23 ديسمبر، 2024 9:32 ص

يشدنا الحزن ،  يؤلمنا الجرح ، ليكن هدفنا واحد

يشدنا الحزن ،  يؤلمنا الجرح ، ليكن هدفنا واحد

لا حل للأزمة السياسية في العراق المعقدة سوى الحوار والتلاقي والنقاش، سيما وأن بلدنا يمر بفترة حرجة  في هذه المرحلة من الزمن  وتحيطه سلسلة من البراكين التي تصيب الدول المجاورة له ولم يكن بعيداً عنها ”وهو يتعافى الان وعلى ابواب تحرير كل شبر من ارضه التي دنسته عصابات البغي والاجرام ،
أن الأصل في المجتمعات مثل مجتمعنا  هو التنوّع والتعدُّد والتعايُش والحوار في إطار من الوحدة ولكن الطوعية وليس القسرية. على شرط ان تمتلك مهارات وقدرات على تسيير تنوعها  فى ظل احترام الخصوصيات  .. التعليم .. الثقافة .. الاقتصاد.. العدالة ..الإنصاف.. التشاور … فالتعايُش يحافظ على كينونتهم ووحدة المجتمع ويساهم في التفاعل البنّاء فيما بين المكوّنات الاجتماعية ، ديناً ومذهباً وقوميةً، ويجنّبهم الكثير من الصراعات الخفيّة أو العلنية ، والتعايُش بهذا المعنى يمثل الاعتراف المتبادل والاحترام والجهد والمسؤولية المتبادلة بين مختلف المكوّنات والتعدُّديات في الانتقال من حال المواجهة إلى حال أرقى من حيث النوع والحضارة والسلام، ومن شأن ذلك أن يحافظ على استقرارهم من الهزات الاجتماعية والسياسية.
فالمكونات التي تعزز تعدُّدياتها الثّقافيّة بسياسات رشيدة واعتراف متبادل فيما بينها ، هي أكثر استقراراً ووحدة. فهل نعي هذه الوصفة الذهبية؟
الحوارالطريق الاسلم والاسلوب الامثل والوحيد الذي يوصل الشعوب الى وضعها المستقروتزول الفوارق بين مكوناتها فتحل المشاكل من خلال الاعتراف بالاخر والتمسك بالمبادىء الصحيحة المقبولة عندها، والسير في طريق الحق والخير لايصال الانسان الى حقه ، نحن اليوم بحاجة الى هذا الطريق الحواري المعترف به عند الاطراف كافة ، لذلك على الجميع ان يسمعوا صوت العقل والالتزام بالخيارات الجيدة التي تنصف الناس في حقوقها وواجباتها، وتتصف  بالخير والمحبة لا تزمت فيها ولا غلظة ولا خشونة ، بل هدوء وعقلانية ومحادثة وبحث لوضع الحلول المنهجية والسليمة والصحيحة لخدمة كل المجتع وافراده وتحقيق مصلحته وحقه في العيش الامن بكرامة وسعادة وراحة بال وهدوء واستقرار .
على القادة السياسيين أن يعودوا إلى رشدهم وليوقفوا الانحدار والتخبط الذي يسود الدولة ويختاروا الصواب والحكمة ، وأن يفكروا بمصالح الناس والشعب وبمستقبل هذا البلد”. كفى انزلاقاً وارتزاقاً على حساب دمه ، فكروا قليلاً بضيمه ومعاناته ومحنته ،  إن حالة الجمود السياسى وفقدان أى رابط للتواصل مابين القوى السياسية والمجتمع وصناع القرار وغياب الاطراف الخيرة الساعية لانهاء الصراعات ، لن ينضح عنه سوى مزيد من الاضمحلال والتقهقر الى الوراء والتجاذب السلبى الذى يشغل الوطن والمجتمع ليس إلا معول للهدم وعصى في عجلة  تطوير افكار التنمية  فى المجالات المرتبطة  بالحياة اليومية للمواطنين، ويحد من إشباع رغباتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم فى إطار بناء دولة تقوم على العدالة وقيم المواطن . الحوار مدخل مهم لحل الازمات فالكل اليوم نعيش في ظل ايام صعبة والطروحات الشائكة الفردية التي لا تجدي نفعاً .
الجلوس على مائدة الحوار يمنح  قدرة فائقة  فى مجال التفكير الجماعى الذي تشارك فيه كل الجماعات  المنتمية فكريا مما يساهم فى تكاثف الأفكار التى تقود محصلتها  فى النهاية إلى  بلورة وعي جماعي  تنتج عنه خلاصة توافقية  تقدم حلولا لكل المحاور المطروحة للنقاش الجمعي الصائب والمقتدر . 
