في بداية مقالنا هذا نود التنبيه الى أننا لا نتقصد الاساءة أو الانتقاص من أي أنسان صاحب مهنة أو تخصص كأن يكون مفكرا أو سياسيا أو رجل دين مثلا طالما أن ذلك الأنسان يعتقد انه يؤدي دوره بالشكل الذي يراه صحيحا وذاك هو حق من حقوقه الانسانية ولا خلاف في ذلك مطلقا ، لكننا نحاول الكشف عن أبعاد سر خطير نعيشه في حياتنا اليومية كعراقيين حالنا في ذلك حال معظم الشعوب الشرقية متمثلا بعادة أو ثقافة الخوف من ( الأنسان ) المتسلط والتي نعتقد انها متغلغلة في فكر وثقافة وسلوك أغلب أفراد مجتمعاتنا الى الحد الذي يمكننا تشخيص هذه العادة المتوارثة
اجتماعيا كحالة مرضية تمثل داءا نفسيا خطيرا له تأثيراته السلبية المدمرة والحاسمة في واقع ومستقل حياة وحضارة بلداننا ، فالفرد الشرقي مثلا ومذ طفولته يتربى في البيت بوسائل اخافته من قبل أبوين يخاف أحدهما الآخر ، ويتعلم هذا الطفل في مدرسة يضرب فيها على يد معلمين يخافون من مديرهم ، كما ان هذا الطفل يثقف دينيا وأجتماعيا لئن يطيع الحكام أو رجال الدين خوفا منهم ، حتى اذا ما شب ذلك الطفل وليجد نفسه فردا في مجتمع تخاف فيه الأغلبية من مجموعة أناس يحملون عناوينا شتى في المال او السلطة او الدين ، بينما يفتقد هو للكثير من حقوقه المادية
مثلما يفتقد لحرية الفكر والتعبير وهو مقيد في كل تفاصيل حياته الشخصية بقوانين دولة او بأحكام وأصول دينية واجتماعية ، ويكون مصيرذلك الشاب التعذيب والسجن والموت اذا ما حاول المطالبة بحقوقه المادية أو بحريته الشخصية كأنسان ، أو ان يرضخ للواقع ويساير ركب مجتمعه خاضعا راكعا صامتا وربما قد يطمح ويعمل بشتى الوسائل ليصبح هو أيضا أحد أفراد النخبة التي يخاف منها الآخرون .
بشكل عام وفي ظل أستمرار معاناة مجتمعات الشرق من سواد ثقافة أو عادة الـ ( خوف ) من الانسان المتسلط فيها لا يمكننا توقع حدوث تطور حقيقي وملموس في المستوى الانساني والحضاري والاقتصادي والعلمي فيها بل ان هذه المجتمعات تشكل وبحكم تطور تكنولوجيا الاتصالات عبئا خطيرا على بقية المجتمعات البشرية ممن هي في مرحلة متقدمة من الازدهار والتطور العلمي والحضاري ، فالمجتمعات الشرقية عموما هي مجتمعات استهلاكية تقودها حكومات فاسدة أو دكتاتورية تقدس ثقافة الـ ( خوف ) منها بينما هي تمارس السرقة والكذب وتنشر الفقر والمرض والتمييز والاقتتال
ولتجعل من هذه المجتمعات محرقة لحقوق انسانها . لا خيار منطقي وعلمي وأنساني بديل عن أن الأنسان خلق لئن لا يخاف من أنسان آخر أيا كان ، فلكل أنسان حريته الشخصية الكاملة طالما أنه لا يتجاوز على حرية الآخرين ، كما له كامل الحرية غير المقيدة في الافصاح عن أفكاره ومعتقداته طالما انه لا يجبر الآخرين على اعتناقها ، وعليه فأن تهديد الانسان الشرقي وأخافته من أجل أن يتخلى عن نيل حقوقه وأشهار أفكاره مقابل ان يضمن له بقاؤه حيا سيعني تحويله الى انسان مشلول الحقوق والارادة وذلك ما يحول المجتمع الشرقي بالنتيجة الى مجتمع استهلاكي مريض بخلوه من
الحرية والتطور والابداع .
