10 أبريل، 2024 2:42 ص
Search
Close this search box.

يعلّمون الله الدين

Facebook
Twitter
LinkedIn
تجرّأ الناس كثيرا على الدين في عصرنا الحاضر هذا ، لست اقصد الذين اتخذوا غير الإسلام دينا ، فهؤلاء لهم شأنهم إذ اتخذوا دينا نظن انه منحول ويتبعون كتابا تدخل بكتابته البشر ، فلا باس ان يعترض بعض مفكريهم او مثقفيهم او متفلسفيهم او سفهائهم ايضا على بعض النصوص او التعاليم او الأحكام فهي بشرية بعد كل شيء ومصدرها الاصلي بشري ، ولست اقصد ايضا جراة الملحدين او الوثنيين او الوجوديين وامثالهم على الدين فهؤلاء لايؤمنون بدين ولا خالق ولا كتاب ، وقد قادتهم العقول البشرية-التي يعتريها الخلل والنقص والسكر والجنون والنوم والنسيان – الى هذا الفهم للكون ونشاته ،
إنما الذين اقصدهم بمقالي هم الأفراد والجماعات من المسلمين او الذين يعدون انفسهم مع المسلمين ثم يقولون بمقالة الفئات السالف ذكرها ، فهذا يقول “كيف يقبل الله تعالى ونبيه ان يقاتل المؤمنون غيرهم من بني البشر حتى وان اضطهدوا او اخرجوا من ديارهم ، فليس من المنطق ان يكون الدين قويا او  مقاتلا”! ولذا فهو يرى ان ماحصل من حروب او فتوحات او غزوات ليست من الدين بل من فعل المنحرفين عن الدين ومن احكام الفقهاء المتقولين على الله ! حتى اذا وصلوا الى فعل النبي عليه والصلاة والسلام وماثبت من عمله لنفس الأمر وقعوا في مغبة الخروج من الملة او الكذب والتزييف على التاريخ او انكار الحديث ، وتلك النتائج احداها العن من أختها.
فنسوا انه ﴿لوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾
ففي رواية يحيى بن سعيد لحديث ابن عمر قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء ” ثم قرأ ابن عمر : ” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض “،
وقال أبو جعفر : يعني – تعالى ذكره – بذلك : ولولا أن الله يدفع ببعض الناس وهم أهل الطاعة له والإيمان به بعضا وهم أهل المعصية لله والشرك به ، كما دفع عن المتخلفين عن طالوت يوم جالوت من أهل الكفر بالله والمعصية له – وقد أعطاهم ما سألوا ربهم ابتداء من بعثة ملك عليهم ليجاهدوا معه في سبيله بمن جاهد معه من أهل الإيمان بالله واليقين والصبر – جالوت وجنوده لفسدت الأرض” انتهى كلامه ، ولذلك ختم الله قوله ب﴿وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾
و الآخر يرى ان “لا وجه في تعذيب الناس يوم القيامة أو في القبر ، فالبشر يخطؤون والله خالقهم ويعلم ضعفهم ولايمكن له او ربما لايحق له تعذيب من هو جعله ضعيفا لايقاوم الشهوات والمغريات” حتى إذا وصلوا الى الآيات التي تنذر بالعقاب وتؤكد العذاب وقعوا في سقطات التأويل ودخلوا في متاهات التضليل ، واحتاروا كيف يخرجون ،فإما ان يكذبوا القرآن او يعدّلوا لله افعاله أو يقولوا  بدعوى الملحدين ، وهذه الثلاثة أحداها أسوأ من سابقتها و أشرّ، فتناسوا إن الله خالق العباد ومالكهم ولا امر لهم فيما يريد ولا راي لهم فيما يشاء ولا اعتراض عندهم إلا ان يسلكوا الطريق الذي سلكه ابليس اذ حاجج الله-كما ظن- بمنطق النار والطين ، و رأى انه ظلم من ربه و أراد ان يعدل لله أفعاله ، ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ ،
ونسي ان الله خلقه من عدم ولم يك قبل ذلك شيئا فان أعاده مرة اخرى الى العدم فلا منطق في الاعتراض ، ولكنه ﴿أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ ، ولكننا نؤمن ان ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ و ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ ولأن عيسى عليه السلام يدري ويؤمن ان الله أدرى باحوال عباده وبخفايا نفوسهم فقد قال ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ﴾.
وثالث او ثالثة ترى أن لايمكن ان يفضل الله الرجل على المراة فقالت بجواز حكمها وقوامتها بل وسفرها دون إذن زوجها بل واقترحت تعدد الازواج بدعم من حاكمها ، و أخرى ادعت ان الله بعث من الانبياء إناثا كما ادعى المشركون ان الله اتخذ من الملائكة اناثا بل وتمادى بعضهم وبعضهن الى التاويل في الذات الإلهية العلية فعندهم لامعنى ولاحسم في اقوال الله تعالى بآياته “هو الله،،،” او “هو الذي ،،،” أو “الا اله الا هو ،،” او “عليه توكلت ،،، ” فدخلوا في دوامة تأنيث الله ظنا منهم ومنهن ان هذا رد على “تذكيره” ممن يظنون انهم “الذكوريون” ،حتى اذا وصلن الى قول الله تعالى ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ أو لتوبيخه وتهديده سبحانه للمشركين ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ و استنكاره جل وعلا ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً﴾ و ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِىٓ إِلَيْهِمْ ۖ﴾ وغيرها كثير ، وقعوا بين قبول أمر الله ومشيئته في خلقه أو التملص من احكامه وإرادته ويظنون انهم مازالوا على دينه ولم يحيدوا عنه ، وانما  “العقل” هو الذي يقود الى ذلك والمنطق كما يتخيلون ! والدليل هو “ميثاق جنيف” او “اتفاقية سيداو” او مقالة فلان او كتاب فلتان ، ﴿وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَآ أُوْلَٰٓئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ﴾، ويريدون ان يملوا على الله أفعاله ويعلموه من دينهم بما هو أعلم ،
﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾
والحمد لله رب العالمين

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب