18 ديسمبر، 2024 9:42 م

يشدو الشّامي صباح فخري: “ يا مال الشّام ”، ويُجيبه البغدادي

يشدو الشّامي صباح فخري: “ يا مال الشّام ”، ويُجيبه البغدادي

مُستهل المقال ذكريات كاتبه قبل مولِد الأخ أبا طارق أياد الزّاملي، مع تقديرنا لجهوده الكريمة
يشدو الشّامي صباح فخري: “ يا مال الشّام ”.. في ربيع عُرس بنات آوى، «دلال شَمالى» ترفع عقيرتها: “ مِن قاسيون اُطِلُّ يا وَطني، فأرى بغدادَ تُعانِقُ السُّحُبا ”، «كارم محمود» يصرخ: “.. وانا صاعِد فوگُ الأهرام، وگُدّامي بساتين الشّام! ”، ويُجيب البغدادي حيدر العبادي: “ أخذنا الشّامي ميشيل عفلق، گُلنه الشّامي يُغنينه؛ تالي الشّامي بَيَّعنه لِياطينه!”، والغاوي نقط بطاقيتو، تسلَملي عينو وعافيتو، على رَأي الرّاحِلة الشَّحرورَة صباح، باللّهجة الشّاميَّة نقوط= نقود توضَع في طاقية، باللَّهجة العراقيَّة كلاو Clown مُغفـَّل شيّمه وخذ عباتو!.. خذ مِن بعرو وفت على ظهرو يابا !.
رفضَ العِراق إيواء الطّائِرات السّوريَّة حمايةً لها مِن القصف الأميركيّ، بعد إيواء إيران للطّائِرات العِراقيَّة حمايةً لها مِن ذات القصف الأميركيّ إبان حرب الخليج، ليرفض العِراق بإرسال الحشد الشعبيّ ظهير جيشِه النظاميّ اتقاءً من عودَة الإرهاب عبر حوض الفرات إلى عُمق العِراق مِن الشّام كما حدَث مِن قبل وهدَّدَ العِراق برفع شكوى إلى مجلس الأمن ضدَّ (مال الشّام) نظام البعث الحاكم في عاصِمة مولِدِه في مقهى الرَّشيد الصَّيفي في دِمَشق الشّام في مِثل هذه الأيّام مِن نيسان 1947م، بعدَ تخلّص العِراق مِن تجربة طاعون إرهاب البعث الوافد المريرَة، عبر حوض الفرات، رفض العِراق إعادَة إنتاج الطّاعون، لأنَّ تجريب المُجرَّب حَماقة، وقَبل العِراق البارحة بقصف طائِراتِه لتنظيم داعش على الشَّريط الحدوديّ العِراقيّ السُّوريّ، بخلاف ظنّ الكاتب السُّوريّ الرّاحِل مَطلع العام الجّاري غسّان الإمام، في آخِر مقالَةٍ له عبَّرَ فيها الرّاحِل الإمام عن نفـَسِه الطّائِفيّ المِهَنيّ في صحيفتِه «الشَّرق الأوسط» اللّندنيَّة السَّعوديَّ، جاء في تلكُم المقالة المأجورَة الأخيرَة [الثلاثاء- 14 شهر ربيع الثاني 1439هـ 02 كانون 02 يناير 2018م رقم العدد 14280]:

“ تم إنشاء معابر على الحدود السورية – العراقية، لتسهيل عبور الميليشيات الشيعية إلى سوريا. والقادمة من إيران. وأفغانستان. والعراق. أما الحدود مع لبنان، فتكاد تتلاشى باحتلال قوات «حزب الله» لمعظم منطقة القلمون الممتدة من وسط سوريا إلى الجولان. وإجلاء معظم سكانها التقليديين من السنة إلى إدلب. وتسهيل إجراءات مغادرة سوريا إلى المهاجر الأميركية. وتشكل سوريا منطقة إغراء جغرافية بديلة للتخمة السكانية في إيران. فهناك مناطق زراعية مروية بالأنهار (الفرات. العاصي. بردى). وأخرى بمياه الأمطار (الساحل. إدلب. القلمون. الجولان. وربما سهل حوران في الجنوب بين دمشق والأردن). وتم احتلال معظم هذه المناطق وإجلاء المدنيين إلى محافظة إدلب (التي بدأت ملامح حملة نظامية لاستعادتها من التنظيمات السنية المتزمتة). وهناك إغراء كبير لإيران لإقامة مستوطنات سكانية شيعية في سهل الغاب، قبالة مدينتي حماة وحمص (السنيتين) ”.

البعثُ الإرهابيُّ الوافِدُ مِن دِمَشق إلى شقيقتِها الشَّقيَّة به بغداد، بقطار أميركيّ، نفضَ بضاعتِه الفاسِدَة في (المَحطَّة العالَميَّة) في نكبة 8 شباط الأسود 1963م، وفي 8 آذار 1963م تسلَّط البعث على عاصِمة مولِدِه دِمَشق حتى اليوم، رَئيس الجُّمهوريَّة العربيَّة المُتحِدَة بإقليميها الشَّماليّ سوريا والجَّنوبيّ مصر (جمال عبدالناصر) أمّمَ قناة السّويس والصَّحافة في آنٍ معاً.

وباسم شِعاره: حُرّيَّة اشتراكيَّة وَحدَة، وباسم شِعار «البعث» وَحدَة حُرّيَّة اشتراكيَّة، أغلقَ كُبرى صُحف الشّام، مِثل «الرَّأي العام» و«النصر»، وأرسل كبار رجالها، مِثل وديع الصّيداوي إلى سجن المَزّة الدِّمَشقيّ، واستبدل بكل شيء صحف الأهرام، جُمهوريَّة، آخر ساعة، على نهج العصر السُّوفيتيّ الغابر: لِصالِح رأي أوحد!. جيل الصَّحافة الأب تقاعد. والجيل التالي توزع في معظمه على صحف الوَطَن العربيّ في الكويت ولبنان ومصر.

غسان الإمام كان من أبرز هؤلاء. بدأ أولاً في بيروت، وعندما اشتعلت الحرب وانتقلت الصّحافة إلى باريس، نقلَ خدماته معها، وعندما أُغلقت مَجَلَّة «الوطن العربي» في باريس، كانت خضراء الدِّمَن صحيفة «الشَّرق الأوسط» تنتظر قلمه في لندن. ومن باريس موطن وحدته ومنفاه السياسي، راح يرسل المادة التي تميَّز بها على الدوام: المقال الثري بالمعلومات والاستعادات والثقافة. وقد أضافت باريس إلى ثقافته العربية المهنية بُعداً جديداً، إذ أخذ يهتم بشؤون أوروبا وآدابها. حاولَ نظام انقلاب البعث السُّوريّ إقناعه بالعودة إلى دِمَشق متناسياً كتاباته المُعارضة، لكنه فضل البقاء في الخارج.

يشهد زَميل له: لا أستطيع القول كيف كان نمط حياته لأنني لم ألتقه مرة واحدة في أي مكان. فقد أدركتُ أنه يعيش بلا حياة اجتماعية، ولم أشأ أن أتطفل على وحدته. كما أنه كان لا يحضر أيّ مُؤتمر أو أيّ مُنتدى، مُتابعاً شؤون الوَطن والأُمّة مِن بُرجه المُغلَق. حتى صورته بالأبيض والأسود في الجريدة لم يغيرها، فظلت الصورة الوحيدة التي لا تعترف بعصر الألوان، لكنه كان مُطلعاً على آخر ما في العُلوم والأفكار. وكان عندما لا يجد موضوعاً أُسبوعياً سياسياً مُناسباً، يلجأ إلى مخزونه الثقافي والعِلمي، مخافة أن يكرر، أو يبتذل. وطوال ثلاثين عاماً لم ألحظ أنه استخدم عبارة مُبتذلة برغم التشدد في مواقفه. ولم يثقل على قرائه بالنوافل والرّخويات.