ان الـ ( خوف ) من الأنسان الذي يمثل السلطة عند المجتمعات الشرقية ناتج طبيعي لظروف مادية أساسها رغبة نخب مادية أو سياسية او دينية في التسلط على أغلبية المجتمع لاغتنام وسرقة الأموال والثروات باسلوب القوة والتهديد الذي ترسم ابعاده قوانين ودساتير حكومية أو عن طريق سيف تهديد وقصاص يرفعه رجال دين يتحدثون بأسم ( الله ) من أجل اخضاع رقاب المجتمع لأحكام غير قابلة للتغيير حتى وأن كانت غير عادلة وغير منطقية .
يخلو تاريخ كل الدول والامبراطوريات السياسية والدينية في المجتمعات الشرقية طيلة الألفي عام الماضية من اي أنظمة حكم أقرت العدل والمساواة وحقوق الانسان قولا وتطبيقا بالشكل والدرجة التي أستطاع الأنسان فهمها واقرارها في ايامنا الحاضرة ، وبذا يتبين لنا حجم الضرر الذي تحمله الفرد الشرقي طيلة هذه الفترة التاريخية الطويلة نتيجة ما غرز فيه اجباريا من ثقافة أو عادة الـ ( خوف ) من الانسان المتسلط بأعتبار ان هذا الخوف هو حقيقة ثابتة وممارسة أجتماعية صحيحة لابد منها بل يجب التقيد بها دوما .
لقد نجح ( أغلب ) رجال جميع الاديان وبوسائل شتى في جعل معظم أفراد المجتمعات الشرقية يتوارثون عادة وثقافة مفادها ان الطاعة الكاملة لرجال الدين والتخلي عن الحقوق الانسانية والحريات الشخصية هو أمر الاهي غير قابل للنقاش او للتغيير ، وكأن الله يرتضي منع الانسان من التفكير أو التعبير كما يرتضي حرمان الانسان من حرياته الشخصية سيما تلك التي تتطلبها احتياجاته الجسدية أوالعضوية ، أو ان الله يأمر الانسان أن يقاتل أخاه الانسان دفاعا عنه !
سجل تاريخ الشرق القديم والحديث وما يزال صراعات دموية للغالبية العظمى من ذوي الأموال والسياسيين ورجال الدين وهم يتنافسون من أجل الظفر بأطول فترة حكم أو بأكثر عدد من بشر يتم التسلط عليهم ، وكل ذلك تحت حجج أو شعارات الرغبة في تطبيق سنن وتشريعات الله بصورة صحيحة أو تحت شعارات وطنية او قومية أو شعارات الرغبة في تطبيق العدالة وأنصاف المظلومين فكريا أو طبقيا ، لكن الهدف الباطن لأغلب الرأسماليين والسياسيين ورجال الدين كان وما يزال يتمثل في امتلاك مواقع وأدوات القوة والعنف لاخافة أغلبية أفراد المجتمع وليتم سرقة اموالهم وأنتقاص
حقوقهم الانسانية في حين تتمتع فيه تلك النخب المالية أوالسياسية او الدينية بكل ما تحتاجه سرا وعلانية في مجال التعبير او ممارسة الافعال التي تحرم على أغلبية أفراد المجتمع ، ونشير الى ان الزعيم الروسي ( ستالين ) مثلا والذي كان يفترض به انه يحكم شعبه وفق نظرية فكرية واقتصادية وسياسية اساسها الحرية والمساواة دون تمييز طبقي أو قومي أو ديني ورغم انه ساهم ببناء امبراطورية استطاعت ان تنتج وترفد الانسانية بالكثير من ابداعاتها في المجالات العلمية والاقتصادية الا انه أختار طريق العنف والقوة لتطبيق نظريته فكان ان أصبح مثالا يسيء الى
أفكاره ، ووقع في نفس الخطأ الكثير من أتباع هذه النظرية في شعوب الشرق حين أختاروا طريق الدم والعنف لفرض أفكارهم ، ورغم ذلك فاننا نعتقد ان عادة خوف الفرد الشرقي من سلطة الانسان السياسي هي أهون بسلبياتها من عادة تخوف الفرد الشرقي من انسان يدعي سلطة تمثيله لشريعة الله نظرا لأن تأثير رجل السياسة أو رجل الدولة محدود الوقت حيث ينتهي تأثيره سواءا بموته او بانتهاء مدة حكمه او بظهور أنسان جديد يمتلك من المال أو الفكر ما يجعل منه منافسا لتولي الحكم او السلطة تحت اسم سياسي او حزبي آخر ، لكن الانسان الذي يدعي تمثيله لسلطة شريعة دينية
فتأثيره طويل الأمد نظرا لأن رجل الدين هذا يستند بقوته على عوامل مادية كبيرة تتمثل بالموارد الضخمة المتنامية والتي تدرها عليه دور العبادة والموؤسسات الدينية بتسمياتها ونشاطاتها المختلفة والتي هي تحت تصرفه وتصرف من يليه ، ناهيك عن ان السياسي قد يستطيع العمل في مجال آخر في حال ترك منصبه الحكومي بينما يتعذر ذلك على رجل الدين حيث لابد له أن يستقتل من أجل دوام بقاء مهنته التي تجد لها مرتعا خصبا بين أفراد متعبين لا أمل لهم في حماية أنفسهم ونيل حقوقهم الا عن طريق الايمان بالغيب الذي قد يسعفهم بعد أن يرضى رجل الدين عنهم كما يعتقدون .
المجتمعات الغربية كانت هي الاخرى عانت من ظاهرة وجود أثرياء وحكام ورجال دين عملوا على نشر عادة او ثقافة الـ ( خوف ) منهم بأساليب العنف أوتوارث السلطة أو بأساليب أدعائهم تطبيق شريعة الدين ، الا انه ومنذ قرابة خمسة قرون بدأت الأغلبية الغربية محاولاتها الأولى للوقوف بالضد من ثقافة تسلط الأنسان على الأنسان وليبدء الغربيون حياتهم الجديدة التي تدرجت صعودا في مستوى اقرار الحقوق المادية وحرية التعبير والحرية الشخصية للانسان بمرور السنين ورافق هذا الصعود حصول طفرة كبيرة غير مسبوقة في التاريخ البشري في القرن العشرين من حيث مستوى
التطور العلمي والفكري والحضاري بشكل تناسب طرديا مع مستوى تراجع عدد الافراد الذين يعانون من عادة الـ ( خوف ) من الانسان الذي يمتلك سلطة الحكم او الدين وكذا طرديا مع مستوى تنامي حرية التعبير والحريات الشخصية المكتسبة لافراد تلك الشعوب الغربية ، فكان ان أعتمدت ( الديمقراطية ) التي تنصب حاكما ينتخب لمدة محددة ثم تطور الامر ولتعتمد ( الليبرالية ) التي تقر حقوق الأقلية مهما صغرت تماما كما تقر حقوق الاغلبية ، وليكون الاتجاه نحو مجتمع لا مكان للعنف فيه مطلقا ، مجتمع لا ينتقص من رأي وحرية وحقوق أي فرد فيه ، مجتمع لا يشترط ايمان او اقتناع
الكل بأي فكرة او رأي أو معتقد أو تصرف وأنما يعمل الجميع على ان يتقبل ويتعايش كل واحد منهم مع الآخر سواءا اقتنع به أم لم يقتنع ، وهنا نشير الى اننا لا نعني بكلامنا هذا ان أفراد المجتمعات الغربية قد وصلوا الآن لمرحلة الكمال في علاقاتهم الانسانية فلربما ما زال الطريق طويلا الى الوصول الى درجة قد تلغى أو تختصر فيها الكثير من موؤسسات الدولة الى أدنى حال مثلا وذلك حينما تصل درجة التحضر الانساني الى الحد الذي لا يحتاج فيه أفراد هذه المجتمعات الى من يحاسبهم أو يراقبهم أو يحكم بينهم ، تلك الدرجة التي فيها يعمل ويبدع طوعيا كل فرد من أفراد
المجتمع بصفات الدقة والنزاهة والعدل والعفو والرحمة والسلام بعيدا عن صفات العنف والحقد والكذب والسرقة وايذاء الآخرين برغبة منه ودون خوف من أحد من البشر ، وكذا دون خوف من الله ، ليس لكون ذلك الفرد بالضرورة يؤمن أو لا يؤمن بوجود الله وأنما ادركا منه وأقتناعا بعقله ومشاعره بوجوب التحلي بهذه الصفات والافعال ما دام هو أنسانا ، فالأنسان يستحق صفته الكاملة كأنسان حينما يتبع الخير وينبذ الشر بقناعته وأرادته دون خوف أو تهديد تماما مثلما يتمنى هو أن يتصف بذلك الآخرون .
تشير المؤشرات الاحصائية الى ظاهرة تنامي أعتقاد نسب متزايدة من أفراد المجتمعات الغربية بكون جميع الأديان الموجودة على ساحة الكرة الارضية ما كانت ليصدق بها أحد من البشر لو أنها ظهرت في أيامنا هذه ، على أن هذا الاعتقاد لا علاقة له بمسألة تحديد وجود ( الله ) من عدمه ، حيث أن مسألة وجود خالق للكون هي مسألة كبيرة أخرى قابلة لأستمرار الاعتقاد بها والبحث المتواصل عن أسرارها ، وأن الاعتقاد بعدم صحة الأديان لا يعني بالضرورة دليلا عقليا على عدم وجود الخالق وأنما قد تشير ظاهرة الأديان الى أسهل الحلول وأقصر الطرق التي أختارها وابتدعها عقل
الانسان البسيط قبل آلاف السنين لكي يثبت بها وجود الخالق ، وعموما فأن أصحاب كل الديانات المعروفة في العالم ، سماوية كانت أم غير سماوية ، يمارسون كامل حرياتهم الدينية داخل المجتمعات الغربية بأعتبار أن العبادة وممارسة الطقوس الدينية هي من حقوق كل انسان يرغب بممارستها .
عودة الى المجتمعات الشرقية نقول : هناك الكثيرون ممن لا يعتقدون بأن قلة الثروات الطبيعية لبعض دول الشرق كالباكستان وافغانستان والشيشان وكذا لبعض الدول التي انفصلت عن المعسكر الشيوعي نهاية القرن العشرين هي السبب الاساس في تدهور حقوق الانسان المادية والانسانية فيها والى الدرجة التي اوصلت بعض أفرادها لئن يصبحوا أنتحاريين ينشرون ثقافة الخوف من الآخر ، فالانتحاريون يحاولون تقليد معلميهم وذلك بمحاولة اخافة البشرلاخضاعهم وأركاعهم حتى وان كان ثمن ذلك الموت وقتل الابرياء ، فهؤلاء الانتحاريون تربوا على الـ ( خوف ) من رجل الدين الذي
يدعي لهم انه يخاف أيضا من ( الله ) . الأنتحاريون محرومون بالتهديد والوعيد من حق التفكير أو التعبير وكذا من حقوقهم الشخصية في التمتع بالحياة ، وهم بحاجة ملحة للتعبير بصوت عال عن مدى معاناتهم من هذا الـ ( خوف ) الذي يحملونه في دواخلهم وعن ما يعانوه من كبت وحرمان فكري وجنسي لكنهم لا يجدون أمامهم منفذا سوى منفذ قتل أنفسهم وقتل وأرهاب أكبر عدد ممكن من البشر لترتاح أنفسهم وهي تلاقي الله الذي سيمنحهم الحرية الكاملة ويحقق ويبارك أحلامهم الجنسية وليمارسوا تلك الأحلام بلا ( خوف ) منذ اللحظة الأولى لموتهم مع موت أكبر عدد من الناس ، كما يظن
الأنتحاريون أن اعمالهم الأرهابية ستمكنهم من نيل شرف المساهمة في تثبيت ثقافة الـ ( خوف ) من رجل الدين الذي يمثل أوامر الله ، وهنا نضيف القول بأن ملايينا من الشرقيين ممن يقيمون الآن في دول الغرب المتحضرة ما زالوا غير قادرين على التخلص بسهولة من عادة وتبعات ثقافة الـ ( خوف ) من الآخر التي كانوا اصيبوا بها نتيجة توارثها اجتماعيا في شعوبهم الشرقية ، فهؤلاء الشرقيون هربوا من ظلم بلدانهم ليحصلوا على كامل حقوقهم الانسانية في بلدان الغرب المتحضرة الا ان ( أغلبهم ) يحسون دوما بدواخلهم بالفرحة المطلقة حال تعرض أي بلد غربي متحضر لأي نكسة أو
