساعة) بادر ، ولاتنتظر أحدا ، فأنت نواة  المشروع ، وجذر المؤسسة ، ستذهلك التجربة ، ويبارك لك في عمرك ، ويوضع لك القبول في الأرض ، تجللّك سيماء البهاء ، وتملؤك الشحنات الإيجابية التي تبعث الى الآخرين رسائل تفاعلية تؤكد أنك عضو في فريق البنائين الحضاريين.
فلنجعل من مشروع ( يلاّ نطّوع ساعة) نشيد الصباح في المدارس، ، ومصدر تفاخر العشيرة ، وتزكية مجتمعية لأبناء الحي، ودرجة في التنافس الوظيفي ، وحينها فقط نكون قد بدأنا مشروع حياة جديدة .
إضاءة :  التطوع هو عمل إجتماعي إرادي غير ربحي، دون مقابل أو أجر مادي، يقوم به الأفراد أو الجماعات من أجل تحقيق مصالح مشتركة أو مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين، من جيرانهم أو المجتمعات البشرية بصفة مطلقة. سواء كان هذا الجهد مبذولاً بالنفس أو بالمال . وهو حركة اجتماعية تهدف إلى تأكيد التعاون وإبراز الوجه الإنساني والحضاري للعلاقات الاجتماعية وإبراز أهمية التفاني في البذل والعطاء عن طيب خاطر ( بدون إكراه أو إجبار ) في سبيل سعادة الآخرين . يعبر عنه في بعض المجتمعات كانعكاس لوعي المواطن وإدراكه لدوره في المجتمع وبالتالي انتمائه لهذا المجتمع (من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).

أحدث المقالات

أحدث المقالات