22 ديسمبر، 2024 9:51 ص

يسير اللصوص في الطرق آمنين

يسير اللصوص في الطرق آمنين

منذ عام 2004 تتكرر كل يوم نغمة النزاهة والسرقة على أفواه المواطنين واينما تحل اقدامك في كل بقعة من أرض البلاد لا تفل عن مسامعك تلك الصيحات المشحونة بالعصبية بوجود فساد كبير وصفقات تصل الى ارقام فلكية ,حتى سئمنا من كل أنسان يتكلم معنا في هذا الخصوص دون احداث تغير في الواقع , والغريب في هذا الموضوع أن الجميع ولا احدد فئة معينة تجيد الانتقاد اللاذع وتخيلت نحن مقبلين على ثورة تغير جذرية وتصحيحية ستقلل من وطأة التجاوز على المال العام ليتم توزيع الثروات بشكل عادل ويعم الرفاه بين ابناء المجتمع وتتكافأ الفرص , الا ان هذا الكلام كان يدور في حلقة مفرغة واصبح ترنيمات من الماضي يرددها الناس للتخفيف عن الضغط وبقى السارق والفاسد لا يهتم لما يقال كون اتخاذ القرار بالمحاسبة خجول لا يرتقي الى عقوبة توقف السارق والفاسد عن تكرار جريمته , مما شجع العديد من ضعاف النفوس من الموظفين في دوائر الدولة وخاصة في الدوائر الخدمية التي يكثر فيها مراجعة المواطن لقضاء مصالحه الشرعية وبعض الضباط الكبار في الاجهزة الأمنية والذي اصبح حالهم في تصاعد بياني كبير دون أن يتعرضوا لمُسألة من أين لك هذا ,فإن ذكرت بالاسم فلان انه سارق من خلال معطياته اليومية وتغير نمط سلوكه وحياته المعيشية سوف تقاضيك العشيرة ويصلك التهديد بحرق البيت او دستور العشائر النافذ في هذه المرحلة ان يكتب بالخط الاحمرعلى باب دارك مطلوب عشائريا وقد التبس على الراي العام تلك الكلمات الموسمة على الكثير من جدران البيوت اضافة الى الدكة العشائرية ولازالت منتشرة بكثرة دون وضع حد لها , ومن خلال متابعتي للحوارات وما تبثه بعض القنوات الفضائية يظهر شخص محلل او معارض للسلطة يتهم فيه أن( س ) من الناس سرقة مبالغ من المال واليوم اصبح عضو في البرلمان والاخر زور شهادته ليشغل مكان رفيع في احدى الوزارات ورئيس الكتلة الفلانية يدافع عن اخر وهذه النغمة المتكررة والاتهامات لاتسمن ولأتغنى في تغير معادلة ومحاربة الفساد , ويعتبر الفساد السياسي ظاهرة يصعب السيطرة عليها لما لها من جذور تتخللها رؤوس كبيرة تحرك الملفات في أي لحظة من اجل المساواة والاستمرار لتحقيق مآربها وكما قيل أن اكبر المفسدين يعدون من أقوى الشخصيات واكثرها تأثير في تغير القرارات داخل المجتمع لهذا تراهم يتجولون كيف ما شاؤوا , يقول الكاتب جوناه بلانك في مقال نشرته مجلة ذي أتلانتك الأميركية إن من المرجح أن قرار إندونيسيا إنشاء هيئة مستقلة للتحقيق مع السياسيين المتورطين في جرائم فساد ومقاضاتهم، قد أتى أكله بالفعل. علما أن الفساد كان متفشيا في أندنوسيا وفقا للتصنيف الأولي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 1995 بشأن مظاهر الفساد في الدول، فقد كانت إندونيسيا الدولة الأكثر فسادا. أما في العام 2018، فاحتلت المرتبة 89 من أصل 180 دولة، وهي المرة الأولى التي تظهر فيها في النصف الأقل فسادا من القائمة. وهل يستطيع العراق والعراقيون ان يخلعوا رداء الفساد وتشكل لجان على غرار ما شكلته دول لاجتثاث الفاسدين بجرأة وقوة ونتخلص من القال والقيل وهو يلازمنا في كل مناسبة وتجمع أن نصدح بحناجرنا فيما بيننا دون ان نشكل تغير على المستوى العام , ونستثمر ما ضاع من عمر البلاد لأكثر من تسع عشر عاما ومعها ضياع الاخلاق ودخول أعراف وثقافات دخيلة على مجتمعنا وانحرفت بسلوكه نحو الانحدار اصبحت عملية إنقاذ البلاد تحتاج بالفعل الى خطوات شجاعة وجادة ولا تخلوا التضحية في هذه الظروف من نزف دماء طاهرة وتظافر جهود الشرفاء والمخلصين في هذا البلد ونبتعد عن ظواهر الثرثرة والاتهام في كل حدب دون ان نقف بحزم وشدة فنحتاج الى عمل بصمت دون التفوه بالخطابات الرنانة , فا لبناء يحتاج الى ايادي بيضاء نقية والتخريب والتعطيل يصدر من لسان جامد , واختتم مقالتي بهذه الكلمات الصادقة (لي كوان يو) أول رئيس وزراء لسنغافورة أثناء ثورته على الفساد ووصفه ( حينما يسير اللصوص في الطرقات أمنين, فهنالك سببين فأما النظام لص كبيرا ! ,, أو الشعب, غبي أكبر ! .