عملية أرهابية نظرا لأن عقلهم الباطن يريد أن يثبت لهم أن داء أو عادة الـ ( خوف ) من سلطة رجل الدين أنما هي حالة صحية مطلوبة يريدها الله ويأمر بها ، كما ان شدة وبشاعة اي عملية ارهابية تحصل في اي بلد غربي متحضر تجعل أغلب هؤلاء المقيمين الشرقيين يتناسون فجأة كيف انهم هربوا من ظلم بلدانهم ومجتمعاتهم وكيف ان البلدان الغربية لم تقصر في حمايتهم وأحتضانهم ومنحهم معظم حقوقهم المادية والأنسانية التي حرموا منها في بلدهم الأم . هؤلاء الشرقيين يجدون صعوبة بالغة في التخلص من موروثهم الاجتماعي الكامن سرا في دواخل شخصياتهم والمتمثل بداء او عادة
الـ ( خوف ) من رجل السلطة ، فهم يحسون في بواطن عقولهم وأنفسهم بلحظات أنتعاش ونصر حال تعرض أي بلد الغربي الى حادث ارهاب لأن ذلك يعطيهم أملا بقرب قدوم اليوم الذي ستخضع فيه كل المجتمعات الغربية مذلولة راكعة لارادة الله الذي يظنون أنه يأمر جميع البشر بالـ ( خوف ) من رجل الدين الذي يمثله على الأرض !
أثبتت الاحداث الاخيرة ان متطوعين من الجيل الثالث لمغتربين شرقيين ممن يقيمون في عدة بلدان غربية متحضرة شاركوا في القتال والاعمال الارهابية التي جرت في كل من سوريا والعراق عامي 2014 و 2015 كما ان عددا من هؤلاء المقيمين الشرقيين قاموا بأعمال ارهابية ضد أفراد ومؤسسات نفس المجتمع الغربي المتحضرالذي يعيشون فيه حاليا .
هناك دول شرقية عديدة ممن تمتلك حاليا موارد ثروات طبيعية هائلة لكنها تعاني من هدر في الثروات أو من عدم الاستقرار الداخلي أو من التخلف المستمر في اقرار الحقوق الانسانية لمواطنيها اضافة الى انخفاض معدل مستوى الدخل السنوي للفرد فيها قياسا الى امكانياتها ، وذلك بسبب جهل وفساد حكامها الذين يتم انتخابهم بحرية تامة ولعدة مرات من قبل ( أغلبية ) أفراد شعوب هذه الدول ولكن وفق مرامي عادة الـ ( خوف من سلطة رجل الدين ) وذلك ما يحصل الآن في ايران والعراق مثلا ، كما نذكر بدول شرقية أخرى غنية بموارد ثرواتها الطبيعية وتتمتع الان باستقرار نسبي
وبارتفاع مستوى دخل الفرد فيها الى مستويات قد تزيد على دخل الكثير من المواطنين في مجتمعات غربية لكن هذه الدول ليست بمنأى مستقبلي عن موضوع حديثنا طالما أن معظم أفرادها يعيشون في شخصية مزدوجة تجعلهم يمارسون ما يمنعون منه من حرياتهم الشخصية سرا أو خارج بلادهم بينما هم يعيشون ويقدسون عادة ( الخوف ) من انسانهم الذي يحكمهم في مناصب الدولة او في مذاهبهم الدينية ، فمثل هذه المجتمعات الغنية الموارد غالبا ما تبقى في فترة استقرار واستهلاك مؤقتة نهايتها ستكون بأنتهاء او توقف موارد ثرواتها الطبيعية حيث ستصاب حينها بنفس اعراض ما تعانيه بقية
المجتمعات الشرقية من نتائج تفشي ثقافة الـ ( خوف ) من انسان السلطة فيها ، وكذا الامر ينطبق على دول شرقية أخرى مثل تركيا وماليزيا واندونسيا التي يعاني جزء كبير من مواطنيها من تجذر ثقافة الخوف من سلطة الانسان فيها ولكن بشكل كامن وقابل للظهور أو الانفجار المدمر الفجائي حال ما تسمح له ظروف عديدة .
هناك دول شرقية أخرى مثل وليبيا وتونس واليمن ومصر وسوريا تعاني داخليا الكثير من الاضطرابات والاعمال الارهابية بعد أحداث الربيع العربي والذي سقطت فيه أنظمة سياسية دكتاتورية ، وكان من الطبيعي ( لولا تفشي داء الخوف من انسان السلطة بين أغلب أفراد شعوب هذه الدول ) توقع ان يرتب مواطني تلك الدول امورهم بسلام من اجل انتخاب قيادات سياسية وادارية كفوءة ونزيهة لادارة مجتمعاتهم الا ان الذي حدث هو ان هذه الشعوب بدأت تتقاتل مع نفسها في حروبا أهلية دامية يقودها مرضى استفحل عندهم داء الـ ( خوف ) وليصبحوا يقاتلون أحدهم الآخر من أجل ان يظفروا
بسلطة المذهب او الحزب الديني الذي يجب ان يخافه ويركع له الجميع وليوؤل الوضع في هذه الدول الى اعادة تسلط حكام فاسدين جدد ، حكام يساندون شرعية ثقافة تقديس الـ ( خوف ) من الآخر داخل مجتمع أغلبيته ترحب بمثل هكذا ثقافة ، مجتمع يسير بنفسه وبارادته نحو الانتحار الحضاري .
ازاء هذه الأوضاع المعقدة والمؤلمة التي تعاني منها معظم المجتمعات الشرقية طيلة أكثر من العشرين قرنا الماضية ولحد اليوم كان من المنطقي ان تعمل المجتمعات الغربية ومنذ بدء قفزات التطور الهائل والغير مسبوق في المجال العلمي والتكنولوجي في القرن الماضي كل ما تراه مناسبا وفعالا حسب وقته ومرحلته لحماية نفسها والانسانية عموما من مخاطر ما قد ينوبها من اعتداء او ارهاب ناتج من تنامي تفاعلات وصراعات وآثار تفشي داء الـ ( خوف من انسان السلطة ) عند أغلب أفراد الشرق، الأمر الذي يكلف هذه المجتمعات الغربية الكثيرمن الخسائر والتضحيات وكذا
اضاعة الكثير من الجهد والوقت والاموال والتي كان من الأجدر الاستفادة منها لخدمة البشرية في مجال العلوم والصحة والبحوث لولا وجود داء الشرقيين ، ورغم كل هذا فان معظم سياسي ومتديني الشرق يطلقون على التحوطات الغربية تسمية ( مؤمرات وتدخلات الغرب ) مثلما يقوم معظم الشرقيون بتبرير المآسي الانسانية التي عاشتها وتعيشها شعوبهم متكئين على عذر وجود تلك ( التدخلات والمؤمرات الغربية ) في اشارة تؤكد عدم قرب موعد الشفاء من داء خطير يصنعونه أهله ليفتك بهم قبل أن يرهب الآخرين .