18 ديسمبر، 2024 10:07 م

يطلب مرعاه الجديد معلقاً بأستار المحراب

يطلب مرعاه الجديد معلقاً بأستار المحراب

العراق بلد مليء برجال التضحية، والفداء، والصبر، والصمود، والبناء، وما يشد عزيمتهم التي لن تلين، هو وجود مفاهيم ومقومات النهضة الحسينية، لتسكن وجدانهم وضمائرهم، لذا يعتبرونها بداية الإنطلاق، فعندهم كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.
العراق فيه قيادات كبيرة لم تكن بالإدعاءات، وإنما قارعت الطاغية المقبور، بفعل ماإمتلكته من مؤهلات مرتبطة برؤية، ومنهج، ومشروع، فكانت الشهادة عنوان محرابه، ليطلب مرعى جديداً بعد سنوات الفراق عن بلده، فكان اللقاء أجمل مايكون!
العراق وقف على ساحل بحر لُجيّ، يبحث عن مكنونات هذا القائد الحكيم، الذي مابرحت أسرته تحارب الظلم والطغيان أينما كان، ومرت ملايين الأيام محملة بالمآسي، تجرف حياة العراقيين آملين عودته، لينعش ذاكرتهم بشواطئ الفرح ولوقليلاً.
العراق طريقه لن يكون معبداً بالورود، لكنه لم يستسلم للإرهاب، ولابد من يوم للخلاص، فنهضت القصة من جديد، لأنها أصلاً لم تتوقف أوتنام، فوطنه يعيش بوجدانه، رغم أن رسائل الموت، تدمي قلبه المتلهف للشهادة في محرابه.
العراق عاش أيام الطاغية، بين السلطان والشيطان، واللذين أخذا منا أحلامنا وطموحاتنا، ولم يتركا لنا سوى الدم والدمع، لذلك رفض شهيد المحراب، السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) العيش مع حياة لا يملك حريته فيها.
العراق لحظة الولادة في عام 2003، عاش موتاً مؤجلاً، لكن الأعداء من أذناب الشيطان الأكبر، أرادت القضاء على عالم حكيم وقائد ثوري، لا يكترث لمطامع السلطة والنفوذ، ولن ينفذ أجنداتهم الخبيثة، ويرفض واقعهم جملة وتفصيلاً.
العراق حينما نادى مغتسل الجثث، فإنه رسم مخلوقات نورانية لا يستطيع تكفينها، لأنها أرواح طلبت المجد بصمت وهدوء، ولذلك وجدت في المحراب المقدس مكاناً آمناً مطمئناً، لتعيش نفسه الراضية المرضية، فكتب أبجديته العنقاء بدمه الطاهر.
العراق أيام النظام المقبور أرض ركتلها الحقيقة، وحدود حريتها مرهونة بالقائد الضرورة، الذي يمرر أكاذيبه عبر البوابة الشرقية للوطن العربي، لكن ليث الجنوب الثائر، كان يكتب تأريخ الحكيم الجهادي، ويقتحم أوكار المنحرفين لينتصر أمام أعيننا.
العراق بعقوله المترجلة من خيول الغربة، ناطقة بالحق منذ بدء رحلتها للطاغية، الذي حاول شطب الجنوب من الوجود بطقوسه الحرة، لكن شهيد المحراب برجبه الأصب، تحمل المشاق، وجدد الميثاق، ليتجدد العناق، فالى ربك يومئذٍ المساق.