7 أبريل، 2024 10:04 ص
Search
Close this search box.

يقينا.. الأعمار بيد الله ذقت الطيبات كلها فلم اجد ألذ من العافية

Facebook
Twitter
LinkedIn

تيقنت أن الاعمار بيد الله، لحظة أبلغني الطبيب، بوجوب التداخل الجراحي، لإنهاء عارض صحي ألمّ بي.. لحظتها تداعت المواقف؛ مبتهجا بكوني لم أظلم أحداً، ولم أتسبب بضرر عامداً.. ربما سهوا؛ والأعمال بالنيات.
طال مدى البراءة، من سرير النوم، الى صالة العمليات.. يجري العمال بعجلات النقالة، والمسافة تستطيل، حتى يأس ملاكي الحارس، من بلوغها بوابة التعقيم المبالغ بشدته؛ فرفرف بجناحه، طائرا للسماء، يرتقي مدارج الأثير.
الوقت يسبق السادسة فجرا، بثوان، وأنا أسير.. تحيط بي الشراشف والإضاءة الطبية، وحديث أبله مع ممرضة، بينما طبيب التخدير يثقب أديم جلد كفي اليسرى، بمصل مضاد للصحو!
تلحف الممرضة بأحاديث لا موجب لها، سوى تهدئة توتري اللاواعي؛ كي تستجيب خلايا الجسد للبنج… أغماضة ثوان، فتحت عيني بعدها، على كثير ولكن لا أرى أحدا؛ كأنني عدت أدراجي من دون إجراء العملية؛ فمجرد إغماضة رمش، او رمشة غامضة، عجنت الوقت، مثل دقيق مطحون يداف بالماء والزيت والخل والسكنجبيل؛ فأستيقظ، من جري العمال بالنقالة، نحو صالة العمليات، على هدوء طفولتي تضج شقاوة بريئة، في ارجاء الاعظمية.. أتيه في شوارع مدن لم أرها من قبل، مثل دقيق مطحون يذرى في ريح صرصر عاتية!
أعادوني بعد ثوانٍ من توالي السرير النقال، يباري نفسه، للحاق بغرفة العمليات.. أغمض البنج عيني، فإستفقت منه، قبل ان تكتمل نصف إغماضة… كدت أسأل: “لماذا لم يجروا العملية؟ هل أجلوها؟” لولا عقارب الساعة تتأخر عن الرابعة عصرا بثوان، تعيدني الى يقين الإيمان بما أنزل الرحمن: “وقل ما يصيبنا الا ما كتب الله لنا”.
المهم ألا نقدم على الظلم عامدين، وأن نمتلك شجاعة العدول عن الخطأ مقرين، وأن نصحح السهو، من دون ان نتمسك بالضلالة؛ تأخذنا العزة بالإثم.
لحظة إستيقظت مدركا نجاح العملية، بفضل الله، تيقنت من أن العناية الإلهية حاضرة، وأن الحسنة بعشرة أمثالها.. دنيا وآخرة، تدفع بلاء الحاضر، مثلما تضمن جنة الغائب.
فتبارك الله أحسن الخالقين، وجلت قدرته في ان يعطينا دروسا، من أجسادنا.. حكمة الصحة وموعظة المرض، التي لخصها سيد البلغاء.. جدي الامام علي.. عليه السلام، بالقول: “ذقت الطيبات كلها؛ فلم أجد ألذ من العافية”

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب