لقد شاء الله عندما خلق الكون وما يحتوي من افلاك ومجرات وكواكب و سماء وأرض وما تحتوي من مكونات ومخلوقات جعلها جميعاً تدور حول مركز تستمد منه الطاقة والحركة ، فهكذا المجرات وما يحتوي الفضاء من كواكب فأنها جميعاً تدور حول شموس تأخذ منها الطاقة والحركة بل الحياة ، وهذه المركبات أو العناصر التي تحتويها الكرة الأرضية بل تكوّن الكرة الأرضية فأن جميعها تحتوي على ذرات وهذه الذرات تمتلك نواة موجبة ( بروتونات موجبة ونيترونات متعادلة الشحنة) وحول النواة تدور الألكترونات السالبة ، وقوة التجاذب ما بين النواة ( البروتونات) والألكترونات هو الذي يحدد خواص وصفات المواد الحقيقية ، لأن من خلال مستوى هذه القوة التجاذبية سوف ينتج منه إعطاء أو أخذ ألكترونات من ذرات أخرى وهذه العملية أعطتنا كل النتاجات في كرتنا الأرضية ، بالإضافة الى الطاقة العملاقة التي تمتلكها النواة نفسها التي ينتج منها الطاقة النووية وغيرها طاقات عملاقة . وقد شاءت قدرة الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا النظام مطبقاً في تعاليم دينه العظيم ، فهؤلاء الحجاج في كل عام يجتمعون بالملايين وهم مرددين لبيك اللهم لبيك ويطفون حول البيت كما تطوف الالكترونات حول النواة والكواكب حول شموسها لتستمد منها الحياة ، فهكذا الحجاج يطوفون حول البيت ليستمدون منه الحياة الحقيقية التي بعدها الخلود وهذا الذي لا ولن تعطيه بقية النواتات أو الشموس بل حياتهم وقتية مرتبطة بخالقها ، أما بيت الله الحرام فيوصلك الى الجنان الذي يدخلها يعش الخلود بأمر من الباري عز قدره يقول الله سبحانه وتعالى ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون) …(1) ، وبيت الله الحرام لا يحتوي إلا على شيئين داخله هما الوحدانية ومكان ولادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي يمثل الولاية التي أختارها الله لعباده ، فبيت الله الحرام ( النواة) يحتوي على الوحدانية (المتعادلة) والولاية (الموجبة) ، وهذه الولاية هي التي تجذب كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى الى وحدانية الله الحقيقية التي أرادها الله لعباده ، بل جعل الله سبحانه وتعالى كمال دينه وتمام نعمته وقبوله بأن نتخذ الإسلام كدين نتعبد به إليه بأنجذابنا الى الولاية التي توصلنا الى التوحيد الخالص أو العبودية الحقة لله سبحانه وتعالى قال الله سبحانه بعد بيعة الغدير ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتوا عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ، فهكذا فأن كل العبادات تتجه الى الولاية التي توصلها الى الوحدانية كصلاة والصوم والخمس والزكاة بالإضافة الى الدعاء ، لهذا نلاحظ المسلمون يطوفون حول البيت الحرام لكي يستمدوا منه ما يحيهم الحياة الأبدية ولكن لا يتم ذلك إلا بجذب الولاية الحقة التي أمر بها الله سبحانه وتعالى الى هذه الحياة وإلا فأنه الخسران المبين قال الله سبحانه وتعالى ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )…(2) ، ولا يمكن الوصول الى الوحدانية ومن رضا الله سبحانه وتعالى إلا بالولاية التي أمر الله سبحانه وتعالى بها وأخبر الأمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل أمرها أن تتجه إلى الولاية قال الله سبحانه وتعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) …( 3) ، لهذا فأن طواف الحجاج في حقيقته حول الوحدانية التي هي لب الإسلام و الولاية التي بها تعرف الوحدانية ، لهذا فأن الحجاج يطوفون حول الوحدانية والولاية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة آية 82(2) سورة المائدة آية 55-56(3) سورة آل عمران آية 31