كما انها ضرورة وطنية لحفظ وحدة واستقرار العراق المهدد من الداخل والخارج وعلى الافرقاء السياسيين الكف عن المشاحنات والخطابات السياسية والتضليلات الاعلامية المتشنجة لانها تسهم في خلق اجواء ومناخات تزيد الامور تعقيدا، والمطلوب نزع فتيل التشكيك بالاخر والعمل معا لخدمة الوطن وحمايته واستمرار استقراره السياسي والامني .
على السياسيين الابتعاد عن التصعيد في الشارع ، فالجميع جرب الشارع وما يستحضره من نزاعات ونكبات وويلات ، فالشارع ليس المكان المناسب لحل الخلافات في ظروف تكالبت عليه قوي الشر للنيل منه تحت مسميات عديدة مثل داعش والقاعدة والبعث المجرم واتضحت ابعادهم الرامية الى تمرير المنهج الاجرامي فهم بلا شك داء العصر وينبغي لنا بيان شرهم للعام والخاص.
ونحن اليوم نعيش بسببهم اياما صعبة ونمر بازمات شائكة علينا ان نتنحى عنها بالوقوف معاً بوجه هذه الهجمة الغير انسانية  وتضع امام اعيننا الحلول التي تحمي الناس وتوصلهم الى مصالحهم واهدافهم، و الاعتصام بالمبادىء القويمة لنكون خير امة اخرجت للناس تأمر بالعروف وتنهى عن المنكر، فنكون امة خير ومنفعة ونبتعد عن الظلم والبغي والشر لان هذه الاعمال الشيطانية هي التي تؤدي بنا الى الهلاك ، وعلينا ان نتجنب طرق الشر ونتمسك بالحلول المستقيمة العادلة .
الحوارات شئنا أم أبينا هي التي تعبر عن جسر من جسور التواصل والتفاهم بين كل المكونات السياسية في هذا البلد، وهي التي كان بإمكانها أن تضع المخارج وتهدي السبل . وليس هناك من لايدرك أهمية الحوار باعتباره أداة انقاذ فاعلة فى مجال تقريب وجهات النظر الفكرية الناظمة لأى مجتمع من المجتمعات بكل أبعادها و تنوعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي،  ويتيح الحوار فرصا كثيرة لكبح جماح التوتر والضغط ” بل يساهم وبشكل أكبر فى ترتيب الأوليات من اجل ازالة الإشكالات المتعددة المعوقة وفق ما  تستدعيه الظروف ” وبعيدا عن التقوقع حول الذات وتجاهل تجاذبات الواقع وما قد يفرزه ذلك من انغلاق وانعزالية، وضغط  قد يتحول فى مرحلة من مراحل التراكم إلى انفجار سياسى أو اقتصادى أو اجتماعي بالإمكان تفاديه بمنطق الحكمة والتعقل والقراءة الجيدة للأحداث.
أننا بأمس الحاجة إلى استعادة زمام المبادرة في الحوار، ان الحوار الذي لاتشارك فيه كل الأطراف السياسية ستبقى نتائجه  محدودة الفعالية والتأثير ولن يكون سوى مضيعة للجهد المعنوى و المادي ،
ولعل  التجارب  الحوارية السابقة  أقوى دليل على ذلك ، فهى لم تساهم بما فيه الكفاية  فى جمع أكبر قدر ممكن من الاطياف السياسية  المختلفة رغم أهمية نتائجها  ورغم ما ساهمت به من حلول سياسية
ومن تخفيف للضغط السياسي ولكن وفقا لقواعد وشروط الحوار السليم الحريص على سلامة الامة وبالتالي نحن لا نريد حوارا من أجل الحوار فقط . وإنما المضمون الذي تشتمل عليه هذه الطروحات وقربها من الواقع 
بالتالي علينا إذا كنا فعلا حريصين على وطننا، أن نتنازل لبعضنا البعض، وأن نتقدم خطوة إلى الأمام، وأن نتراجع قليلا إلى الوراء اذا ما كانت هناك مصالح عليا ، وهذا ليس ضعفا ولا جبنا ولا خوفا، ولكن ان كانت المصلحة الوطنية تقتضي ذلك، فينبغي علينا أن نتفنن في إيجاد هذه االحلول من أجل المصلحة الوطنية، ومصلحة الشعب بشكل عام لان جرحنا جرح واحد، وأن دمنا دم واحد، وأن حرفنا حرف واحد،  وأن وجعنا وجع واحد، وأن وطننا الحبيب العراق هو وطن واحد” يشدنا الحزن يؤلمنا الجرح، لكن جراحنا ورود، والبراعم التي نغرسها في ثرى العراق الطاهر هي ربيع الحياة، لأن فضاءنا الحضاري أعمق وأبعد غوراً لأننا أبناء الحياة، والنور لأن العراق كان وسيبقى الحقل والشجر والماء،